آخر صيحة في برلين - ناد خاص لمرتدي ملابس باربور
١٩ مايو ٢٠١٠رغم أن الأزمة المالية تدور برحاها في أرجاء المعمورة، إلا أن هناك أُناس يقفزون فوق ظلهم، ويعبرون حدود المألوف ويبحثون عن أشياءً متفردة، من أجل خدمة هؤلاء وأمثالهم جاءت فكرة إنشاء نادي سوهو هاوس ببرلين، أحد فروع مجموعة نوادي خاصة بالنخبة. إذا أراد الشخص أن يصبح عضوا في هذا النادي، فيجب عليه أن يكون ذو مال ومنصب أو وظيفة مناسبة بالإضافة إلى مظهر خاص يكتسبه من ارتداءه ملابس ماركة باربور/ Barbour.
نيك جونز يبلغ من العمر 47 عاماً ويعمل في إدارة الفنادق، هو صاحب فكرة إنشاء أول نادي سوهو هاوس في لندن قبل خمسة عشر عاما،ً ثم صدّر الفكرة إلى نيويورك وهوليود، والآن جلبها إلى برلين، يقول جونز عن نوعية الأعضاء: "نريد شخصيات متميزة كزبائن، ولا نريد هؤلاء من أصحاب ربطات العنق."
ناد ليس لأصحاب الدخول العادية
أما روزانا وكين فجاءا خصيصا من لندن إلى برلين من أجل معايشة سوهو هاوس فيها، تقول روزنا: "هذا المكان مريح للغاية، ويمكن للإنسان أن يستجم فيه لبعض الوقت، المكان يعطي الإحساس وكأن الشخص في زيارة لدى شخص في منزله." وفي السياق نفسه لا تتوقف روزانا عن التعبير بإعجابها في المكان وفي كيفية تصميمه من الداخل قائلة: " مكان رائع تم تصميمه بعناية خاصة على صعيد الديكور، ووسط اللوحات الجميلة التي تزين الجدران يمكن للمرء الاسترخاء الكامل هنا".
منْ أراد أن يصبح عضوا في نادي سوهو هاوس فعليه أن يكون قادراً على الدفع. فرسم الاشتراك السنوي يقدر بألفٍ ومائتي يورو. ويتيح هذا الاشتراك دخول الأعضاء جميع نوادي سوهو هاوس في أنحاء العالم مجاناً، ولا يبقى سوى دفع ثمن المشروبات التي يطلبونها.
إلا أن هناك فرصة للشباب الذين تبلغ أعمارهم أقل من 27 عاماً، فرسم اشتراكهم يعادل نصف المبلغ أي 600 يورو فقط. وتبقى ميزة أخرى ألا وهى أن المرء يبقى في محيط يناسبه.
في نادي برلين ساحة للألعاب وفي بهو الاستقبال يجد النزيل طاولة التنس أيضا. هذا ما جعل روزانا تقول. " ان الجو هنا عائلي كأني في لندن" وتكمل: " أحس وكأني في زيارة لدى صديق، بالإضافة فالمكان تفوح منه رائحة التاريخ".
الاستجمام في نادي الحزب الشيوعي الألماني سابقا
نادي سوهو هاوس هو مبنى قديم ذو أهمية تاريخية وواجهة مهيبة في قلب مدينة برلين. كما أنه يبدو كنسخة مصغرة لمبنى "امباير ستيت Empire state" المشهور. كان المبنى سابقا متجراً يهودياً ثم استخدم في عهد النازية كمقر لشبيبة هتلر، وبعد الحرب العالمية الثانية أصبح مقراً لإدارة الحزب الشيوعي الحاكم في ألمانيا الشرقية السابقة، ثم مركزاً لتدريب الكوادر الحزبية، وبعد ذلك تحول إلي مقر لأرشيف الحزب المذكور. ولكن من الصعب الآن أن يرى الشخص شيئاً من بقايا هذا التاريخ الطويل في ملامح المبنى. فقط مكتب فليهم بيك أول رؤساء ألمانيا الشرقية السابقة، ذلك المكتب هو الركن الوحيد الذي حافظ على نقوشه الجدارية، وأصبح احد صالونات النادي تحت اسم المكتب السياسي/ Politbüro ، في إشارة ساخرة إلي الماضي.
لم ينس صاحب فكرة النادي أن يُلحق به فندق لخدمة النزلاء، فالجو العام في الفندق بعيد عن البروتوكولات والرسميات، فالنزيل فيه حر. وقد جهزت غرف الفندق بالجروموفونات لتشغيل الموسيقى على الاسطوانات القديمة. كما غٌطيت الجدران بورق مخطط. وصُمم كثير من غرف الفندق على أن يتوسطها بانيو الاستحمام. فالتصميم مزيج من غرفة نوم فرنسية، وبار ألماني ونادٍ إنجليزي. إلى جانب كل هذا توجد فتيات تسامرن النزلاء، وتخرجن عليهم من خلف نظارات شمسية عريضة بملابسهن الحريرية الشفافة أو القصيرة أو الجينز الضيقٍ.
ورغم كل هذا لم يلق نادي سوهو هاوس البرليني استحسان مرلين شوننبوم مراسل الصحيفة الهولندية فولكسكرانت في ألمانيا، فهو يرى في ذلك محاولة فاشلة أخرى لتحويل برلين إلى لندن، ويبتسم قائلا: " إنها المشكلة الكبرى، ألا وهى أن برلين تريد أن تصبح مدينة ضخمة، وفي محاولة كهذه تخسر برلين جاذبيتها، لأنها تتشبه بلندن، وبرلين ليست لندن".
عروض أخرى مناسبة
يتميز نادي سوهو هاوس بروعة حمام السباحة على الرغم من صغر حجمه، بالإضافة إلى الشرفة المطلة على المدينة من ارتفاع شاهق تبدو منه برلين وكأنها مدينة ملاهي. ولكن ألفاً ومائتي يورو مبلغ باهظ لمثل هذه الإطلالة، خاصة وان نادياً آخر بالقرب من سوهو هاوس يقدم نفس المشهد ولكن بسعر أقل بكثير. غير أن النادي يلقى رواجاً، فهل يوُلع البرلينيون بالمغالاة والرقص الفوضوي فوق الطاولات؟ ولذلك يبحثون عن ما هو غير مألوف؟ و أخيرا فإن الكثير من هؤلاء هم أعضاء في سوهو هاوس مرتدين ملابس ماركة الباربور.
الكاتب: كريستوف ريشتر/ هاني غانم
مراجعة: ابراهيم محمد