2013 – العام الأسوأ للصحفيين العراقيين
٣٠ ديسمبر ٢٠١٣قبل أيام قليلة اغتيلت مقدمة البرامج نورس النعيمي، التي تعمل في قناة "الموصلية" أمام منزلها، لتصبح ثاني إعلامية من فضائية الموصلية تقتل خلال أقل من شهرين. فقد قُتل المصور في قناة الموصلية بشار النعيمي، بهجوم مسلح في 24 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي لدى خروجه من منزله وسط الموصل.
في غضون ذلك أعلنت الأجهزة الأمنية منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري، عن اكتشاف قائمة تضم أسماء أربعة وأربعين صحفياً مستهدفين بالتصفية البدنية. من جانبها دعت منظمة "مراسلون بلا حدود" السلطات العراقية إلى عمل كل ما يلزم لحماية هؤلاء الصحفيين، وكان النصف الثاني من عام 2013 قد شهدت مقتل صحفيين في مناطق متفرقة من العراق.
"فقدت العديد من زملاء مهنتي ولا اعرف ماذا يخبئ لنا الغد... فالموت يستهدفنا كل يوم في مدينتنا التي سجلت أكثر انتهاكاً لحرية الصحافة في العراق"، بهذه الكلمات المعجونة بالألم يتحدث الصحفي المستقل في مدينة الموصل، محمد عبد الوهاب، عن فقده لأربعة من زملائه الصحفيين مؤخراً.
ويقول عبد الوهاب (30 عاماً)، الذي قرر ترك العمل الصحافي لحين استقرار الوضع الأمني في مدينته بعد أن تلقى تهديداً قبل شهر ونصف يحثه على "ترك العمل": "تلقيت مع العديد من صحفيي وإعلاميي مدينة الموصل العديد من التهديدات التي تحذرنا بعدم ممارسة العمل الصحفي وإلا سيكون مصيرنا الموت".
ويضيف عبد الوهاب، الذي فضل أن يستخدم اسما مستعارا خشية الكشف عن هويته واستهدافه من قبل مجهولين: "لقد بات الصحفي العراقي بين مطرقة المسلحين وسندان القوات الأمنية، التي تنظر إلى الصحفي ومعداته كخطر كبير يهدد أمن المدينة واستقرارها".
وناشد عبد الوهاب وعينه على مستقبل أفضل لواقع صحفيي العراق بشكل عام والموصل خاصة، إلى ضرورة إيجاد الحلول اللازمة لحماية الصحفيين من قبل القوات الأمنية في مدينة الموصل، فضلاً عن رفع القيود عن العمل الصحفي وتفعيل دور نقابة الصحفيين "التي لم تطلع على معاناة الصحفيين".
مهنة خطرة؟
أما شهد ضياء الدين، الصحفية المستقلة في بغداد فترى بأن العمل الصحفي في العراق "بات من أخطر المهن في العراق وذلك بسبب كثرة الاعتداءات والانتهاكات التي تطال الصحفيين سواء من قبل القوات الأمنية أو الجماعات المسلحة". وتقول ضياء الدين، التي تعرضت لاعتداء بالضرب والطعن بآلة حادة في منطقة الخصر من قبل مجهولين أثناء إعدادها تقريرا استقصائيا عن الاتجار بالأعضاء البشرية في بغداد لإحدى الوكالات العالمية: "بعد إصابتي ونقلي إلى المستشفى تعرضت للمساءلة من قبل القوات الأمنية واتهموني بأنني أخدم أجندة خارجية دون أن يعتقلوا الجهات التي هاجمتني".
ويعد العراق واحداً من أخطر البلدان في ممارسة العمل الصحافي على مستوى العالم حيث شهد مقتل ما يزيد على 365 صحفياً وإعلامياً منذ سقوط النظام السابق عام 2003.
وتضيف ضياء الدين (23 عاماً)، في حديث مع DW عربية: "أغلب المؤسسات الإعلامية تجازف بكوادرها من أجل الحصول على سبق صحفي وعندما يتعرض هذا الكادر للمضايقات الأمنية أو التهديد بالقتل والتصفية الجسدية من قبل جهات مجهولة فإنها تتخلى عنهم ببساطة وهذا ما حصل معي".
