أزمة الملف الإيراني ومستقبل الناتو في بؤرة اهتمام مؤتمر ميونيخ للأمن
٥ فبراير ٢٠٠٦ألقت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كلمة افتتاح الدورة الـ 42 لمؤتمر ميونيخ للأمن الذي بدئت فعاليته يوم أمس. وكما هو متوقع استحوذ التصعيد الأخير في أزمة الملف النووي الإيراني، علاوة على دور حلف شمال الأطلسي (الناتو) المستقبلي، على اهتمام النخبة السياسية والأمنية المشاركة في أكبر مؤتمر دولي شبه رسمي في العالم. ويشهد المؤتمر حضور ممثلي 50 دولة من بينهم 40 وزيرا للخارجية والدفاع وعدد من الشخصيات العسكرية والسياسية، وكذلك 250 خبيرا في قضايا الأمن الدولي. ومن بين المشاركين الأمين العام لحلف الشمال الأطلسي، ياب دي هوب، والمنسق الأعلى للسياسية الخارجية والأمنية المشتركة للإتحاد الأوروبي، خافير سولانا، ووزراء الدفاع كل من فرنسا، بريطانيا، وروسيا. كما حظي حضور رئيس الوفد الإيراني المفاوض في الملف النووي باهتمام الصحافة الدولية. يذكر أن هذا اللقاء النادر لنخبة صناع القرار الدولية تجعل من هذا اللقاء أحد أهم المنتديات التي تهتم بقضايا الأمن في ألمانيا.
رؤية ميركل لدور الناتو
وفي أول خطاب لها حول الخطوط العريضة والدوافع المبدئية للسياسية الخارجية الألمانية تطرقت ميركل التي سبق لها وأن استعرضت خطوطها العامة في أول تصريح حكومي لها بعد انتخابها مستشارة لألمانيا. ومن المعروف أن جوهر السياسة الأمنية والخارجية يتمثل في حرص برلين على تفعيل الدور الألماني في إطار سياسة أمنية أوروبية موحدة. وقد سبق وأن صرحت أنجيلا ميركل في هذا السياق قائلة: "على أوروبا أن تكون قادرة على الأخذ بزمام الأمور على صعيد السياسة الأمنية" وأضافت قائلة: "إن هذا لا يعني أن يحل الإتحاد الأوروبي محل حلف الشمال الأطلسي، بل أن يكمله. إن ما يهمنا هو أن يشكل الإتحاد الأوروبي دعامة للتحالف وتقوية له، لأن الناتو كان ولا يزال الركيزة القوية لأمننا المشترك. كما يظل الناتو المنتدى الإستراتيجي للتشاور والتنسيق بين ضفتي الأطلسي. وستعمل ألمانيا على إعادة ذلك التعاون إلى الجوانب التي لم يشملها بعد."
وتبقى الإشارة على أن قدرة الحوار داخل الناتو كانت محور مباحثات نفس المؤتمر في السنة الماضية في ميونيخ. حيث أن المستشار السابق غيرهارد شرودر كان قد تطرق إلى هذه القضية، معتبرا وقتها أن التحالف العسكري لم يعد المكان المناسب للتشاور بين دول ضفتي الأطلسي الست والعشرين، مما أثار ردود فعل متباينة آنذك. ورغم الدعوة التي وجهها المستشار الألماني السابق إلا أن "ثقافة الحوار عبر الأطلسية" داخل هيئات التحالف العسكري لم تشهد تتغيرا يذكر، وفق إجماع المراقبين.
من دون شك يشكل هذا المؤتمر فرصة لمناقشة المستجدات التي تفرضها الساحة الدولية، حيث حظى برنامج إيران النووي باهتمام بالغ لدى المشاركين في المؤتمر. وفي مداخلتها يوم أمس السبت رفضت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بصورة غير مباشرة هذه مطالب مختطفي المهندسين الألمانيين بشكل غير مباشر، حين أكدت أن ألمانيا ستواصل دعم إحلال الديموقراطية في العراق، وتشجيع برامج تأهيل رجال الشرطة العراقية كما فعلت عن طريق القيام بمثل هذا التأهيل في الإمارات العربية المتحدة.
ميركل تشبه إيران بالعهد النازي
وفي خطاب الأمس شبهت ميركل أمس السبت البرنامج النووي الإيراني بالتهديد الذي كان يمثله النظام النازي في ألمانيا في بداية عهده في الوقت الذي دعا فيه مسئولون أمريكيون الى تبني خط متشدد مع طهران لمنعها من صنع قنبلة نووية. وفي هذا السياق قالت ميركل أن حالة من اللامبالاة سادت في دول أخرى قبيل وصل هتلر الى السلطة. وأضافت أمام مجموعة من صناع سياسة الأمن والدفاع "بالنظر الى تاريخ ألمانيا في أوائل الثلاثينيات في فترة صعود الاشتراكية القومية /النازية/ كان هناك الكثيرون خارج ألمانيا ممن قالوا ان هذا مجرد كلام ولا داعي للانفعال." وتابعت قائلة: "كانت هناك فترات كان بمقدور الناس فيها أن يتحركوا بشكل مختلف ومن وجهة نظري فان ألمانيا ملزمة بالتحرك في مراحل مبكرة...نريد بل يجب علينا منع ايران من تطوير برنامجها النووي."
تشدد أمريكي وتحفظ ألماني
ومن جانبه امتدح السناتور الأمريكي جوزيف ليبرمان ميركل وحث العالم على أن يأخذ إيران بجدية. كما قال السناتور الجمهوري جون ماكين، الذي يطمح للترشح للرئاسة الأمريكية في الانتخابات القادمة، أن "العقوبات الاقتصادية يجب أن تفرض على إيران حتى لو كان ذلك يعني تجاوز الأمم المتحدة". كما أضاف أيضاً "العمل العسكري أيضا يجب ان يظل خيارا قائما ما لم تنصاع إيران إلى المطالب الدولية بوقف الأنشطة النووية. واتهم وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد الجمهورية الإسلامية بأنها "اكبر راع للإرهاب في العالم وهو اتهام رفضه نظيره الإيراني باعتباره "سخيف" و "مثير للحنق". كما وصف رامسفيلد زعماء ايران الإسلاميين بأنهم خطيرون للغاية وقال "لا يمكن السماح لهم بالحصول على أكثر الأسلحة فتكا في العالم." غير أن رمسفيلد وميركل كانا أكثر تحفظا من ماكين حيث أوضحا أن الدبلوماسية هي أفضل خيار. ووصفت ميركل خلاصة تصورها للتعاطي مع هذه الأزمة بقولها: "لا بد من استنفاد الوسائل الدبلوماسية. يجب أن نحتفظ بهدوء أعصابنا ونمضي خطوة خطوة."