آفاق جديدة للاستثمار الألماني في ليبيا
جاءت زيارة شرودر في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلى ليبيا، والتي تعد الأولى من نوعها لمستشار ألماني لهذا البلد، لتعطي دفعة قوية للعلاقات الثنائية بين البلدين. ولعل حجم الوفد المرافق له والذي ضم العشرات من كبار المستثمرين ورجال الأعمال دليل على الرغبة الألمانية القوية بتفعيل التعاون الاقتصادي الألماني- الليبي. وتفتح ليبيا فرص استثمار تجارية واستثمارية واسعة للشركات الألمانية التي أصبحت بأمس ألحاجة إلى أسواق بديلة على ضوء الركود الذي تعاني منه السوق الداخلية الألمانية. ويعلق المستثمرون الألمان آمالاً كبيرة على هذه الفرص بعد رفع الحظر التجاري والعزلة السياسية الدولية التي كانتا مفروضتان على ليبيا. وفي هذا الإطار تسعى الشركات الألمانية للحصول على عقود تجهيز وتحديث قطاعات البنية التحتية والنفط والغاز الطبيعي. ومن شأن ذلك أن يزيد حجم التبادل التجاري الذي بلغت قيمته 3.2 مليار يورو خلال العام الماضي.
فرص التعاون
تحتل ليبيا المرتبة الثالثة بين الدول المصدرة للنفط إلى ألمانيا. وتنشط عدة شركات ألمانية كبيرة في قطاعات الطاقة والمياه والسياحة. وتحاول العشرات من الشركات الأخرى تعزيز حضورها في سوق المقاولات الألمانية وتقديم الاستشارات وتهيئة مشاريع النقل البحري والجوي وتزويد مختلف المرافق الإدارية بتكنولوجيا المعلومات. غير أن نجاحها مرهون بمدى فعالية الجهود الليبية على صعيد إعادة هيكلة الاقتصاد وعملية الإصلاح وإضفاء المزيد من المصداقية والشفافية عليها. كما أنه مرهون بإقامة مؤسسات وهيئات اقتصادية وغرف تجارية مشتركة تقوم برعاية ودعم المصالح المتبادلة بين الطرفين.
قطاع السياحة
يندرج الاهتمام بالاستثمار في قطاع السياحة الليبي ضمن خطة إصلاح واسعة تهدف إلى إقامة عشرات المشاريع السياحية بُغية تنويع مصادر الدخل بدلاً من الاعتماد الكلي على النفط. ويأتي ذلك تماشيا مع المؤهلات الجغرافية والثقافية التي تتمتع بها ليبيا كونها لا تبعد عن أوروبا ولديها إرث ثقافي عريق وطبيعة متنوعة. وسيكون لإنجاز المشاريع المذكورة دور هام في إيجاد فرص عمل للشباب الليبي. ومن الناحية العملية شهد تنظيم الرحلات إلى مواقع تاريخية وصحراوية في ليبيا بعض الانتعاش من قبل الشركات السياحية الألمانية مؤخراً.
استراتيجية اقتصادية جديدة
لعل أهم العوامل التي تلعب دورا مهما في استقطاب المستثمرين الأجانب إلى ليبيا هو عودتها إلى المجتمع الدولي من جديد بعد غياب دام سنوات بسبب الحظر الذي كان مفروضاً عليها. وجاء رفع الحظر كذلك على ضوء تنامي الرغبة الشعبية في فك العزلة وإصلاح الاقتصاد الوطني بحيث يتم القضاء على مشكلة البطالة المتفشية في صفوف الشباب الليبي. الجذير ذكره أن الحكومة الليبية قامت في هذا الصدد بحملة واسعة تضمنت تنظيم جملة من اللقاءات والمؤتمرات مع جهات أوروبية من أجل تشجيع الاستثمار الأجنبي في قطاعات النفط والغاز والقطاعات الجديدة وفي مقدمتها السياحة. غير أن تبعات الخلافات الليبية مع المجتمع الدولي ما تزال تؤثر بشكل سلبي على نوعية الاستثمارات الأجنبية فيها. فمن الملاحظ أن غالبية الشركات الأجنبية هناك تميل حتى الآن إلى الاستثمارات القصيرة الأجل وذات الضمانات العالية. ويرى المتتبعون للوضع الليبي أن المستثمر مازال حتى الآن يفتقد إلى الضمانات الاقتصادية والقانونية الكفيلة بكسب ثقته في السوق الليبية.
طارق أنكاي