هواية من نوع خاص: التصوير في الأبنية المهجورة
٤ سبتمبر ٢٠١٣"ممنوع الدخول – المكان خطر"، عبارة مكتوبة على لوحة خشبية أمام السياج المحيط بمصنع مهجور في مدينة ايبرسفالده. وإلى جانب تلك العبارة المكتوبة بخط غامق هناك عمل فني مزركش: قنبلة صغيرة سوداء مرسومة بعناية وزوج من العيون الداكنة. الضيوف غير مرحب بهم هنا. ولكن يُسْمَعُ صوت ضغط على أزرار. إنه ليس صوت سلاح وإنما صوت آلة التصوير، إذ يقوم أحد هواة التصوير بتوثيق هذا "العمل الفني". "لا تقلقوا"، يقول الدليل السياحي تيلو فيبرز مهدئاً من روعنا. "السكان المجاورون للمبنى يعرفون أننا هنا".
لصالح الشركة البرلينية "go2know" يقود فيبرز مجموعة مؤلفة من 7 نساء و13 رجلاً عبر مصنع الورق السابق. بعض المشاركين قدموا من مدن ألمانية أخرى، ومشاركون آخرون جاؤوا من هولندا واليونان. يريدون التقاط صور للجو الخاص في المدينة. قبل 100 عام بدأ إنتاج الورق في هذا المصنع الذي كان يغذي مدينة برلين بالورق. ولكن عندما تم إيقاف العمل نهائياً في المصنع عام 1994، تداعت جدران المبنى قليلاً وأمسى في حالة سيئة. ولذلك فإن الدخول ممنوع للأفراد، حرصاً على سلامتهم.
عامل الأمن والسلامة
المشاركة في الجولة أندريا تروي كيف أنها كانت كثيراً ما تتسلل لوحدها وبشكل غير قانوني إلى المباني المهجورة التي كانت مفتوحة، وتقوم بتصويرها. ولكن هذا الأمر غير آمن، حيث قرأت أندريا في منتديات الإنترنت الخاصة بهواة التصوير، أن بعض هواة التصوير في الأماكن المهجورة تعرضوا لمخاطر، كما تقول ابنة مدينة هامبورغ.
وبسبب مثل هذه المخاطر، عكف المنظمون من شركة "go2know" على تنظيم جولات جماعية آمنة لهواة التصوير إلى المباني المهجورة. فالمنظمون يحصلون على تصريح رسمي يسمح للمشاركين بالدخول بشكل قانوني إلى المبنى المهجور والتجول بحرية، بشرط اتباع تعليمات السلامة. من يدفع المبلغ المتفق عليه مسبقاً عبر التحويل المصرفي، ترسل له شركة "go2know" عنوان المكان الذي ستتم زيارته وموعد الزيارة، ويكون اللقاء أمام المبنى.
ولوج إلى عالم الماضي
عبر طريق مليء بالأعشاب غير المشذبة، تصل المجموعة مدخل المصنع. سلاحها هو كاميرات وحوامل لها ومصابيح تصوير (فلاش). تلتمع الأضواء بداية في القبو المظلم لمصنع الورق السابق. تحت المبنى لا يزال جدول المياه يتدفق بقوة. مياه هذا الجدول كانت تحرك العجلات التي كانت تشغل آلات المصنع. الهدير يملأ القاعات المقببة صخباً. "هلّا عدتم رجاء، يجب أن نذهب في الاتجاه الآخر"، يصرخ الدليل السياحي تيلو فيبرز حتى يسمعوه.
حيثما وجّه المرء نظره، يرى كل شيء متداعٍ هنا. نوافذ محطمة، جدران آيلة للسقوط، وبقايا سقف، هذا كل ما تبقى من إحدى قاعات المصنع. وفيها أيضاً تشكلت بحيرة صغيرة مليئة بالطحالب، ينعكس ضوء الشمس على سطحها. المشاركة أندريا تأخذ صورة عبثية: رغم كل الخراب في القاعة، هناك لمبة متدلية من السقف ما زالت سليمة تماماً.
هناك أيضاً كتابات غارفيتي في كل مكان في المصنع. كتابات متوزعة على الجدران. رسمت هذه العبارات خلال السنوات الماضية بإنشائه في مشاريع فنية مختلفة.
هواية مثيرة للجدل
إلى جانب السحر الخاص لهذه الهواية وتنوع مواضيع الصور، يندفع الكثيرون للتصوير هنا بحثاً عن الإثارة، فضلاً عن الأهمية التاريخية. عبر الإنترنت يشاركون مع الآخرين صورهم لما تسمى "لأماكن المفقودة". بل وهناك مسابقات حقيقية خاصة بمثل هذه المشاركات، كما يقول فولفغانغ القادم من هولندا: "أنا من هولندا، في نادي تصوير محترف. أطارد بعدستي اللقطات المميزة".
ولكن هناك انتقادات ومصاعب أيضاً، كما يقول الدليل السياحي فيبرز: "يعتبر تعدياً على ممتلكات الغير، في حال دخل المصورون المكان دون الحصول على الإذن من المالك". وأيضاً في مصنع الورق، فإن الجيران يقظون. امرأة تحتج من خلف السياج ضد المشاركين، وتقول لهم ليس لكم الحق في الدخول إلى هنا. بسرعة يوضح لها الدليل السياحي أن لديهم تصريحاً رسمياً. فتنسحب المرأة من المكان.
وبينما كان المشاركون منهمكون بالتقاط الصور، حضر الدليل السياحي خيمة في الخارج ووضع المشروبات الباردة على الطاولة. أخيراً، يرتاح أفراد المجموعة بالجلوس على الكراسي. جزء منهم شارك في جولات تصوير سابقة ويعرفون بعضهم جيداً، والأجواء ودية للغاية. وهكذا يبقى في نهاية اليوم وقت للحديث والضحك.