وسيلة مثيرة للجدل للتخلص من المواليد غير المرغوب فيهم
٩ أبريل ٢٠١٠توجد في دول عديدة ومن بينها ألمانيا أمهات، ولاسيما بين الشابات الصغيرات، تتخلي عن أطفالهن بعد ولادتهن مباشرة؛ حيث يقمن بإلقائهم في مكان مهجور وغالبا ما يلقى هؤلاء الرضع حتفهم من بعد؛ وتجنبا لوقوع مثل هذه الكوارث افتتحت قبل عشرة أعوام في مدينة هامبورغ الألمانية أول نافذة لاستقبال المواليد الذين لا ترغب أمهاتهم في الاحتفاظ بهم. والآن وصل عدد هذه النوافذ في ألمانيا إلى 80 نافذة.
بإمكان أي أم أن تذهب إلى أحد هذه النوافذ وتضع من خلاله مولودها في مهد داخل صندوق مجهز لاستقبال الرضع، ثم تتركه وتذهب دون أن يسألها أحد عن اسمها أو شخصها. وبمجرد استقرار الطفل في المهد تدق أجراس إنذار تنبه القائمين على المكان بوجود طفلا، فيسرعون لنجدته. هذا الصندوق يطلق عليه في ألمانيا عدة أسماء من بينها "نافذة الرضيع"، و"صندوق الرضيع" و"عش الرضيع" Babyklappe. وتقوم مؤسسات خاصة وجهات كنائسية وكذلك مستشفيات بإدارة وتمويل هذه النوافذ.
أساس الفكرة
ومع أن المقصود منها هو إنقاذ أرواح بريئة من الموت، إلا أن هذه النوافذ تثير جدلا داخل ألمانيا. وفي نوفمبر/ تشرين ثاني عام 2009 قام "مجلس الأخلاق" الألماني بمطالبة الحكومة بإغلاق جميع نوافذ الأطفال الموجودة في البلاد، بحجة تعارضها مع الأخلاق ومخالفتها للقانون، مستدلا على ذلك بأن القانون في دول عديدة ومن بينها بريطانيا يمنع وجود مثل هذه النوافذ.
في مدينة كولونيا الألمانية توجد مؤسسة لرعاية الأمومة والطفولة تسمى "دار أدلهايد"، يوجد بها نافذة للأطفال الرضع، وتحكي السيدة "إيفا فينكلر يانسن" التي تعمل بالمؤسسة، عن تجربتها مع نافذة الأطفال وتقول إن ضربات قلبها تزداد بشدة حينما تسمع صوت فتح وغلق النافذة، فتتوجه إلى صندوق الرضع وأحيانا تجد فيه طفلا وأحيانا لا تجد شيئا. وتتأنى إيفا في سيرها نحو الصندوق حتى تعطي الفرصة للأم التي تضع طفلها فيه لكي تذهب من حيث جاءت وتبقى مجهولة. وبعدما تعثر إيفا على الطفل تبدأ أولا بتدفئته ومداعبته حتى يشعر بالأمان، وغالبا ما يكون هؤلاء الرضع حديثي الولادة، وقامت أمهاتهم بولادتهم خارج المستشفيات، ويمكن معرفة ذلك من خلال طريقة قطع الحبل السري للطفل التي تظهر أن الأم قامت بنفسها بعملية الولادة ودون مساعدة من أحد.
تسرع إيفا بطلب سيارة الإسعاف، التي تحضر معها دائما طبيب طوارئ للكشف على الطفل، وتقديم الرعاية الطبية إن كان بحاجة إليها. وقبل أن تأخذ سيارة الإسعاف المولود إلى المستشفى يطلق عليه اسم ويتغير اسمه العائلي تبعا للأسرة التي ستتبناه فيما بعد. وبهذه الطريقة استقبلت دار أدلهايد في كولونيا 13 مولودا مجهولا في السنوات العشر الماضية.
جدل بين مؤيد ومعارض للفكرة
تقول "إيفا فينكلر يانسن" إن نصف الأمهات اللاتي وضعن أطفالهن الرضع في دار أدلهايد بهذه الطريقة عدن مرة أخرى لرؤيتهم، بل إن إحداهن قامت باستعادة رضيعها مرة أخرى، بينما قررت الأمهات الأخريات تبني أطفالهن بعد أن كن قد تخلين عنهم.
منتقدو الفكرة في ألمانيا يقولون إن الأمهات اللاتي يضعن أطفالهن في صناديق الأطفال يختلفن عن الأمهات اللاتي يتركن أطفالهن في أماكن مهجورة أو يقتلونهم، لذلك فهم يرون أن نوافذ الأطفال لا تمنع قتل الأطفال أو إلقائهم في أماكن مهجورة.
وتؤكد "إيفا فينكلر يانسن" أنه من خلال تجربتها مع الأمهات الست اللاتي عدن لدار أدلهايد للبحث عن أطفالهن؛ فإن هؤلاء يختلفن تماما عن الصورة المعروفة للأم الشابة التي تتخلص من مولودها، إذ إن الست نساء لسن من القاصرات ولسن من أصول مهاجرة، كما أنهن جميعا لديهن أطفال. وتضيف إيفا بأنها كانت تعتقد أن هؤلاء الأمهات سوف يأتين في ستار الليل وتحت جنح الظلام لوضع أطفالهن الرضع في النافذة، لكن ما حدث هو العكس تماما حيث أنهن جئن بأطفالهن في وضح النهار.
أطفال جذورهم مجهولة
من بين النقاط الهامة التي ينتقدها معارضو نوافذ الأطفال هو الجهل بجذور وأصول الأطفال. وتؤكد "إيفا فينكلر يانسن" أنها لا يمكنها أن تتحدث مع الأطفال عن جذورهم وأصولهم؛ لكنها ترى أن من المهم أن يعود الطفل، الذي عثر عليه في نافذة دار أدلهايد، مع أسرته الجديدة لرؤية المكان الذي عثر عليه فيه، وتتذكر موقفا هز وجدانها، وتقول إن أحد هؤلاء الأطفال جاء عندما بلغ الخامسة من عمره مع الأسرة التي تبنته فدخل من النافذة ومدد جسده في نفس المكان الذي عثر عليه فيه حينما كان رضيعا ليشعر أن بدايته كانت من هنا من نافذة الأطفال في دار أدلهايد بكولونيا.
الكاتبة: نينا ﭬولزايفر / صلاح شرارة
مراجعة: عبده المخلافي