ضياء الدين، التي انتقلت إلى مدينة السليمانية في إقليم كردستان العراق، "بحثاً عن الأمان"، تقول إن "كثرة الاعتداءات والمضايقات الأمنية التي تعرضت لها في بغداد دفعني باللجوء إلى مدن كردستان العراق، للعمل بحرية أكبر". وتعلل ذلك بتجنب المضايقات الأمنية "إذ يُنظر للصحفي حامل الكاميرا كعدو لدود لا تقل خطورته عن الإرهابي حامل السلاح على الرغم من حصول الأول على الموافقات الأمنية".
"2013 يعتبر الأسوأ بالنسبة للصحفيين العراقيين"
من جانبه يرى زياد العجيلي، المدير التنفيذي لمرصد الحريات الصحفية وهي (الجهة المسؤولة عن حماية الصحفيين العراقيين)، أن "عام 2013 يعتبر الأسوأ بالنسبة للصحفيين العراقيين... نحو سبعة صحفيين قتلوا خلال هذا العام في مدينة الموصل وحدها، فضلاً عن قتل خمسة صحفيين في هجوم انتحاري بمحافظة تكريت".
ويقول العجيلي، في حوار مع DW عربية إن "الصحافة في العراق تحت سيطرة العسكر وهناك تضييق كبير يمارس على المؤسسات الإعلامية والصحفيين في البلاد، فلا يمكن لأي صحفي ممارسة العمل الصحفي بحرية دون الحصول على الموافقات الأمنية".
مدينة الحريات الصحفية
ويشير المدير التنفيذي لمرصد الحريات الصحفية إلى أن الصحفي العراقي يكافح خلال عمله من أجل انتزاع المعلومة وذلك بسبب كثرة المضايقات الأمنية التي يواجهها خلال عمله الميداني، "فهناك العديد من الصحفيين تم اعتقالهم لمجرد عملهم على تغطية الأحداث اليومية".
ويكشف العجيلي، عن تطبيق نموذج جديد يُباشر العمل به مطلع عام 2014، كجزء من الحلول لتعزيز حرية الصحافة والتعبير، "وذلك من خلال اختيار مدينة عراقية وتسميتها بمدينة الحريات الصحفية، وتكفلها سلطات المحلية بمنح حرية كاملة للصحفي من حيث سهولة الحصول على المعلومة والشفافية في التعامل مع الصحفيين".
واقع صعب وخطر
من جهتها تعرف جوليا شو، مديرة المركز الإعلامي المستقل في كردستان "IMCK"، بأن واقع العمل الصحفي في العراق هو صعب وخطر جداً "وذلك بسبب كثرة الانتهاكات والمضايقات التي يتعرض لها الصحفيون من قبل رجال الأمن أو الجماعات المتطرفة".
وتعزو شو في حوار مع DW عربية، كثرة الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون العراقيون بين فترة وأخرى إلى "قلة الوعي لدى الصحفيين أنفسهم في دراسة البيئة التي يعملون فيها وتقدير مدى الخطر الذي قد يتعرضون له في تغطيتهم الصحفية، فضلاً عن غياب التنسيق ما بين المؤسسات الإعلامية وكوادرها، ناهيك عن جهل الأجهزة الأمنية في التعامل مع الصحفيين".
وتضيف شو، التي يتولى مركزها (IMCK) تدريب الصحفيين العراقيين عن إجراءات السلامة والحماية الصحفية بالقول: "هناك العديد من الورش التي نقدمها للصحفيين في المركز والتي تخص الأمن الرقمي وصحافة الجوال كبديل عن الكاميرا المحمولة في الأماكن المتوترة، فضلاً عن كيفية السلامة أثناء العمل في الميدان والتعامل مع القوات الأمنية". وتشير إلى أن أغلب المؤسسات الإعلامية تتجاهل أهمية تدريب كوادرها على الحماية الصحفية والسلامة المهنية للصحفيين والتعامل مع البيئة التي يعملون فيها".
وتأسس الـIMCK"" في كردستان العراق في عام 2008 ويعمل على إعداد وتدريب الصحفيين العراقيين بمختلف الفئات والاختصاصات الإعلامية. ويعتبر هذا المركز الأول والوحيد في العراق في مجال تدريب استعمال الموبايل في إعداد التقارير المصورة والصوتية.