وجهة نظر: لا مستقبل للدكتاتوريات العسكرية!
١٣ أبريل ٢٠١٩في العالم العربي تدور عجلة التاريخ إلى الوراء، فالعسكريون يفرضون وجودهم في كل من مصر ومرورا بالجزائر وانتهاء بالسودان. ويقومون بفرض سطوتهم ضد الاحتجاجات الجماهيرية حتى هذه اللحظة. و يخاطرون منذ مدة بوضع سمعتهم على المحك.
لقد دافع الجيش عن استقلال البلاد ودفعوا عنه المخاطر، لذلك كانوا يتمتعون بالثقة، عدا أنهم وجدوا في دول حديثة العهد، ويمكن للناس البسيطة تحقيق تألق اجتماعي فيها من خلال مؤسساتها الفتية.
فاسد ومتعطش للسلطة
لكن كل هذا يبقى ماضيا له بريقه. فالعسكريون جاؤوا بوعد إقامة دولة قوية لتقليص التأخر في التنمية مع الغرب. لكنهم باتوا في العقود الأخيرة متعطشين للسلطة وعفا عنهم الدهر وفاسدين. والجهاز الأمني لم يعد صالحا لحماية البلاد من أعداء خارجيين، بل للسيطرة على المواطنين. والفجوة بين الجيش كرمز للدولة القوية والمجتمع المحروم من التعبير عن رأيه تعمقت وتوسعت. وعلى أساس التفكير في لعبة حسابية بسيطة ـ إذا أعطيت الآخر شيئا، فسيبقى لي القليل ـ لم تعد الدول التي يسيطر عليها العسكر تقدم فرص التألق والمنافسة السليمة.
فالضغط المتولد داخل القدر ازداد إلى أن انفجر للمرة الأولى بداية 2011. وأينما كان الجيش وجهاز الأمن والدولة العميقة ضعفاء، أمكن في دول مثل تونس والمغرب ـ ظهور تعددية اجتماعية جديدة. وأينما يفقد الجيش في المقابل من سلطته ونفوذه كما في مصر، فيظهر استعداده لكل شيء للدفاع عن هرم السلطة وخنق الحريات الاجتماعية.
الجزائر والسودان يستطيعان بعد مضي ثماني سنوات على بدء ذروة الاحتجاجات الجماهيرية العربية أن تستفيدان من تجارب البلدان الأخرى لتجنب ارتكاب أخطاء. والمتظاهرون في الجزائر والسودان يقبلون في الحقيقة الاستفادة من العسكريين في فترة انتقالية لضمان النظام. لكنهم يشددون على أن يكون في اللجان الانتقالية عسكريين بجانب التمثيل المدني.
الساعة المتوقفة في مصر
الأمر الحاسم سيكون مدى الوعي بالمسؤولية الذي سيبرهن عليه العسكريون. فمن خلال مثال مصر نرى كيف يمكن بالقمع بسط الهدوء في بلاد. لكن زمن الديكتاتوريات العسكرية الحديدية قد ولى. وبإمكانها ـ مثل في مصر ـ وقف الساعة. لكن المستقبل ليس في حوزتهم.
راينر هيرمان