وثائق فنسن ـ قوانين أوروبية ضد غسل الأموال تفتقر للتطبيق
٢٥ سبتمبر ٢٠٢٠الغضب في أوساط خبراء السياسة المالية في البرلمان الأوروبي كبير. فبعد نشر وثائق فنسن والاتهامات لعدد من البنوك الأوروبية الكبيرة بالمساعدة بغسل الأموال، قالت النائبة البرلمانية النمساوية، افلين ريغنر بأن تسريبات فنسن تكشف بأن البنوك تتجاهل قواعدها وتتفادى قوانين مكافحة غسل الأموال.
وماركوس فيربير، المتحدث باسم الشؤون المالية للكتلة المسيحية الديمقراطية في البرلمان الأوروبي، يرى بأن هناك الكثير من القصور في الاتحاد الأوروبي، ويضيف "يستغل غاسلو الأموال ومساعدوهم حقيقة أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لا تنفذ اللوائح بدقة، ولا تنسق فيما بينها، وبأنه لا توجد رقابة أوروبية بتفويض حقيقي للتدخل".
قوانين صارمة لا يتم تطبيقها
سبق للاتحاد الأوروبي أن أقر خمسة قوانين لمكافحة غسل الأموال، قادت إلى أن جميع الدول الأعضاء أقامت ما يُسمى "وحدة الذكاء المالي" (Financial Intelligence Unit) المعروفة اختصار بـ (FIU)، وهذا النظام من شأنه التحقق من التحويلات المالية المشبوهة. وفي ألمانيا تدير الجمارك هذه الوحدة، لكنها لا تتوفر حسب المتحدثة باسم الشؤون المالية لكتلة الاتحاد المسيحي في البرلمان الألماني، أنتيي تيلمان، على الكفاءات الضرورية وما يكفي من الموظفين.
ودانييل فيري، المتحدث باسم المفوضية الأوروبية قال بشأن وثائق فنسن في بروكسيل بأن المشكلة معروفة للاتحاد الأوروبي وليست جديدة، مؤكدا بأن الحرب ضد غسل الأموال لها "أولوية عالية". القوانين داخل الاتحاد الأوروبي نظريا هي "الأقسى في العالم"، والان وجب تنفيذها على أرض الواقع، كما قال المتحدث باسم المفوضية. وفي موقف تجاه غسل الأموال داخل الاتحاد الأوروبي اشتكت المفوضية الأوروبية في بروكسيل منذ مايو من أن الدول الأعضاء لا تنفذ التزاماتها المنصوص عليها في قوانين مكافحة غسل الأموال بجدية. لذلك تم رفع دعاوى ضد عدد منها لانتهاكها اتفاقيات الاتحاد الأوروبي. في هذا السياق قالت المفوضية ""واضح أننا نريد معالجة هذا التراخي وفرض تنفيذ للقوانين في كافة الاتحاد الأوروبي".
مؤسسة مركزية ضد غسل الأموال
فقط 11 من دول الاتحاد الأوروبي كيفت قوانين مكافحة غسل الأموال للاتحاد الأوروبي مع قوانينها الداخلية، حسب منظمة "الشفافية الدولية". وفي 25 من بين الدول الأعضاء الـ 27 توجد بنوك قامت بصفة متكررة بتحويلات مالية مشبوهة، كما قالت خبيرة الشفافية الدولية في شؤون غسل الأموال، لور بريو في بروكسيل، وطالبت الاتحاد الأوروبي بأن يبذل جهودا أكبر ضد غسل الأموال، مشيرةإلى أنه "سنة بع أخرى نرى فضائح تُستخدم فيها أوروبا كملاذا آمن للجناة وللأموال المسروقة".
وأعلنت المفوضية الأوروبية منذ مايو 2020 أنها ستقترح في بداية 2021 إقامة مؤسسة رقابة مركزية جديدة ضد غسل الأموال. لكن يجب أن تحظى هذه الهيئة بموافقة الدول الأعضاء، وقد يستغرق الوقت سنوات إلى أن تبدأ عملها. وبهذه المؤسسة الجديدة تستجيب المفوضية الأوروبية لطلبات من البرلمان الأوروبي وكذلك منظمة "الشفافية الدولية". وتعتزم المفوضية الأوروبية فرض التنسيق بين "وحدات الذكاء المالي" الوطنية اعتبارا من عام 2021. فالمحققون في شؤون غسل الأموال يجب أن يحصلوا بطريقة أسهل على البيانات والمعلومات وأن يكون تبادلها متاحا.
العمل ضد شبكات عابرة للحدود
وفي بداية هذه السنة حصلت هيئة "رقابة البنوك الأوروبية"، ومقرها باريس على مهام جديدة وكفاءات في مكافحة غسل الأموال. وأشتكت هذه المؤسسة من أنها تستطيع فقط القيام بالتنسيق وليس التحقيق. وتنحصر مهمة هذه الهيئة فقط في حث مؤسسات الرقابة الوطنية، مثل مؤسسة رقابة الخدمات المالية في المانيا، على القيام بعملها.
الخبير المالي البريطاني غراهام بارو أوضح لـDW أن البنوك تنقصها الحوافز لوقف تحويلات مالية مشبوهة، فهناك محاولة عن طريق مؤسسات وطنية للعمل ضد مشكلة دولية تتجاوز الحدود، وينصح بالعمل على المستوى الأوروبي، مشيرا إلى أن وجود مؤسسة لمكافحة غسل الأموال على مستوى الاتحاد الأوروبي من شأنه أن يغير ساحة اللعب"، ويضيف "نحن نحترم الحدود الوطنية، والمجرمون لا يفعلون ذلك. يجب علينا العمل على مستوى دولي مثل المجرمين".
قوائم بلدان مشبوهة
في الأول من أكتوبر القادم تدخل حيز التنفيذ "قائمة سوداء" لغسل الأموال تضم بلدانا يطلق عليها الاتحاد الأوروبي "الخرفان السوداء". فالتعاملات التجارية مع بنوك أو شركات في هذه البلدان تُعتبر مبدئيا مشبوهة. وفي هذه القائمة تُدرج حاليا البهاماس وبيربيدوس وبوتسوانا وغانا وجامايكا وكمبوديا وموريتسيوس ومنغوليا وميانمار ونيكراغوا وبناما وزيمبابوي. وبعض البلدان التي وعدت بالتعاون في مكافحة غسل الأموال شطبتها المفوضية الأوروبية من هذه القائمة وهي البوسنة والهرسك وغوييانا ولاووس واتيوبيا وسريلانكا وتونس.
ولسنوات ظلت قبرص، الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي من بين الصناديق الدولية لغسل الأموال. مئات آلاف الشركات الوهمية "شركات صناديق البريد" التي استُخدمت كمراكز تحويل أموال قذرة لاسيما من مصادر روسية وأوكرانية، كانت مسجلة في قبرص. هذا النموذج التجاري للدولة القزم في البحر المتوسط من شأنه أن يتغير ببطئ. وبضغط من الولايات المتحدة الأمريكية وليس الاتحاد الأوروبي عملت بنوك قبرصية في السنوات الماضية على إغلاق حسابات مشبوهة. وقبرص تراهن على صفقات جديدة بالشراكة مع الشركة الأمريكية إيكسون موبيل في استغلال موارد الغاز الهائلة قبالة قبرص، لكن تركيا تعلن أحقيتها في تلك الحقول الغازية.
بيرند ريغرت/ م.أ.م