هل يشكل تفجير سوسة ضربة جديدة للسياحة بتونس؟
٣٠ أكتوبر ٢٠١٣فجر شخص نفسه صباح اليوم الأربعاء (30 أكتوبر/تشرين الأول 2013) أمام فندق بمنطقة الكورنيش السياحية بمدينة سوسة دون وقوع إصابات، وضبط رجال الأمن شخصا آخر كان يحمل كمية من المتفجرات في روضة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، أبرز معلم سياحي وتاريخي، بمدينة المنستير. ويعد هذا التفجير هو الأول من نوعه في المنطقة منذ التفجيرات الإرهابية التي هزت وحدات سياحية في مدينتي سوسة والمنستير المتجاورتين في شهر آب/ أغسطس عام 1987. كما أنه يمثل الحادث الأول منذ تفجيرات عام 2002 التي استهدفت معبد الغريبة بجزيرة جربة، والتي أوقعت 14 قتيلا و30 جريحاً.
وتخوض تونس اليوم حرباً حقيقية ضد "الإرهاب" وجماعات تنتسب لتنظيم أنصار الشريعة المحظور، الذي يدين بالولاء لما يسمى بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي. واستفادت هذه الجماعات بشكل جيد من مناخ الحرية والفوضى في أعقاب الثورة التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي إلى أن تمكنت من التغلغل والتسلح، وبدأت تشن هجمات ضد رجال الأمن والجيش.
ومع أن حادثة سوسة لم توقع خسائر بشرية أو مادية، فإن حالة من الهلع والصدمة كانت بادية في أرجاء تونس اليوم، ويفسر ذلك درجة الخطورة الكامنة في التحول النوعي للأعمال الإرهابية بتونس من الغابات والجبال والأحراش نحو استهداف المعالم الحيوية وسط المدن ومن بينها الوحدات السياحية.
التأثير على حركة السياحة
وتساهم السياحية التونسية بـ 19 في المئة من الناتج الداخلي الخام وتوفر 60 بالمئة من العملة الصعبة. ومثل هذه التفجيرات إذا ما تكررت، فإنها قد تصيب القطاع، ومن ورائه الاقتصاد المترنح، في مقتل. وقالت سلوى القادري رئيسة المندوبية الجهوية لوزارة السياحة بمدينة سوسة "من المؤكد أن التفجير سيكون له تأثير على حركة السياحة في سوسة، حتى وان كان محدودا". وأضافت سلوى "الحمد لله لم يسجل أي قتلى أو إصابات في صفوف السياح وإلا لكانت التداعيات وخيمة".
وتعد سوسة التي تبعد 120 كيلومترا جنوب شرق العاصمة أحد أهم الوجهات السياحية في تونس، حيث تتجاور العشرات من النزل الراقية على طريق الكورنيش المطل على البحر، كما تتمتع مدينة المنستير المجاورة بمنتجعات سياحية مهمة، فضلا عن مزار روضة بورقيبة التي تحيط بها رمزية سياسية وفكرية واسعة في المدينة. وتقول الإذاعات المحلية الآن إن عددا من السياح بدؤوا بإعداد أمتعتهم للمغادرة. ودفعت تونس ثمنا مكلفا إثر تفجيرات معبد الغريبة اليهودي بجزيرة جربة السياحية عام 2002 والتي أوقعت 14 قتيلا و30 جرحا.
إلغاء عدد من الحجوزات
وأدت حصيلة القتلى آنذاك، وبينها ستة ألمان ونفس العدد من الفرنسيين، فضلا عن التعاطي الإعلامي السيئ مع الحادثة، إلى هبوط ملحوظ في العائدات السياحية وتراجع حاد في السوق الألمانية على مدى السنوات الموالية. وبعد تفجير سوسة اليوم تتردد أنباء عن إلغاء عدد من الحجوزات للفترة المتبقية لنهاية الموسم الجاري. وقالت القادري "سوسة استقبلت حتى شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري نحو مليون سائح. وكنا نأمل تخطي هذا الرقم بحلول نهاية العام لكن الحادث الآن بعثر جميع الأوراق".
وبدأ القطاع السياحي بالفعل يتعافى من تداعيات حادثة قتل النائب المعارض محمد البراهمي وقتل جنود والتنكيل بجثثهم على أيدي إرهابيين في يوليو/ تموز الماضي. وحتى يوم 20 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الجاري، فاق عدد السياح الوافدين على تونس خمسة ملايين و200 ألف سائح، بينما حقق القطاع إيرادات تخطت اثنين مليار و600 مليون دينار، بحسب أرقام رسمية لوزارة السياحة.
الخوف من انتكاسة سياحية
وتخطط تونس لبلوغ رقم سبعة ملايين سائح العام الجاري مقابل 6 ملايين العام الماضي، وتحقيق إيرادات بأكثر من ثلاثة مليار و400 مليون دينار. وتقترب هذه الأرقام من المعدلات العادية المسجلة خلال فترة ما قبل الثورة عام 2010. لكن مع إدراك المسؤولين في القطاع السياحي بأن 65 بالمائة من رقم المعاملات التي يحققها القطاع تسجل عادة خلال النصف الثاني من العام، فإن حدوث أي أعمال إرهابية دموية يمكن أن يؤدي إلى حدوث انتكاسة للسياحة. وحدوث أي انتكاسة جديدة سيؤدي بالنتيجة إلى تراجع الحجوزات وتضرر القطاع الذي يعمل به 400 ألف عامل ولا يزال في طور التعافي من تداعيات الانفلات الأمني بعد ثورة عام 2011.
وقال رضوان بن صالح مدير اتحاد وكالات الأسفار بتونس "سننتظر الأيام المقبلة كيف ستكون ردة فعل الأسواق العالمية، لكن في كل الحالات التداعيات ستكون سلبية". وأضاف بن صالح "ستتأثر الحجوزات بهذا الحادث من دون شك. هذه ضربة جديدة للقطاع". وفي محاولة لاحتواء الصدمة لدى السياح عقب تفجير سوسة قررت وكالات الأسفار تكوين خلية أزمة اليوم لإحاطة سياحها بالأوضاع وقد أرسلت فريقاً طبياً متخصصاً في الطب النفسي لمعاينة نزلاء فندق "رياض النخيل" الذين شهدوا الحادث.
ع.ش/ أ.ح ( د ب أ)