وزير التنمية لـ DW: على الأفارقة فعل المزيد من أجل التنمية
١١ سبتمبر ٢٠١٨على قدر من التعاون وقدم المساواة وجب على التعاون المستقبلي بين ألمانيا وأفريقيا أن يسير. لكن هل مع كافة دول أفريقيا؟ ليس بالضروري، كما أوضح وزير التنمية الألماني غيرد مولر في حديثه مع DW: "محاربة الفقر في كل أنحاء القارة. لكنني وضعت مقاربة جديدة ترتبط بتنفيذ إصلاحات في البلدان الشريكة التي نريد توطيد التعاون معها". وقال وزير التنمية الألماني بأنه لا يمكن التعاون مع أفريقيا بدون انتقاء ويجب التمييز أكثر من ذي قبل، وبالتالي هناك نية التركيز على بلدان شريكة تبرهن على استعداد حقيقي للإصلاح:" يجب على الأفارقة بذل المزيد".
ومن بين 45 دولة أفريقية هناك ربع مجموعها على الطريق الصحيح. وهذه الدول تحارب الفساد وتحترم حقوق الإنسان وتراعي "الحكم الرشيد". وهذا يؤدي من جانبه إلى نمو اقتصادي ورفاهية، كما قال الوزير الألماني.
الاستعمار وعواقبه
لكن الوزير الألماني اعترف بأن الكثير من الأفارقة بناء على تجاربهم كأداة لسياسة الاستعمار الأوروبية متشككون تجاه المبادرات الأوروبية. وهذا اتضح في مثال المفاوضات من أجل اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وخمسة بلدان أفريقية: تانزانيا وبوروندي وكينيا ورواندا وأوغندا. وفي شباط/ فبراير من العام الجاري عارض رئيس الدولة جون ماغفولي هذا النوع من الاتفاقيات:" بالنسبة إلي هذا شكل من الاستعمار. وهذا سيئ لبلدنا". وحتى النواب في البرلمان التنزاني صوتوا ضد ذلك.
وبرفض تانزانيا تفشل الاتفاقية برمتها، والعديد من الساسة والفاعلين في المجتمع المدني عبروا عن ارتياحهم، لأنهم يشكون في المغزى المبدئي للفكرة، لأن شركاء متفاوتين يقفون أمام بعضهم البعض. فمن جهة يفتح الاتحاد الأوروبي أبوابه أمام منتجات من بلدان أفريقية. وفي المقابل وجب على الدول الأفريقية أن تفتح أسواقها أيضا أمام بضائع من أوروبا. ومن أجل ذلك تحصل على فترات انتقالية متعددة. ولكن بخلاف الساسة من الاتحاد الأوروبي لا يعتقد رؤساء الدول والحكومات الأفريقية بأن التجارة الحرة ستأتي بمزيد من الرفاهية في أفريقيا. وفي النهاية، كما هو القلق قد لا ينجح المنتجون المحليون أمام الأوروبيين وسيتم إقصاؤهم من السوق، ولذلك نجد أن عددا من البلدان الأفريقية يصوت ضد اتفاقية التجارة الحرة المرتقبة.
"أنتم تعرفون طريقكم"
فالحكومة الألمانية تريد الآن اتباع مقاربة لا تثير الشكوك حول الاستعمار. ويقول الوزير مولر بأن لديه تصورات ملموسة حول حوار المستقبل:" أفريقيا وكل بلد على حدة يجب أن يسلك طريقه". وهذا الطريق تبناه الاتحاد الأفريقي في مخططه المستقبلي "أفريقيا 2063". "هذا ما وجب المطالبة به، وبالتالي يمكن لنا تقديم الدعم". لكن فقط عندما تعترف النخب القيادية بضرورة الإصلاح، يمكن التفكير في التعاون والدعم. ومن بين هذه الإصلاحات يرى الوزير مولر المشاركة الكاملة للنساء:" نساء أفريقيا هن المفتاح، المفتاح الحاسم للنجاح".
