وجهة نظر: أوروبا تتخلى عن حقوق اللاجئين وتحصّن قلعتها
٢٥ يونيو ٢٠١٨هل بإمكان المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بعد القمة حول الهجرة في بروكسيل عرض حل على حليفها الحكومي هورست زيهوفر حول إمكانية إعادة اللاجئين إلى إيطاليا؟ الجواب هو كلا. فإذا أرادت تحقيق شيء على هذه الجبهة، فوجب عليها إيجاد حل ثنائي. ونظرا للحكومة الجديدة الواثقة من نفسها في روما ليس بوسعنا إلا أن نتمنى لها كل الحظ.
أكثر من رئيس حكومة أوروبي أعلن عقب المحادثات في بروكسيل أن الاجتماع برمته ليس تظاهرة لإنقاذ السيدة ميركل. لكنهم استغلوا الفرصة لمنع تحول قانوني في سياسة الهجرة.
تأمين أفضل للحدود الخارجية
الجدل حول تأمين أفضل للحدود الخارجية هو منذ مدة جزء من مكونات النقاش حول الهجرة. لكن حدود الاتحاد الأوروبي البرية القليلة في اتجاه الجنوب هي في الحقيقة مؤمنة بصفة جيدة. ويمكن الرفع هنا من مستوى الأسلاك الشائكة ونشر حراس أكثر على الحدود. ويمكن دفع المزيد من المال لبلدان أعضاء كي تقوي جهودها. وتريد مفوضية الاتحاد الأوروبي تعيين 10.000 حارس حدودي لإثارة الانطباع بأن أوروبا محصنة جيدا. وإلى حد الآن يوجد عدد قليل من الدول المتطوعة لتوفير الموظفين والمال.
ويتعلق الأمر في الحقيقة بإغلاق الطريق البحري عبر البحر المتوسط. وإيطاليا طلبت بسفن دوريات إضافية لبلدان أخرى من الاتحاد الأوروبي وتعني بذلك بوجه خاص فرنسا المطلة على البحر المتوسط. والرئيس ماكرون يدعم مبدئيا الحكومة في روما في عدم الرغبة في انتشال اللاجئين من المياه أمام الشواطئ الليبية. فقوى خفر السواحل هناك هي التي يجب أن تتولى المسؤولية عن ذلك وتتلقى في المقابل مزيدا من التجهيزات والأموال.
الحقوق والمراعاة تتلاشى
ولم يعد أحد يتحدث عن قانون البحر والقانون الدولي. وحتى المستشار النمساوي سبستيان كورتس سعيد بالمبادرة الفرنسية. والحقيقة، ومهما كانت النوايا حسنة، فإنه لا يمكن اعتبار ليبيا حقا وبجدية ميناءا آمنا. لكن الجهات المعنية لم يعد يهمها ذلك. والمال الذي يُراد دفعه لليبيا من أجل التموين المفترض للاجئين يُعد طعما جميلا للميليشيات الإقليمية. ويشعر الاتحاد الأوروبي بأنه غير معني بالظروف غير الإنسانية داخل المعسكرات الليبية التي يسودها التعذيب والاغتصاب والقتل. وإشارة مبهمة إلى هيئة إغاثة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة هي الجواب الكامل على التجاهل الأوروبي.
ومخططات إضافية حول معسكرات خارجية مثلا في ألبانيا أو في أي مكان آخر في شمال إفريقيا يتم طرحها حاليا في سرية. ويُذكر بهذا الخصوص أنها اتفاقيات ثنائية وفي أحسن الأحوال متعددة الأطراف بين بلدان معينة. لكن هناك إرادة التخلص بهذه الطريقة من طالبي اللجوء المرفوضين الذين لا تنجح عملية إعادتهم إلى أوطانهم.
الشعبويون يملون التوجه
ورئيس فرنسا يتبجح فعلا بالقيم الأوروبية، لكنه هو أول من يخرقها. مئات الآلاف معتقلون حاليا في ليبيا. وتعريضهم لعنف الميليشيات هو عمل غير إنساني ومخالف للقانون. وهنا يتم إغفال طريق الألم وأسباب الهرب للمهاجرين. فهم لا يُعتبرون بشرا، بل فقط عناصر غير مرغوب فيها يمكن لوزير داخلية إيطاليا ماتيو سالفيني أن يصفهم "باللحم" أو "البضاعة" دون أن يتبع ذلك صرخة غضب. والشعبويون الجدد في إيطاليا سيواصلون توجيه باقي الاتحاد الأوروبي في مسألة الهجرة من خلال دفعهم نحو شعاراتهم المعادية للمهاجرين.
وماكرون ينصاع ويدخل الخط، لأنه لا يريد منح اليمينيين المتطرفين عنده مجالا للهجوم. وينضم إلى ذلك النمسا الشعبوية اليمينية و"رابطة الجنوب" الجديدة، يعني الحزب المسيحي الاجتماعي في بفاريا. والخوف من هذا المحور للشعبويين كبير إلى حد أن غالبية بلدان الاتحاد الأوروبي مستعدة لإلقاء حقوق المهاجرين واللاجئين في عرض البحر. والمستشارة ميركل ليس بوسعها هنا سوى أن تعوي مع الذئاب، إذا أرادت النجاة بجلدها.
باربارا فيزل