أسطورة جوجل... ما طار طير وارتفع إلا وكما طار وقع؟
٣ نوفمبر ٢٠٠٧بعد أن قفز سعر سهم شركة خدمات الإنترنت الأمريكية الشهيرة جوجل، التي تدير أشهر محرك بحث على الإنترنت، إلى أكثر من 700 دولار تفجر جدل حاد في دوائر المال والأعمال والمدونين حول واقعية هذا التقييم. وتمحور السؤال الهام في إطار هذا الجدل حول مدى المبالغة في تقييم سعر سهم هذه الشركة، الذي شهد ارتفاعاً صاروخيا في السنوات الأخيرة.
ومن المعروف أن جوجل تحتل المركز الخامس في قائمة أكبر الشركات الأمريكية من حيث القيمة السوقية التي تصل إلى 219 مليار دولار. كما أن هذا الرقم يعني أن قيمة الشركة زادت بنسبة 800% مقارنة بقيمتها عند طرحها للاكتتاب العام لأول مرة قبل ثلاث سنوات لتصنع مجموعة جديدة من المليونيرات والمليارديرات الذين اقتنصوا أسهمها في البداية. في الوقت نفسه تعني هذه القيمة أن ثروة مؤسسي الشركة سيرجي برين ولاري بيدج تصل إلى 20 مليار دولار لكل منهما رغم أن عمرهما لا يزيد عن 34 عاما.
وفي الأسواق العالمية تزيد قيمة شركات أربعة فقط عن قيمة جوجل الحالية في البورصة وهي عملاق النفط والغاز "إكسون موبيل" والعملاق الصناعي "جنرال إلكتريك" وعملاق برمجيات الكمبيوتر "مايكروسوفت" وعملاق الاتصالات "أيه.تي أند تي".
وبغض النظر عن هذه المقارنة فإن قيمة جوجل السوقية تعد حاليا أكبر من قيمة العديد من الشركات الشهيرة مثل بروكتر أند جامبل للسلع الاستهلاكية التي تصل قيمتها إلى 215 مليار دولار والمجموعتين المصرفيتين العملاقتين بنك أوف أمريكا وسيتي جروب وقيمتهما 213 مليار دولار و209 مليارات دولار على الترتيب. كما أن قيمتها تزيد عن قيمة كوكاكولا للمشروبات، التي تبلغ 142 مليار دولار وماكدونالدز للوجبات السريعة وقيمتها 70 مليار دولار.
"جوجل مازالت في مرحلة بداية نموها"
تكمن المفارقة هنا في أن خبراء المال يرون أن شركة جوجل مازالت في بداية نموها، حيث أصبحت تجذب أفضل العقول في صناعة التكنولوجيا من كل أنحاء العالم، كما أنها تتوسع بقوة في مجال إعلانات الإنترنت المتصلة بعمليات البحث في الأسواق الضخمة بمختلف أنحاء العالم.
وأجرت وكالة بلومبرج للأنباء الاقتصادية استطلاعا للرأي شمل 37 محللا ماليا صنف 33 منهم سهم جوجل في فئة "يشترى" على أساس أن سعره سيرتفع في المستقبل. أما المحللون الأربعة الآخرون فصنفوا السهم في فئة "يحتفظ به" على أساس أن سعره مستقر ومن غير المنتظر أن يتراجع.
جوجل تسعى لدخول سوق الهاتف المحمول
وتأتي هذه القفزات الكبيرة في سعر سهم جوجل وسط تقارير تتحدث عن تحرك الشركة الأمريكية بقوة لدخول سوق الهاتف المحمول وهي سوق جديدة تماما بالنسبة للإعلانات عبر الإنترنت. وتقول التقارير إن الشركة اقتربت من تطوير ما يسمى "جي فون"، وهو جهاز هاتف محمول مجهزة بتقنيات تجعل الوصول إلى الخدمات القياسية لجوجل عبر الهاتف المحمول بنفس سهولة الوصول إليها عبر الكمبيوتر الشخصي.
وفي مبادرة أخرى أعلن عنها الأسبوع الحالي طرحت جوجل مجموعة من المعايير البرمجية لمواقع شبكات الإنترنت الاجتماعية وهي المواقع التي بدأت تحتل موقعا مركزيا بين قطاعات الإنترنت الأسرع نموا.
"تحذير من الانهيار"
وحتى دون هذه المبادرات فإن نمو أرباح جوجل يبدو بلا حدود، فقد أظهرت نتائج الشركة خلال الربع الثالث من العام الحالي زيادة أرباحها بنسبة 46% لتصل إلى 1.07 مليار دولار في الوقت الذي زادت فيه إيراداتها بنسبة 57% إلى 4.23 مليار دولار. ورغم ذلك فالصورة ليست وردية لدى كل المحللين الاقتصاديين، فالمحلل الاقتصادي المخضرم ريتشارد هانسين يشير إلى أن "سهم جوجل يرتفع بسرعة زائدة عن الحد وهو ما يمكن أن يعرض المستثمرين فيه لخسائر هائلة عند أول حركة تصحيح للسوق".
وفي أوساط مدوني الإنترنت المعنيين بهذه القضية نظرا لأهميتها لمستقبل الإنترنت يزداد الجدل حدا ويبدوا الانقسام واضحا في أوساط المختصين، حيث قال أحد المدونين إنه "يستطيع أن يضع قائمة طويلة بشركات التكنولوجيا، التي نمت بسرعة تفوق قدرتها على التكيف مع هذا النمو فكانت النتيجة أنها بدأت في الانهيار".
أما جورج ريديك، الرئيس التنفيذي لمؤسسة "إيمدج لاين" الاستشارية فيحذر من أن جوجل "ستنهار وستكون واحدة من أكبر حالات انهيار الشركات في تاريخ الولايات المتحدة". وفي المقابل هناك أصوات ترى أن جوجل مازالت في بداية تطورها. وفي هذا الإطار يقول المدون هيرب سندرمان: "سعر سهم مايكروسوفت اليوم يبلغ حوالي 30 ألف ضعف سعره عند طرحه للاكتتاب العام الأولي. وهذا يعني أن سهم جوجل مازال في البداية حيث أن سعره حاليا يعادل ثمانية أضعاف سعر طرحه."