DW تتحقق من مزاعم روسيا .. لا توجد "جثث حية" في بوتشا!
٥ أبريل ٢٠٢٢إنها صور مرعبة، تلك التي انتشرت حول العالم من شوارع مدينة بوتشا الأوكرانية المليئة بالجثث، بعضها كانت مقيدة. وبعد أن كشف الجيش الأوكراني الأمر يوم السبت (الثاني من أبريل/ نيسان 2022)، ذهب الصحافيون أيضا إلى المدينة ونشروا تقارير وصورا لضحايا بوتشا.
الجيش الروسي الذي انسحب من المدينة متهم بارتكاب تلك الفظائع، وقد وصف ذلك الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، "بالإبادة الجماعية". وأدان المستشار الألماني، أولاف شولتس "جرائم القوات الروسية" كما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن "صدمته العميقة".
وفي نفس الوقت تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بدعم من روسيا، ادعاءات بأن كل ذلك ملفق وغير صحيح.
وقالت وزارة الدفاع الروسية على صفحتها في موقع تلغرام، إن الفيديوهات والصور من بوتشا "تلفيق واستفزاز". في حين وصفت السفارة الروسية في برلين الصور ومقاطع الفيديو بأنها "تلفيق من نظام كييف لوسائل الإعلام الغربية".
وأشارت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إلى أن حلف الناتو والولايات المتحدة خصوصا "طلبت" ذلك لإلقاء اللوم على روسيا.
ليس هناك دليل على التلفيق
لم تقدم السلطات الروسية أي دليل على ادعاءاتها ونفي مسؤوليتها عما حصل في بوتشا. والحسابات المؤيدة لروسيا على مواقع التواصل الاجتماعي، تدعي بأن الجثث ليست جثثا على الإطلاق، بل كل ذلك تمثيل وكذبة كبيرة. والدليل مقطع فيديو لجثث في أحد شوارع بوتشا، حسب تلك المواقع.
الادعاءات الروسية
"المزيد حول المذبحة الكاذبة في بوتشا. الجثة التي على اليسار تحرك يدها"، يقول أحد المستخدمين المدافعين عن الرواية الروسية. ويتساءل مستخدم آخر أيضا مؤيد لروسيا ساخرا بالقول: "جثث مصطفة في الشوارع، إنه مشهد مرعب.. لكن انتظر، جثة تحرك يدها؟ وأخرى تنهض فجأة؟ ماذا يحدث هنا في الواقع؟".
DW تتحقق: هذا الادعاء غير صحيح
في مقطع الفيديو المعني ليست هناك جثة تحرك يدها أو تنهض فجأة. لقد قمنا بالتحقق من الادعاءين وحددنا موقع الحدث، وهو في شارع "يابلونسكا Yablunska" جنوبي مدينة بوتشا. وهناك صور للشارع من تطبيق غوغول لتحديد المواقع تعود لعام 2015 تظهر أبنية أمكن التعرف عليها في مقطع الفيديو. والعربة التي صورت الفيديو كانت تسير باتجاه الشمال الشرقي.
أما الادعاء بأن جثة تحرك يدها، تعني الجثة في يمين الصورة التي مرت بجانبها عربة التصوير. حقيقة هناك شيء ما يبدو أنه يتحرك حين تقرب الكاميرا لقطة الجثة، لكنها ليست يد الجثة التي تتحرك.
وبتحليل DW للصور، تبين أنها قطرات المطر وهي تنزلق على زجاج السيارة التي تم التصوير منها. والقطرات تتحرك باتجاه الأعلى بسبب الرياح وتبدو في الفيلم وكأنها حركة. وفي نسخة أخرى أكثر وضوحا ونقاء، تبدو القطرات بشكل واضح وليست حركة يد.
والادعاء الآخر يتعلق بجثة أخرى أيضا تم تصويرها من السيارة، يفترض أنها وقفت بعدما تم تصويرها ومرت السيارة. وهذا يبدو من المرآة الخلفية للسيارة.
هذا أيضا ادعاء ووصف غير صحيح. الجثة تبقى ملقاة على الأرض، حسب ما توصلت إليه DW من تحليل مقطع الفيديو، ويوضح ذلك اهتزاز الكاميرا نتيجة حركة السيارة يفسر عدم صحة ادعاء وقوف الجثة. وبالحركة البطيئة للصورة المنعكسة في المرآة تبدو الجثة وقد بقيت ملقاة على الأرض.
الجثث في الشوارع منذ شهر مارس
تحليل لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، توصل إلى أن صورا للأقمار الصناعية التقطتها شركة ماكسار الأمريكية، تظهر أن الجثث كانت في شارع "يابلونسكا Yablunska"منذ 19 مارس/ آذار وبعضها يعود إلى 11 مارس/ آذار.
وبمقارنة صور الأقمار الصناعية من 19 مارس/ آذار ومقطع الفيديو من 2 أبريل/ نيسان، يتضح أن الجثث في نفس المكان والوضعية في الشارع. وهذا يتعارض تماما مع ادعاءات الجانب الروسي، بأن الجثث ظهرت هناك بعد انسحاب القوات الروسية في الثلاثين من مارس/ آذار.
إنها ليست المرة الأولى في هذه الحرب التي ينكر فيها الجانب الروسي وقوع جرائم حرب محتملة، ويصف الأدلة على هذه الجرائم بأنها مزيفة. وأيضا السفير الروسي لدى مجلس الأمن الدولي وصف الهجوم على مستشفى ماريوبول بأنه "تمثيل"!.
لكن في الحقيقة فإن الهجوم وتأثيره على السكان المدنيين تم توثيقه بشكل مفصل ودقيق، وقد أخفقت الحكومة الروسية في إثبات ادعائها بأنه "تمثيل".
يوشا فيبر/ كاترين فيزولفسكي/ ع.ج