هل يجب تطعيم الأطفال الصغار ضد كورونا؟
٤ ديسمبر ٢٠٢١منحت وكالة الأدوية الأوروبية (EMA) مؤخراً توصيتها الرسمية بالموافقةعلى لقاح بيونتك- فايزر Comirnaty ، للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و 11 عامًا ، وقالت في بيانها إن جرعة اللقاح ستكون أقل من تلك المستخدمة لدى الأشخاص الأكبر من 12عاماً (10 ميكروغرام مقارنة بـ 30 ميكروغرام). كما تقوم حاليا وكالة EMA للمنتجات الطبية للاستخدام البشري بتقييم التصريح المحتمل للقاح مودرنا Spikevax للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و 11 عاما أيضا.
ما هي المخاوف بشأن حصول الأطفال على لقاحات كوفيد؟
أدت حالة الوفاة الأخيرة لطفل يبلغ من العمر 12 عامًا من مدينة كوكسهافن في شمال ألمانيا، والذي توفي بعد فترة وجيزة من تلقي الجرعة الثانية من لقاح بيونتك- فايزر، إلى الكثير من التكهنات حول سلامة اللقاح للأطفال والمراهقين.
لكن يبدو أن رواية الواقعة بهذا الشكل فيها نوع من التضليل. لاحقاً، قدمت إدارة المقاطعة في كوكسهافن مزيدا من المعلومات حول الحالة بعد صدور النتائج النهائية لتشريح الجثة، والتي تم تقديمها إلى معهد باول ايرليش (PEI) ، الهيئة الفيدرالية الألمانية للقاحات والأدوية الحيوية. وفقًا لبيان المعهد الألماني، كان الصبي يعاني من حالة قلبية خطيرة بشكل خاص. وقال المعهد في التقرير: "مع الأخذ في الاعتبار النتائج الطبية الشاملة، لا يمكن اعتبار التطعيم هو السبب الوحيد للنتيجة القاتلة".
وفي أحدث تقرير للمعهد، أدرج PEI خمس حالات مشتبه بها حتى 30 سبتمبر/ أيلول بين المراهقين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و 17 عامًا فيما يتعلق بالتطعيم بلقاح بيونتك- فايزر. كان ثلاثة منهم على الأقل يعانون من ظروف صحية خطيرة مسبقًا، وفقًا لتقييم معهد باول ايرلش.
البروفيسور يورغ دوتش، مدير عيادة طب الأطفال والمراهقين في مستشفى جامعة كولونيا ، قال لـ DW عبر البريد الإلكتروني: "لا يوجد دليل على أن اللقاحات يمكن أن تقتل الأطفال. في الواقع، في ألمانيا، توفي أربعة أطفال في ارتباط زمني بتلقي اللقاح، لكن أياً من الوفيات لم تكن مرتبطة بالتطعيم نفسه ".
هل الأطفال "ليسوا عرضة" للإصابة؟
تستمر التغريدة أعلاه في الادعاء بأن "الأطفال ليسوا في خطر" من المرض نفسه. لكن هذا غير صحيح. في تقريرها الأسبوعي الأخير حول المرضى والوفيات ، ذكرت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) أن "كوفيد-19 يمكن أن يؤدي أيضا إلى نتائج خطيرة لدى الأطفال والمراهقين".
ويؤكد موجز علمي أصدرته CDC أن الأطفال والمراهقين يمكن أن يصابوا بـالمرض ويمرضوا بل وينشروا الفيروس. بالنظر إلى الأرقام حتى شهر مارس/ آذار من هذا العام، وجد مركز السيطرة على الأمراض أن المعدلات الإجمالية لعدوى كوفيد-19 والأمراض المصحوبة بأعراض لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 17 عاما كانت قابلة للمقارنة مع معدلات العدوى والمرض لدى البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 49 عاما، وأعلى من معدلات البالغين الذين يتجاوزن الخمسين عاما.
على الرغم من هذه الأدلة ، هناك ادعاءات واسعة النطاق بأن خطر إصابة الأطفال في هذه الفئة العمرية بالفيروس ضئيل وأنهم لا يحتاجون إلى التطعيم.
