أردوغان ضد كليجدار أوغلو.. من سيفوز في الجولة الأخيرة؟
٢٨ مايو ٢٠٢٣تجري اليوم الأحد (28 أيار/ مايو) جولة الانتخابات الرئاسية الثانية بين الرئيس رجب طيب أردوغان ومنافسه المعارض كمال كليجدار أوغلو. في الجولة الأولى من التصويت، لم يحقق أي من المرشحين الأغلبية المطلقة. أما اليوم فمن المفترض أن تكون النتائج هي الحاسمة، لذلك حاول المرشحان الفوز بكل قوتهما و كافحها بضراوة من أجل كسب كل صوت انتخابي. غيرا استراتيجياتهما، وجلبا مؤيدين جدد. لكن ما هي أبرز ملامح الحملة الانتخابية وحلفاء المتنافسين في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية التركية؟
رجب طيب أردوغان
قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 14 أيار/ مايو، توقعت معظم استطلاعات الرأي فوز المعارضة، لكن النتائج أتت عكس ذلك بحصول الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان على 49,5 بالمائة من الأصوات، وحافظ حزبه وتحالفهتحالف الشعب على أغلبيته في البرلمان بنجاح.
الآن يخوض الرجل البالغ من العمر 69 عاما انتخابات الإعادة بدعم كبير من خلفه. إنه واثق بالنجاح ويؤكد على انجازاته السابقة ويعتمد عليها في حملته الانتخابية واعدا بالاستقرار والاستمرارية.
يحكم أردوغان البلاد منذ أكثر من 20 عاما، أولا كرئيس للوزراء، ومنذ عام 2014 كرئيس للجمهورية. لم يترك أي سياسي من قبل مثل هذه البصمة القوية على تركيا كما فعل أردوغان.
يمتد مسار الرئيس المتدين إلى فترة السبعينيات من القرن الماضي. كان عضوًا في منظمة الشباب التابعة لحزب نجم الدين أربكان الذي يعتبر مؤسس حركة ميلي غوروش ذات الطابع الإسلامي. من عام 1994 إلى عام 1998، شغل أردوغان منصب عمدة مدينة إسطنبول. في عام 1999، قضى أربعة أشهر في السجن بعد إدانته بتهمة التحريض.
في عام 2001، كانت تركيا تشهد أزمة اقتصادية وسياسية كبيرة. أسس أردوغان حزبه الإسلامي المحافظ "حزب العدالة والتنمية" (AKP). بعد عام واحد فقط، حقق الحزب أغلبية مطلقة في الانتخابات التشريعية. إذ حصل على 363 مقعدًا من أصل 550 مقعدًا في البرلمان. منذ ذلك الحين، لم يخسر أردوغان أي انتخابات. ومع كل انتصار، زادت قوته وتماسكه في السلطة.
النظام الرئاسي وحلفاء أردوغان
بعد التعديل الدستوري، تم اعتماد النظام الرئاسي في تركيا قبل خمس سنوات. فتم إلغاء منصب رئيس الوزراء وكذلك مبدأ الحياد. ومنذ ذلك الحين، أصبح زعيم حزب العدالة والتنمية أردوغان أيضا الرئيس الذي يرأس الحكومة.
من أجل حماية سلطته،أقام أردوغان تحالفا قبل الانتخابات الأخيرة في عام 2018. فبالإضافة إلى حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ، يضم التحالف أيضا حزب الحركة القومية المتطرف وحزب BBP. كلاهما ذو أيديولوجية قومية يمينية. وفي نهاية آذار/مارس، ضم أردوغان أيضا "حزب الرفاه الجديد"، الذي يأتي من تقاليد ميلي غوروش الإسلامية.
بالإضافة إلى ذلك، يحظى أردوغان بدعم حزب "هودا بار " وهو حزب إسلامي موالي للأكراد، والذي يعتبر وفقًا للمكتب الاتحادي لحماية الدستور في ولاية شمال الراين-ويستفاليا، مقربًا من "حزب الله التركي" (TH). وقد قام الحزب في التسعينيات من القرن الماضي بقتل عدة نشطاء حقوق الإنسان ورجال أعمال وسياسيين في الأناضول. وفي الانتخابات البرلمانية، حصل حزب "هودا بار" على ثلاثة مقاعد بفضل تحالف أردوغان.
خلال الحملة الانتخابية، ركز أردوغان على القضايا الدينية. كما كان العنف ضد المرأة ومجتمع الميم في مقدمة القضايا المطروحة، حيث يدعو حلفاء أردوغان إلى إلغاء القوانين التي تحمي هذه المجموعات. علاوة على ذلك، قام أردوغان بتشويه سمعة معظم أعضاء المعارضة وصنفهم تقريبًا جميعًا على أنهم متورطون في تنظيمات إرهابية. استخدم الأخبار الزائفة ومقاطع الفيديو المزيفة لتصوير منافسه كليجدار أوغلو على أنه يشكل خطرًا على الأمن القومي.
