Astrophysikerin Anna Frebel
٢٥ نوفمبر ٢٠١٠امتلأت قاعة المحاضرات في كلية الفيزياء بجامعة غوتينغن عن بكرة أبيها، ووقفت فتاة في ريعان الشباب لتحيّة الجمهور "أود أن أرحب بكم وأدعوكم إلى رحلة تعيدنا إلى بدايات الكون".
للوهلة الأولى اعتقد الحاضرون أن طالبة في السنة الأولى أو الثانية تتحدث إليهم، لأن آنا فريبل تبدو أصغر من عمرها، لكن سرعان ما أدركوا أن مَن تقف أمامهم عالمة ملمّة بموضوعها ومتمرسة في عرضه وشرحه. أما الجمهور، فضم إلى جانب الطلاب، عددا من علماء الفيزياء المرموقين الذين احتلوا المقاعد الأمامية في القاعة.
آنا فريبل عالمة فيزياء فلكية لدى مركز سميثسونيان المرموق في جامعة هارفارد بالولايات المتحدة، ومجال بحثها الكشف عن أقدم النجوم في الكون. وقد أطلقت عليها الجمعة الفيزيائية الألمانية لقب "ابنة ليز مايتنر" – عالمة الفيزياء النووية النمساوية السويدية – ودعتها إلى مسقط رأسها في مدينة غوتنغن لتكون مثالا يُحتذى للعالمات الشابات.
قبل خمس سنوات اكتشفت آنا فريبل النجم HE 1327-2326 الذي يعتبر أقدم نجم معروف في الكون حتى الآن، فأصبحت نجما بين علماء الفلك في العالم.
بعد أن درست علم الفيزياء الفلكية في مدينة فرايبورغ الألمانية، نالت شهادة الدكتوراه من مرصد ماونت ستروملو في كانبيرا بأستراليا، ثم عملت أستاذة في عدد من الجامعات ومراكز البحث العلمي الأمريكية، كما نالت عددا من الجوائز التقديرية. وهو أمر يُثلج صدرها، كما قالت بفخر للجمهور. آنا فريبل تتحدث عن السوبرنوفا "النجوم المنفجرة" والغبار الكوني كما تتحدث عن أنواع الكعك المفضلة لديها وعن خواتم الألماس. وخلال 90 دقيقة شرحت لجمهور الحاضرين تاريخ تكوّن الكون منذ الانفجار العظيم وحتى اليوم.
"تطبخ بالماء" كباقي البشر
ولدى سؤالها عن سر شغفها بالنجوم تشبّه الأمر بمن يُسأل عن لونه المفضل "في هذه الحالة نقول الأحمر أو الأزرق دون أن نقدر حقا على وصف ذلك، فالمرء يشعر بلونه المفضل بعقله أو قلبه، وربما بكليهما"، فشغفها بالنجوم بدأ وهي في الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة من خلال مشاهدة مسلسل ستار تريك التليفزيوني، وقراءة كتب عن الفضاء وزيارتها لمرصد غوتنغن.
آنذاك لم يدُر بخلدها أنها سوف تعمل ذات يوم في أهم مراصد النجوم في العالم وستتاح لها فرصة النظر عبر أحدث التلسكوبات في أستراليا وهاواي وتشيلي. أما اليوم فقد بات السفر من قارة لأخرى والسهر طول الليل لمراقبة النجوم جزءا من عملها، إضافة إلى إلقاء المحاضرات وكتابة المقالات. ورغم ذلك فهي أيضا "تطبخ بالماء" كباقي البشر، وتقول: "الأشياء التي تشغلني يوميا لا علاقة لها بالفلك، فجهاز الكمبيوتر قد يتعطل، والمشاكل الصغيرة التي أواجهها حقيقية وتشبه مشاكل الآخرين".
لكن هناك حقيقة أخرى، وهي أن آنا فريبل هي المرأة الوحيدة بين زملائها من كبار العلماء. مبدئيا لا يزعجها ذلك، لكن أحيانا تشعر أن زملاءها الذكور لا يحملونها على محمل الجد لصغر سنها "على غرار: ماذا تريد هذه المرأة؟ هي لا تفقه شيئا. إنها صغيرة ولا يمكن أن تكون قد أنجزت شيئا بهذا العمر". ولكن بدلا من الانزعاج من زملائها، تحاول إقناع منتقديها على طريقتها الخاصة "أسعى إلى إلقاء محاضرة جيدة، أو أكتب مقالا أو أكتشف نجما جديدا".
وكما في كثير من الأحيان، فإن غالبية الذين جاؤوا لسماع محاضرتها في غوتنغن كانوا من الرجال أيضا، فألمانيا، التي تحكمها مستشارة درست علم الفيزياء، ليست بين أوائل الدول حين يتعلق الأمر بالمرأة والعمل في هذا الحقل، رغم أن كل رابع طالب فيزياء من الإناث. وترجع آنا فريبل السبب في ذلك إلى نظام الهرمية التقليدي واعتبار أن المرأة لا تصلح لبعض المهن، وعدم وجود نساء يُقتدى بهن : "أكيد أن السبب يعود أيضا إلى عدم وجود نساء يعملن في الفيزياء، كي يتسنى للآخرين رؤيتهن والاحتذاء بهن".
غونا كيتلز / عبد الرحمن عثمان
مراجعة: حس زنيند