وفي إحاطة في وقت سابق من هذا الأسبوع، أوضح مركز السيطرة على الأمراض أنه اعتبارًا من منتصف أكتوبر/ تشرين الأول كان هناك أكثر من 8300 حالة دخول إلى المستشفى مرتبطة بـ بمرض كوفيد - 19 في الفئة العمرية من 5 إلى 11 عاما، وحوالي 100 حالة وفاة. شدد مركز السيطرة على الأمراض (CDC) على أن كوفيد - 19 هو أحد الأسباب العشرة الأولى لوفاة الأطفال في هذه الفئة العمرية.
يدعم ذلك شون أوليري، نائب رئيس الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) وأخصائي أمراض الأطفال المعدية في جامعة كولورادو، والذي قال لـ DW عبر البريد الإلكتروني: "أكثر من 6,6 مليون طفل أصيبوا بهذا الفيروس منذ بداية الوباء، وقد عانى الأطفال بطرق أخرى عديدة. يمكن أن يمرض الأطفال من الفيروس، وبعضهم يمرض بشدة".
وفقًا لما نشرته كلية الطب بجامعة هارفارد ، فإن الأطفال الصغار معرضون لخطر الإصابة بالمرض، حتى لو أظهر الكثير منهم أعراضًا بسيطة أو لم تظهر عليهم أي أعراض. يمكن أن يكون الأشخاص الذين يعانون من ظروف صحية موجودة مسبقا أكثر عرضة للإصابة بحالة خطيرة من كوفيد - 19.
مثال آخر على المعلومات المضللة في هذا السياق والتي عادت إلى الظهور مرة أخرى، هو الادعاء بأن 13 طفلاً في جنوب إفريقيا ماتوا في وقت سابق من هذا الشهر بعد تلقيهم لقاح مضاد لكوفيد - 19.
هذا غير صحيح! إذ يظهر بحث عكسي بالفيديو أن الأطفال الذين ظهروا في الفيديو لقوا مصرعهم في الواقع بسبب تدافع في كينيا عام 2020.
هل يمكن أن يسبب لقاح الأطفال التهاب عضلة القلب؟
هناك ادعاء آخر تم تناوله وهو أن إعطاء الأطفال لقاحًا مضاداً لكوفيد-19 يمكن أن يسبب التهابًا حادًا في عضلة القلب وجلطات دموية.
لكن الدكتور أوليري يقول إن هذا الأمر أيضاً فيه تضليل: "لقد خضعت لقاحات كوفيد لعملية اختبار ومراجعة صارمة ووجد أنها آمنة. فهي فعالة بنسبة تزيد عن 90 بالمائة مع الحد الأدنى من الآثار الجانبية النادرة. والأعراض الشائعة هي الألم في موقع الحقن، وبعض التورم والاحمرار الموضعي، وأحياناً الصداع وآلام العضلات والحمى.
وأضاف أن "الطفل المصاب بفيروس كورونا هو أكثر عرضة للإصابة بالتهاب عضلة القلب مقارنة بالطفل الذي يتم تطعيمه. ومن المرجح أن يكون التهاب عضلة القلب أكثر حدة مع العدوى ويكون خفيفًا للغاية ومحدودًا بعد التطعيم".
على الرغم من وجود بعض حالات التهاب عضلة القلب وقعت بعد تلقي بعض التطعيمات، فمن الضروري وضع هذه الحالات في سياقها الصحيح. يقول الدكتور يورغ دوتش من مستشفى جامعة كولونيا ويضيف بأن "عدد الحالات هو واحد من كل 16 ألف طفل". "فيما يتعلق بهذا الأمر، فإن خطر الإصابة بالتهاب عضلة القلب مع الإصابة بعدوى كوفيد-19 يبلغ ستة أضعاف. وقد ارتبط خطر الإصابة بجلطات الدم في الغالب بالتطعيم باللقاحات من نوع استرازينيكا AstraZeneca ولا يظهر بشكل شائع في لقاحات mRNA."
