DW تتحقق .. أردوغان عرض فيديو مزيفا عن كليجدار أوغلو
١٢ مايو ٢٠٢٣
قبل أيام من إدلاء الناخبين الأتراك بأصواتهم في الانتخابات التشريعية والرئاسيةالحاسمة التي وصفها مراقبون بأنها أهم اقتراع هذا العام، أثار مقطع فيديو قصير جدلا كبيرا في تركيا.
وقام بعرض مقطع الفيديو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال تجمع انتخابي الأحد (7 مايو / أيار الجاري).
وخلال التجمع، وجه أردوغان كلامه للحشد الانتخابي، حيث طرح تساؤلا مفاده: "هل سيصوت مواطنو وأبناء بلدي لصالح هؤلاء؟"
وبعد ذلك، أشار بأصبعه إلى شاشة كبيرة في الخلف تعرض مقطع فيديو يشبه على ما يبدو لقطات من حملة منافسه الرئيسي كمال كليجدار أوغلو وهو يقول: "لنذهب إلى صندوق الاقتراع معا". ثم تختفي صورة كليجدار أوغلو من مقطع الفيديو ليظهر في المقطع نفسه شخص آخر يرتدي زيّا عسكريا.
وبدت اللقطات وكأنها ما زالت متصلة مع حملة كليجدار أوغلو، فيما كان الشخص الذي ظهر في المقطع وهو يرتدي زيا عسكريا مراد قرايلان، أحد مؤسسي منظمة حزب العمال الكردستاني المسلحة المعروفة اختصارا بـ "بي بي كي" والتي يصنفها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية.
ادعاء: بعرضه هذا المقطع المصور، يزعم أردوغان وجود ارتباط بين كليجدار أوغلو وحزب العمال الكردستاني ، لكن هل هذا الفيديو حقيقي؟ وهل ظهر قرايلان في فيديو لحملة كيليجدار أوغلو ليؤكد دعمه لمنافس أردوغان في السباق الانتخابي؟
DW تتقصى: الادعاء خاطئ
أجرى فريق DW الاستقصائي بحثا بالتعاون مع خدمة DW الناطقة باللغة التركية للوقوف على حقيقة الأمر حيث تبين أن الفيديو الذي عرضه أردوغان في تجمعه الانتخابي تم التلاعب فيه من خلال المزج بين مقطعين مصورين منفصلين بخلفيات ومحتوى مختلفين تماما.
وفي ذلك، قالت بيلين أونكر كورتولوس، الصحفية في قسم اللغة التركية بـDW، إن "الفيديو الذي عرضه أردوغان يأتي بعد أن حذر خبراء من زيادة حملات التلاعب على منصات التواصل الاجتماعي التركية قبل الانتخابات في ضوء تصاعد وتيرة انتشار الأخبار الكاذبة على تويتر وحسابات البوت أو الحسابات الآلية".
مقطعان مصوران وليس مقطع واحد
وبعد التحقق، تبين أن الجزء الأول من الفيديو الذي عرضه أردوغان يعود لمقطع حقيقي من حملة كيليجدار أوغلو إذ يمكن مشاهدته بالكامل على قناة حملته على موقع يوتيوب حيث إن الفيديو يعتبر مقطعا سياسيا ترويجيا معتادا يطلب من الناخبين الأتراك التصويت لصالح كيليجدار أوغلو.
بيد أن هذا الفيديو المنشور على حساب كيليجدار أوغلو على موقع يوتيوب لا يُظهر مراد قرايلان أو حزب العمال الكردستاني.
وكشف التحقيق عن أنه من المرجح أن اللقطات المُعدلة التي عرضها أردوغان وهي تبدو قريبة من المقطع الأصلي، قد أزيلت من المقطع الحقيقي الخاصة بحملة كيليجدار أوغلو بداية من الثانية 00:37.
ويمكن الوقوف على حقيقة ذلك عن طريق مراقبة الطابع الزمني للمقطع مع التركيز على الكلمات التي تفوه بها كيليجدار أوغلو وهي "لنذهب إلى صندوق الاقتراع معا" وأيضا حركة ذراعه اليمنى والشباب الذين يقفون خلفه.
ويُظهر المقطع الأصلي أن المشهد الذي يلي ذلك مباشرة مغادرة امرأتين مبنى ولا يُظهر مراد قرايلان.
استئصال السياق
ويبدو أن الفيديو الثاني والخاص بمراد قرايلان أقدم بكثير من فيديو كيليجدار أوغلو، فيما يمكن العثور عليه من خلال إجراء بحث متقدم للصور التي تظهر قرايلان في لباس عسكري، حيث يعود هذا المقطع إلى فيديو نشره موقع وكالة "فرات" الكردية للأنباء للقيادي في حزب العمال الكردستاني وهو يتحدث عن "بداية الكفاح المسلح" لحزبه منذ أكثر من ثلاثة عقود.
ويعود المقال المصاحب لهذه الفيديو إلى 15 أغسطس/ أب 2021.
ومن المحتمل أن اللقطات التي عرضها أردوغان في الفيديو المتلاعب به والتي تُظهر قرايلان تعود إلى الفيديو الذي نُشر قبل عامين، بما يشمل انتزاعها من سياقها بهدف الزعم بأن قرايلان كان يدعم كيليجدار أوغلو.
وخلاصة القول، عرض أردوغان لقطات ذات سياق زمني ومعلوماتي مختلف عن طريق دمج مشاهد من فيديو حملة كيليجدار أوغلو مع فيديو قديم للقيادي في حزب العمال الكردستاني ثم عرضهما وكأنهما متسقان.
لكن لا يبدو، كما تزعم العديد من وسائل الإعلام التركية، أن هذا الفيديو جرى إنتاجه عبر التقنية التي تُعرف بـ"التزييف العميق"، أي باستخدام الذكاء الاصطناعي، .
السياسية .. ليست بعيدة؟
وتقول بيلين أونكر كورتولوس إن "أردوغان استخدم مقطع فيديو مزيفا بشكل استراتيجي بهدف حشد أصوات الناخبين المحافظين والقوميين". وأضافت أن "دائرة الاتصال في الرئاسة التركية التي تحدد معايير حملات التضليل بما يتفق مع ما أثارته المعارضة في البرلمان، لم تصدر بيانا عن الفيديو الذي عُرض في تجمع أردوغان".
يشار إلى أن حملة كيليجدار أوغلو لم تصدر أي بيان حتى الآن حيال واقعة الفيديو.
وفي سياق متصل، يقول مراقبون إن أردوغان يخوض في الأحد 14 من مايو/ آيار انتخابات تبدو نتائجها غير محسومة لصالحه للمرة الأولى منذ وصوله إلى السلطة قبل عشرين عاما في ظل وجود معارضة موحدة للمرة الأولى.
بيلين أونكر و توماس سبارو / م. ع