هل يصل المراقبون العرب إلى الحقيقة في سوريا؟
٢٧ ديسمبر ٢٠١١بدأ المراقبون زيارتهم لحمص بلقاء محافظها، ثم قاموا بجولة في المدنية المضطربة التي شهدت مسيرات وتظاهرات اليوم شارك بها ألوف المعارضين المحتجين على النظام السوري. وتثير الأوضاع المضطربة في سوريا وطبيعة النظام الحاكم أسئلة عن جدوى وجدية المهمة التي يقوم بها المراقبون. المعارض السوري بكر صدقي تحدث إلى دويتشه فيله من دمشق مؤكدا "أن المراقبين لا يمكن أن يصلوا إلى الحقيقة مادام يرافقهم أفراد من أمن النظام السوري، هذا النظام يراوغ لكسب المزيد من الوقت ولإحداث مزيد من القمع".
ويذكر المعارض السوري بأنه يجب أن لا يغيب عن الأذهان أن بروتوكول المراقبين هو جزء من المبادرة العربية التي يتضمن بندها الأول سحب الجيش السوري من المدن وفي بندها الثاني إطلاق سراح السجناء والمعتقلين السياسيين. ويضيف بأن النظام السوري "لم ينفذ الجزء الأساسي من المبادرة حتى الآن، وفي رأيي أن الجامعة العربية قد أخطأت في إرسال المراقبين قبل أن ينفذ النظام البندين الأولين للمبادرة".
غياب الإعلام المحايد
ما زالت الأخبار عن الأوضاع في سوريا محصورة في مصادر المعارضة السورية وبياناتها، ومصادر الحكومة وأجهزة إعلامها الرسمية حيث لم تتمكن أجهزة الإعلام الدولية المحايدة والمستقلة من دخول سوريا رغم وعود النظام. المعارض السوري بكر صدقي وفي معرض حديثه عن التغطية الإعلامية للأحداث أشار إلى أن "المبادرة العربية تضمنت في بنودها فتح الباب لأجهزة الإعلام العربية والدولية لمتابعة وتغطية الأحداث، وهذا ما لم يفعله النظام السوري، كما أن وضع المراقبين العرب هو اقرب ما يكون إلى الإقامة الجبرية في فندق بدمشق، والحكومة لا تؤمن لهم سيارات تسهّل تنقلهم، كما أن عناصر من المخابرات السورية ترافقهم باستمرار".
قناة الدنيا التليفزيونية الخاصة المقربة من النظام السوري أشارت اليوم إلى أن وفد مراقبي الجامعة العربية بعد لقائه بمحافظ المدنية توجه إلى حي باب السباع حيث "قاموا بتقييم الأضرار التي سببتها المجموعات الإرهابية والتقوا أقرباء شهداء وشخصا خطفته هذه المجموعات من قبل". وأضافت القناة انه عند وصول المراقبين إلى باب السباع "تجمع عدد كبير من الأشخاص ليؤكدوا أنهم يريدون التصدي للمؤامرة التي دبرت ضد سوريا". ولم يتم التأكد من صحة هذا الخبر من مصدر مستقل.
دويتشه فيله حاولت لمرات عدة الاتصال بالمراقبين أو بغرفة العمليات التي تقودهم في مقر الجامعة العربية بالقاهرة دون جدوى ، لكن ما نقل عن لقائهم بمحافظ حمص أثار سؤالا عن طبيعة المعلومات التي يمكن أن يدلي بها المحافظ إلى الفريق، وهذا ما أجاب عنه المعارض السوري بكر صدقي بالقول "النظام السوري فقد شرعيته في الداخل والخارج، والمحافظ يمثل رئيس الجمهورية الفاقد للشرعية ، كما أن المحافظ من رموز النظام وبالتالي فهو طرف في النزاع وليس طرفا محايدا، ولقاء الوفد بهذا الشخص خطأ، كان يفترض بهم أن يلتقوا بالشعب أو بالمتظاهرين".
"المراقبون في حماية المخابرات السورية"
الأوضاع في سوريا متفاقمة، والأمن يكاد يكون غائبا تماما في بعض المدن، ويقول نشطاء من المعارضة إن عدد القتلى ارتفع في اليومين الماضيين، أي منذ وصول المراقبين. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان اليوم إن قوات الأمن السورية أطلقت الغاز المسيل للدموع على عشرات الألوف من المحتجين كانوا متجهين إلى وسط مدينة حمص. وفي شريط فيديو وصل إلى وكالة رويترز ظهر مراقبان على الأقل ورجلان يرتدي كل منهما سترة برتقالية اللون ويحيط بهما حشد من سكان بابا عمرو ناشدوا الوفد الدخول إلى أحيائهم، وقال أحدهم "ادخلوا إلى الداخل وانظروا ما يحدث في الداخل. لقد ذبحونا والله".
في مثل هذا الوضع المتفجر "يتنقل المراقبون بمرافقة عناصر من المخابرات السورية"، وهذا بحد ذاته يصعّب إلى حد كبير مهمتهم لأنه يمنع الناس من الوصول إليهم بوجود رموز السلطة معهم. ويضيف المعارض السوري بكر صدقي معلقا على هذه الحقيقة بالقول "إن الناس والمعارضين لن يتمكنوا من لقاء المراقبين، لأن مجرد حدوث مثل هذا اللقاء سيقود إلى اعتقال الناس وسوقهم للتحقيق حيث يتعرضون إلى تعذيب شديد. إن عمل المراقبين ملغوم من الأساس، فنحن لسنا إزاء دولة تخضع للقوانين والدستور وما إلى ذلك، والجامعة العربية لا تمتلك خبرة في هذا المجال لأن هذه أول مرة توفد فيها مراقبين للبت في قضية سياسية".
ليس هذا فحسب بل إن المعارض السوري يمضي إلى أبعد من ذلك إذ يرى "أن إيفاد الجامعة العربية لهؤلاء المراقبين أعطى النظام السوري بعض الشرعية. فهو سيقول إننا نفذنا البروتوكول وسمحنا بدخول المراقبين ولكن شيئا لم يتغير. هذه الخطوة لم تغير في سلوك النظام القمعي، بل بالعكس فإنه ازداد شراسة في مواجهة المتظاهرين. كان من المفترض أن يأتي المراقبون من الأمم المتحدة بقرار من مجلس الأمن، لذا، بات نقل الملف إلى مجلس الأمن في هذه المرحلة ضرورة قصوى".
ومن المعروف أن المعارضة السورية شككت بنزاهة رئيس فريق المراقبين العرب إلى سوريا الفريق أول الركن محمد مصطفى الدابي. وهم دللوا على ذلك بأن الدابي خدم في نظام الرئيس عمر البشير مديرا للاستخبارات. الدابي أعلن من حمص أنه عائد إلى دمشق، فيما بقي فريقه هناك بعد أن أمضى يوم عملها الأول. وقال الدابي في اتصال هاتفي مع وكالة أنباء رويترز "اليوم كان جيدا جدا ووجدنا تجاوبا من كافة الأطراف".
ملهم الملائكة
مراجعة: أحمد حسو