هل يجب تطعيم الأطفال؟
هذا الأسبوع ، أطلقت إسرائيل برنامج التطعيم بيونتك- فايزر للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و 11 عامًا ، وانضمت إلى قائمة طويلة من البلدان التي وافقت على لقاحات لهذه الفئة العمرية. وفي وقت سابق من هذا الشهر في الولايات المتحدة ، أعطى مركز السيطرة على الأمراض موافقته لاستخدام لقاح بيونتك- فايزر بعد الحصول على إذن من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA).
جاءت تقييمات الجهتين في أعقاب إعلان شركتي فايزر-بيونتك في سبتمبر/أيلول عن تجربة ناجحة لإعطاء لقاح كوفيد للأطفال في تلك الفئة العمرية. وتم التأكيد على أن اللقاح آمن وجيد ويدفع الجسم لإنتاج الأجسام المضادة للفيروس، وفقًا للشركات.
هل الأطفال أكثر عرضة للوفاة بسبب اللقاح؟
هناك ادعاء آخر ظهر مرة أخرى وهو أن "الأطفال أكثر عرضة للوفاة من خلال لقاحات كوفيد بنسبة 50 مرة أكثر من الفيروس نفسه". جاء هذا التأكيد على لسان مايكل ييدون، وهو عالم سابق في شركة فايزر تحول إلى ناشط مناهض للتطعيم وقدم ادعاءات لا أساس لها من الصحة حول الوباء في مقابلة مع ستيف بانون حليف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على موقعه الخاص "غرفة الحرب War Room".
قال أوليري: "لا يوجد دليل واقعي يدعم الادعاء بأن الأطفال أكثر عرضة للوفاة من خلال لقاحات كوفيد بأكثر مما يفعل الفيروس نفسه. نحن نعلم أن الأطفال يمكن أن يمرضوا بشدة ويموتون من عدوى كوفيد-19".
أفادت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) أنه اعتبارًا من 18 نوفمبر/ تشرين الثاني، توفي ما لا يقل عن 636 طفلاً في الولايات المتحدة منذ بداية الوباء بناءً على المعلومات التي قدمتها 45 ولاية أمريكية وبورتوريكو وغوام. حتى الآن لم تحدث وفيات بين الأطفال بسبب تناول لقاح كوفيد-19 ، وفقًا للتقرير.
يضيف أوليري: "يبني العديد من الأشخاص معلومات خاطئة بناء على التقارير المقدمة إلى نظام الإبلاغ عن الأضرار الناتجة عن تلقي اللقاحات والمسمى (VAERS) ، وهو نظام إنذار مبكر يكتشف المشكلات التي قد تكون مرتبطة باللقاحات. يمكن لأي شخص تقديم تقرير إلى VAERS ، ولكن حتى يتم التحقيق في التقرير المقدم بشكل نهائي، فمجرد تقديم التقرير في حد ذاته لا يعني فوراً تأكيد أن اللقاح تسبب في هذا التأثير الضار".
النتيجة:
في هذه المرحلة ، لا يوجد دليل يشير إلى أن لقاحات كوفيد-19 خطيرة على الأطفال الصغار. لا يزال من السابق لأوانه تقييم ما إذا كانت الآثار الصحية السلبية الخطيرة ستظهر لاحقاً، حيث أن العديد من البلدان بدأت مؤخرًا فقط برنامج التطعيم للفئة العمرية من 5 و 11 عاماً. أما فيما يتعلق بالتأثيرات طويلة المدى، فإن الدكتور يورغ دوتش من مستشفى جامعة كولونيا يرى أنه أمر غير متوقع "لأن الحمض النووي الريبوزي الموجود في اللقاح يتحلل في غضون ساعات أو أيام. وبالتالي لا يمكن أن يؤثر على بنية الحمض النووي البشري."
كما تبدو الأمور ، من الواضح أن مزايا تلقي اللقاحات تفوق المخاطر. في النهاية سيتعين على الآباء تحديد ما يرونه الأفضل لأطفالهم، لكن النصيحة واضحة. إذ يقول الدكتور أوليري: "إن تطعيم الأطفال سيحمي صحتهم ويسمح لهم أيضًا بالمشاركة الكاملة في جميع الأنشطة المهمة للغاية لصحتهم ونموهم. كما أنه سيمكن الأطفال من زيارة الأصدقاء والعائلة بأمان خلال احتفالات العطلة الشتوية".
فابيان شميدت/ع.ح.