هل حقا 40 بالمائة من الأجانب في فرنسا غير نشطين بسوق العمل؟
١٣ فبراير ٢٠٢٣في خضم نقاش حول قانون الهجرة، صرحت البرلمانية ورئيسة التجمع الوطني (أقصى اليمين) مارين لوبان خلال مقابلة تلفزيونية على قناة فرانس إنفو، يوم الأربعاء الأول من شباط/ فبراير، أن "40% من الأجانب في بلدنا غير نشطين في سوق العمل. قبل جلب هجرة إضافية، دعونا نبدأ بجعلهم يعملون".
مارين لوبان تتحدث عن "الأجانب" (étrangers)، ووفقا لتعريف المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية "Insee"، الأجنبي هو الشخص الذي يقيم في فرنسا ولا يحمل الجنسية الفرنسية. وبالتالي، الأجنبي ليس بالضرورة مهاجرا، يمكن أن يولد في فرنسا.
ووفقا لقانون الحق في الأرض، يمكن أن تُمنح الجنسية الفرنسية إلى غالبية الأطفال الذين يولدون في الجمهورية لوالدين أجنبيين. لكن يتوجب أن يقيم الطفل في فرنسا عندما يبلغ 18 عاماً، وأن يكون لديه إقامة سارية في فرنسا لفترة متواصلة أو متقطعة لا تقل عن خمس سنوات منذ سن 11 عاماً.
أما المهاجر (immigré)، ووفقاً لـ"Insee"، هو "شخص أجنبي مولود في الخارج ويقيم في فرنسا". ويطلق مصطلح "مهاجر" على هذا الشخص حتى لو حصل على الجنسية الفرنسية.
تتحدث مارين لوبان أيضا عن الأشخاص "غير النشطين" في سوق العمل. الشخص غير النشط هو شخص ليس لديه وظيفة ولا يبحث عن وظيفة، على عكس الشخص النشط الذي يمكن أن يكون إما عاملاً أو عاطلاً عن العمل لعدم توفره. ويحدد "Insee" أن "غير النشطين هم حسب العرف أشخاص ليسوا موظفين وليسوا عاطلين عن العمل، مثل الشباب دون سن 15 عاما، والطلاب والمتقاعدين الذين لا يعملون بجانب دراستهم أو تقاعدهم، والرجال والنساء الذين يقررون البقاء في المنزل (لرعاية الأطفال)، والأشخاص ذوي الإعاقة غير القادرين على العمل".
ومع ذلك، تركز المنظمات الإحصائية في بياناتها عن غير النشطين على الأشخاص "في سن العمل"، أي أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 64 عاما.
هل 40% من الأجانب في فرنسا غير نشطين في سوق العمل؟
لا. وفقا لبيانات "يوروستات"، في 2020 بلغ معدل عدم نشاط الأجانب في فرنسا 33,5%. كما هو موضح أعلاه، يشمل هذا الرقم جميع الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاما. وبالتالي يتم تضمين طلاب الكليات والمدارس الثانوية والطلاب الذين لا يعملون بالتوازي مع دراساتهم في هذا المعدل. وهذه الشريحة من السكان سيكون من الصعب "دفعها للعمل" كما تطالب رئيسة التجمع الوطني.
وحتى إذا أخذنا في الاعتبار عدد السكان المهاجرين، فقد انخفض معدل عدم النشاط إلى 29.8% في عام 2021، وفقًا لـ"Insee".
الأجانب غير النظاميين
نقطة أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار تتعلق بالأجانب غير النظاميين، حيث تشمل هذه الإحصائيات الأجانب في وضع غير نظامي، والذين يُحسبون بنفس الطريقة مثل باقي السكان في إحصاءات العمل، والذين يصل عددهم في فرنسا وفقًا لتقديرات تقريبية، بين 400 ألف ومليون شخص. ومن الجدير بالذكر، أن معظم هؤلاء الأشخاص غالبا ما يعملون بشكل غير قانوني.
وتوضح "Insee" أنه "ينطبق مسح التوظيف الذي يتم من خلاله حساب معدلات النشاط والبطالة والتوظيف، على ما يعلنه الأفراد عن نشاطهم العملي، ولا يُطلب من المستجيبين أي ورقة هوية أو تصريح إقامة أو عقد عمل. ولذلك، فإن الشخص الذي يصرح بأنه يعمل (حتى لو كان في وضع غير نظامي) سيعتبر موظفا بالنسبة لجهات الإحصاء"، وبالتالي ليس "غير نشط". لذا فمن الممكن أن يقوم الأشخاص ممن يعيشون في وضع غير نظامي بالإعلان عن نشاطهم المهني أثناء إجراء الإحصاء، بدافع عدم الثقة في "الجهات الحكومية".
تستخدم العديد من القطاعات، مثل التنظيف أو توصيل الوجبات، العمال غير المسجلين الذين يستخدمون أسماء مستعارة (هويات مزيفة) لممارسة هذه المهن. ربما تم رفض طلب تسوية هؤلاء الأشخاص أو أنهم بصدد التقدم بطلب للحصول على اللجوء، خاصة أنه في الوقت الحالي، لا يمكن لطالبي اللجوء العمل خلال الأشهر الستة التالية لتقديم طلبهم. بعيدا عن كونهم "غير نشطين"، يمكن لهؤلاء المهاجرين غير المسجلين، مثل العمال في "Chronopost"، العمل لسنوات في الظل، وأحيانا في ظروف صعبة للغاية.