من هم حلفاء كليجدار أوغلو؟
من جانبه قاد كليجدارأوغلو حملة انتخابية معتدلة. فحتى قبل بضعة أيام فقط أظهر نفسهكضامن لوحدة البلد و يسعى إلى توحيد المجتمع المنقسم. رمزه كان علامة القلب، وشعاره "أعدكم، سأعيد الربيع مرة أخرى".
بعد النتائج المخيبة في الجولة الأولى من الانتخابات، قامت المعارضة فجأة بتغيير جذري. فأصبح كليجدار أوغلو يتحلي بأسلوب صريح وعدائي، خاصة بحق اللاجئين السوريين، واستخدم ألفاظًا أكثر حدة، وهاجم بشدة اللاجئين.
وقبيل الجولة الثانية من الانتخابات، دخل أيضًا في تعاون مع حزب النصر اليميني المتطرف المعادي للمهاجرين، الذي حصل على 2,2 بالمئة من الأصوات في الانتخابات البرلمانية.
التحالف من أجل العمل والحرية، الذي يشكل حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد انتقد هذا التحالف، لكنه أعلن أنه سيدعم كليجدار أوغلو ولو بصعوبة. فهو يرى أن أردوغان ليس خيارًا بالنسبة إليه. ودعت قيادة الحزب قبل أيام من جولة الانتخابات الثانية الناخبين للذهاب إلى صناديق الاقتراع لوضع حد لهذا النظام.
تحالف كليجدار أوغلو الخاص ظل وفيًا له، ويتكون من ستة أحزاب مختلفة، بالإضافة إلى حزب كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري، يشارك في التحالف حزب الخير (IYI Parti)، الذي كان في الأصل جزءًا من أيديولوجية الذئاب الرمادية المتطرفة، لكنه يحاول تمثيل يمين الوسط. وتنتمي الأحزاب الصغيرة الأخرى إلى الطيف الإسلامي المحافظ بشكل عام.
ولا يزال تحالف كليجدار أوغلو، الذي يضم أحزابا مختلفة، يحاول وضع نفسه أكثر بموقع يمين الوسط، فيما تنتمي الأحزاب الصغيرة الأخرى إلى الطيف الإسلامي المحافظ بشكل عام.
مكافحة الفساد
قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، صرح كليجدار أوغلو بأنه يرغب في أن يكون رئيسًا مؤقتًا، يساهم في تحويل نظام حكم أردوغان الفردي إلى ديمقراطية برلمانية ويمنح السلطة للأجيال الأصغر سنًا. ومعروف أنه قد فشل في ذلك. وأصبحت عودة الديمقراطية البرلمانية بعيدة المنال. ولم تتمكن المعارضة من الحصول على الأغلبية اللازمة لتغيير الدستور.
في الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 14 مايو/ أيار، تمكن كليجدار أوغلو من جمع حوالي 45 بالمئة من الأصوات، وبالتالي كان ينقصه بما يقرب من 5 في المائة مقارنة بأردوغان. وظل تحالفه أيضًا دون توقعات الفوز، حيث حصل على 213 مقعدًا فقط. ومع ذلك، يقدر الكثيرون إنجاز كليجدار أوغلو في توحيد ستة أحزاب مختلفة تمامًا وتشكيل تحالف منها. وهو أمر فريد في تاريخ تركيا.
بالإضافة إلى ذلك ، نجح الرجل البالغ من العمر 74 عاما في كسر أحد المحرمات، إذ للمرة الأولى يتحدث سياسي بارز بصراحة عن أصوله العلوية. ففي مقطع فيديو تم تسجيله، قال كليجدار أوغلو: "أنا علوي وأنا مسلم مخلص تربى على الإيمان بالنبي محمد وعلي". وعادة ما يبقي العلويون، وهم أقلية دينية، انتماءهم سرا من أجل حماية أنفسهم من التمييز. كما تعرض زعيم المعارضة كليجدار أوغلو لهجمات متكررة بسبب أصوله. حتى حلفاؤه كانت لديهم تحفظات على ترشيحه. لكنه انتصر.
ويبقى كليجدار أوغلو يفتقر إلى المزيد من النجاحات لإظهارها. بيد أنه صنع اسما لنفسه كمسؤول مناهض للفساد في عدة مواقع شغلها، فقد كان عضوا في البرلمان التركي لفترة طويلة مثل أردوغان. ومنذ عام 2007، ترأس أيضا أكبر حزب معارض، حزب الشعب الجمهوري. وقد تحدث مفاجأة بفوز كليجدارأوغلو على أردوغان ليفتح صفحة جديدة من تاريخ هذا البلد.
إلماس توبجو/ علاء جمعة