وجهة نظر: إيران ..الانسحاب من الاتفاق النووي تهديد خطير!
١٥ أغسطس ٢٠١٧السياسة مليئة بالتناقضات. ويظهر ذلك بشكل جلي في منطقة الشرق الأوسط أكثر من أي مكان آخر. هناك حيث يعرض الرئيس الايراني حسن روحاني من وقت قريب أكبر نجاح سياسي خارجي له منذ فترة ولايته للخطر. ومن المؤكد أن الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم في عام 2015 ليست رغبة روحاني .كما يمكن قراءة تهديداته بالانسحاب من الاتفاق النووي رداً على العقوبات الأميركية المتزايدة على إيران أنها دعوة للحصول على المساعدة ومنع تدهور الوضع إلى حد إلغاء الاتفاق.
إن أعداء الاتفاق النووي كثر، وهم ليسوا فقط في واشنطن وتل أبيب والرياض، ولكن أيضا هناك أعداء للاتفاق النووي في طهران. وأعداء إيران يتحركون بنشاط ضد الاتفاق النووي. والمثير أن النشاط هذا زاد بشكل محموم بعد فوز روحاني بفارق كبير في الانتخابات الأخيرة في أيار/ مايو الماضي. حيث أنه منذ ذلك الحين تعمل المؤسسة الدينية المحافظة، برئاسة علي خامنئي على الحد من جهود روحاني وإحباط مساعيه ومساعي الغالبية العظمى من الإيرانيين نحو التقارب مع الغرب.
وقد استثمر حسن روحاني في بداية ولايته الكثير من إمكانياته السياسية في التقارب مع الغرب والاتفاق النووي. والآن يتم منع إيران من جني ثمار هذا الاتفاق من إدارة في واشنطن التي تواجه طهران بفرض مزيد من العقوبات الجديدة والسعي بشتى الطرق لإفشال الاتفاق النووي والحديث بوضوح عن تغيير النظام في طهران.
العقوبات تطال شركات الاتحاد الأوروبي
سياسة العقوبات الأمريكية أدت أيضا إلى تراجع نشاط الشركات الأوروبية في إيران، بسبب العقوبات من جانب واشنطن. هذا ينطبق بشكل خاص على البنوك والمؤسسات المالية، والتي من دون مساعدتها، لا يمكن للتجارة أن تسير بشكل جيد، لعدم وجود التمويل. والنتيجة النهائية أن يتحول انفاق الشركات الأوروبية من بروكسل إلى واشنطن، بينما يبقى عودة إيران و اندماجها في الاقتصاد العالمي على قائمة الانتظار..
الخطاب العدواني لواشنطن يقوي صقور السياسة داخل طهران وعلى روحاني تحمل نتيجة ذلك. وقد رفع البرلمان الإيراني يوم الأحد حجم ميزانية برنامج الصواريخ والحرس الثوري. وبطبيعة الحال تتوجه أنظار السلطة في إيران إلى كوريا الشمالية، حيث اعتمد كيم جونغ على الردع النووي من أجل الحفاظ على نظام حكمه. بالرغم من قوة الضغوط الخارجية عليه، إلا أن سياسته هذه ناجحة حتى الآن. ولهذا ربما يتمنى البعض في طهران عودة الخيار النووي.
الاتفاق النووي جعل العالم أكثر أماناً
ما هو مؤكد أن الاتفاق مع إيران أصبح ساري المفعول. حيث صادقت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ست تقارير لها على امتثال إيران لخطة العمل الشاملة المشتركة JCPOA. وأصبح نشاط إيران النووي أقل بشكل ملحوظ عن السنوات الثلاث الماضية. وبهذا أصبح العالم أكثر أماناً. ويعدهذا الإنجاز كبيراً، بيد أنه لا يتوقع من الاتفاق النووي أن يحقق أشياء هو لم يخلق لتحقيقها كتوقع تحسن سياسة إيران في مجالات سياسية أخرى : مثلا في سوريا والعراق ولبنان.
ولهذا فمن المهم أن لا يقتصر عمل الأوروبيين على دعم الاتفاق النووي، وإنما أيضا العمل على تعزيز القوى المعتدلة في إيران. تماما كما كان الوضع قبل عشرة أيام، حيث حضرت منسقة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني مراسيم أداء حسن روحاني اليمين الدستورية في طهران.
ماتياس فون هاين / إ. م