وحان الوقت لمقاييس جديدة في التعاون مع أفريقيا، كما يعبر الوزير مولر عن قناعته. ومع المهاجرين الأفارقة في ألمانيا يكون الموضوع قد وصل إلى الرأي العام:" لا يمكن لنا استغلال القارة الأفريقية لتحقيق رفاهيتنا وترك الموارد والناس والطبيعة وشبيبة أفريقيا والسكان في فقر".
بداية فترة استعمار جديد
لكن قوى جديدة تعمل على هذا الأساس، كما قال الوزير مولر:" في هذه اللحظة تنطلق فترة من الاستعمار الجديد، إذن إيجاد بنية جديدة في زمن العولمة. نحن نشاهد كيف يعمل الصينيون وآخرون في أفريقيا".
وهو لاحظ شخصيا هذا التطور في موزامبيق حيث تلتزم الصين والهند واليابان. "استغلال الموارد بدون مقاييس الشفافية وبدون استثمارات في عين المكان لا في شبيبة البلد ولا رسوم وضرائب تعود بالنفع على البلاد".
والعلاقة غير المتوازنة ظهرت جلية، حسب تقديرات الخبراء أثناء منتدى التعاون الصيني الأفريقي في مطلع الأسبوع الماضي في بكين. فالكثير من الجمل في خطاب رئيس الدولة الصيني بدأت ب "الصين قررت". وهذا لم يعكس بالضرورة شراكة متكافئة كثيرا ما روج لها المشاركون من الطرفين.
والقمة كانت "انتصارا دبلوماسيا كبيرا" للصين، يقول توم باييس، خبير شؤون أفريقيا. "فرغم الأسلوب الخطابي الذي يذكر عبارات مثل الأخوة والتساوي في الربح بدا واضحا أن الصين تقدم نفسها كنموذج أمام شركائها الأفارقة"، قال باييس لدويتشه فيله.
الصناعة الألمانية "تنهض"
وبصفة عامة يجب، حسب وزير التنمية الألماني مولر، إجراء حوار مع الصين. "قمنا بتشييد مركز للتنمية المستدامة مع الصينيين لتنفيذ مشاريع مستدامة". ومثال على ذلك هو الجسر الجديد الكبير في موزامبيق المبني من طرف مهندسين ألمان والممول من الصينيين. ويكشف الوزير مولر أن أفريقيا تمثل سوقا رابحة بالنسبة إلى الصناعة الألمانية شرط أن تكيف هذه الأخيرة منتجاتها مع الحاجيات في عين المكان. وهذا ينطبق مثلا على صناعة السيارات الألمانية. وهو يعبر عن سروره لكون الصناعة الألمانية "تنهض وتغير التوجه". وهناك مؤشرات واضحة:" فولغسفاغن أطلقت وحدة إنتاج في رواندا. وفي السنوات الست أو الثمانية سيتم بيع 300 مليون سيارة في أفريقيا ـ وسأكون مسرورا إذا لم أشاهد هناك فقط تويتا أو سيارات كورية ولا سيارة ألمانية".
وحتى التجارة وجب النهوض بها مع أفريقيا، إذ أوضح الوزير مولر أنه وقع خلال زيارته المشتركة مع المستشارة ميركل إلى غانا على اتفاقيات تعاون، وسيتم مواصلة الاتصالات في أكتوبر خلال مؤتمر مستثمرين في برلين. وقال مولر بأن الاستعداد موجود، وإن الحكومة بصدد تحسين الظروف العامة للاستثمارات. وبما أن سكان القارة سيتضاعفون في مستقبل منظور، فإن هذا يثير تساؤلات جديدة بالنظر إلى التغذية والطاقة. "ولدينا الحلول: التكنولوجيا ونقل المعرفة". ويمكن لألمانيا أن تحل المشاكل وبالتالي إيجاد وضع الكل رابح.
كرستين كنيب/ م.أ.م