DW تتحقق: هل أرسلت مصر مئات الدبابات للقتال في غزة؟
١٩ أكتوبر ٢٠٢٣يحشد الجيش الإسرائيلي قواته على طول السياج الحدودي مع قطاع غزة فيما يبدو أنه استعداد لهجوم بري على القطاع. الهدف المعلن للهجوم المحتمل حسب مصادر إسرائيلية هو تدمير حركة حماس، التي تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى، كمنظمة إرهابية.
وتحظى حماس بدعم إيران وقطر ودول أخرى. وبعد الهجوم الإرهابي واسع النطاق الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر، أطلقت ميليشيا حزب الله، التي تصنفها الولايات المتحدة وألمانيا والعديد من الدول العربية السنية منظمة إرهابية، صواريخ على إسرائيل من لبنان. ولكن الآن يقال إن دولة أخرى في المنطقة تدعم حماس عسكرياً.
ادعاء: يدعي صانعو مقطع فيديو على موقع يوتيوب (مؤرشف هنا)أن دبابات مصرية اجتازت الحدود إلى قطاع غزة للدفاع عن الفلسطينيين ضد إسرائيل. نُشر الفيديو في 14 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وشوهد حوالي 1,4 مليون مرة خلال ثلاثة أيام.
DW تتحقق: لا أساس له
يقول العنوان الإنجليزي للفيديو: "مصر تنضم إلى الحرب الإسرائيلية! مئات الدبابات دخلت غزة! الدول الإسلامية تتوعد بالانتقام".
لا دليل وادعاءات متناقضة
لا يقدم الفيديو نفسه أي دليل على الإطلاق لدعم الادعاءات الواردة في العنوان. وبدلاً من دخول الجيش المصري المزعوم في الحرب، فإن ما يظهر في الفيديو ليست إلا مجموعة من الصور المنتزعة من سياقها. كتحرك عشوائي للقوات، أو عمليات قتالية أو تدريبات، بالإضافة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يمكننا رؤيته دون أن نسمعه.
قام فريق تدقيق الحقائق في DW بأخذ عينات عشوائية من الفيديو وفحصها باستخدام البحث العكسي للصور، فلم يجد أي صلة للفيديو بالصراع الحالي بين إسرائيل وحماس.
ولا يأتي الفيديو نفسه على أي ذكر لتوغل الجيش المصري في قطاع غزة، بل فقط إرسال قوات عسكرية إلى الحدود لتأمينها. لكن محتوى الفيديو لا يتناقض مع العنوان فحسب، بل يتناقض مع نفسه أيضاً؛ إذ يقول في البداية إن القاهرة تساعد الفلسطينيين لأن الشعب المصري يطالب بذلك. وبعدها يقول الفيديو إن الحكومة المصرية تتخلى عن الفلسطينيين مما يثير انزعاج الشعب المصري.
أظهر البحث على الإنترنت أنه لم تنشر أي وسائل إعلام رصينة تقارير عن دخول مصر الحرب أو عزمها على فعل ذلك. ولم تصدر الحكومات المعنية أي بيان. وحتى ساعة نشر هذا التقرير، لم ترد وزارتا الدفاع والخارجية المصريتان على طلب من DW للتعليق.
إن شن عملية عسكرية سرية على الحدود المصرية مع إسرائيل وقطاع غزة يكاد يكون مستحيلاً؛ إذ لدى العديد من القنوات والوكالات الإخبارية الدولية مراسلون في عين المكان لتغطية أي تحرك.
ومنذ 1981 تراقب بعثة دولية الحدود بين شبه جزيرة سيناء وإسرائيل بهدف ضمان التزام الجانبين بشروط معاهدة السلام لعام 1979. وتنص المعاهدة بتفصيل كبير على نوع القوات وعددها ونقاط تمركزها في شبه الجزيرة. ورفضت بعثة المراقبة الدولية في سيناء، "القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون في سيناء"، التعليق على سؤال من DW.
إسرائيل ومصر تتعاونان في سيناء
في الواقع، هناك تقارير موثوقة تفيد بأن مصر وإسرائيل تعاونتا عسكرياً في سيناء وأن سلاح الجو الإسرائيلي هاجم مواقع مشتبه بها للمتمردين الإسلامويين في مصر.
ويعتقد الخبراء أن الادعاء بأن مصر تتدخل في الصراع العسكري بين إسرائيل وحماس أمر غير قابل للتصديق على الإطلاق: "لا أعتقد أن مصر ستضحي بمعاهدة السلام مع إسرائيل من أجل حماس، وهي التي حظرتها كل تلك السنين بالتعاون مع إسرائيل، يقول إيكارت فورتس، مدير "المعهد الألماني للدراسات العالمية والمناطقية" (GIGA) ومقره مدينة هامبورغ.
"مصر لا تدعم حماس"
ولدى جيني سويرز، رئيسة قسم العلوم السياسية والسياسة الخارجية بجامعة نيو هامبشاير، وجهة نظر مماثلة: "مصر لا تدعم حماس وتعتبرها فرعاً من جماعة الإخوان المسلمين، التي قمعتها حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي".
في عام 2013، أطاح عبد الفتاح السيسي، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية، بحكم الإخوان المسلمين برئاسة الرئيس المنتخب ديمقراطياً محمد مرسي.
وفي حديث لـ DW تقول جيني سويرز: "صحيح أن العديد من المصريين يقفون إلى جانب الفلسطينيين في صراع الشرق الأوسط، لكن أغلبية المصريين، مثل الفلسطينيين، لا يدعمون حماس ولا الهجمات على المدنيين أو احتجاز الرهائن. إضافة إلى ذلك، ليس لدى مصر المقدرة العسكرية أو الاقتصادية لحرب مع إسرائيل". وتضيف الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط: "هناك تعاطف كبير بين الشعب المصري تجاه الفلسطينيين، لكن لن تخاطر أي حكومة بخوض حرب يائسة من أجل ذلك".
تشديد الرقابة على الحدود
إن الادعاء بأن مصر تتدخل عسكرياً في الحرب بين إسرائيل وحماس ليس فقط غير مدعوم بالأدلة فقط، ولكنه أيضا غير قابل للتصديق إلى حد كبير. كما أكد لـ DW مكتب "هيئة الإذاعة والتلفزيون الألمانية" ARD في القاهرة.
ولكن المؤكد والصحيح هو أن مصر نشرت الآلاف من قوات الأمن على الحدود مع قطاع غزة من أجل حماية الحدود من أي تدفق محتمل لللاجئين الفلسطينيين، كما نشرت عدة وسائل إعلام من بينها قناة الجزيرة مباشر ووكالة الأنباء الأمريكية أسوشيتد برس.
يذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
يان د. فالتر/ محمود حسين/ خ.س