أصوات دولية تطالب إسرائيل بالكشف عن ترسانتها الكيمياوية
٢٤ سبتمبر ٢٠١٣أجبرت الضغوط الدولية النظام السوري، المتهم باستخدام غاز السارين السام ضد شعبه في الحرب الأهلية في سوريا، على تقديم التزامات بتسليم الأسلحة الكيمياوية وتدميرها. وكخطوة أولى في هذا الاتجاه أعرب النظام السوري عن رغبته في الانضمام في شهر تشرين الأول/ أكتوبر القادم إلى اتفاقية الأمم المتحدة لحظر الأسلحة الكيمياوية. وبعد انضمام سوريا إلى هذه الاتفاقية الدولية لن تظل إلا ست دول خارج هذه الاتفاقية الدولية وهي مصر وأنغولا والسودان وكوريا الشمالية وميانمار وإسرائيل.
هذا التطور الأخير كان له أيضا وقع على إسرائيل المجاورة لسوريا، حيث تتعالى الأصوات التي تطالب إسرائيل بالكشف عن ترسانتها من الأسلحة الكيمياوية – وفي حالة ثبوت ذلك، فينبغي على إسرائيل هي الأخرى أن تتعاون مع المجتمع الدولي بهدف تدمير هذه الأسلحة السامة. وفي هذا الصدد كتبت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية الاثنين الماضي (16.09.2013): "سيكون من العار أن تجد إسرائيل في المستقبل نفسها أمام نفس الوضع الحالي في سوريا وأن تجبر بعدها تحت الضغط الدولي على المصادقة على اتفاقية الأسلحة الكيمياوية".
ضبابية بشأن ترسانة إسرائيل الكيمياوية
وحتى الآن لم تبد إسرائيل رغبتها في الانضمام إلى هذا الاتفاق الدولي. وهو ما يعتبره غيدو شتاينبيرغ ،خبير شؤون الشرق الأوسط والباحث في معهد الدراسات السياسية والأمنية في برلين، مؤشرا على أن إسرائيل تمتلك بالفعل هذه الأسلحة. ويضيف الخبير السياسي الألماني في لقائه مع DW: "هذا التوجه له فقط معنى إذا كانت الدولة تسعى إلى تجنب عمليات التفتيش، ولكن في النهاية نحن نعلم أن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية، أما بالنسبة للأسلحة الكيمياوية فنحن لا نعرف ذلك بالضبط".
ولكن هناك بعض الأدلة التي تشير إلى حيازة إسرائيل للأسلحة الكيمياوية، حسب تقرير صادر عن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية من عام 1983، نقلا عن مجلة "فورين بوليسي" هذا الأسبوع. ويتحدث هذا التقرير عن إنتاج الغاز السام في صحراء النقب. كما يشير أيضا إلى توفر إسرائيل على غاز الأعصاب وغاز الخردل ومواد كيمياوية أخرى، تستخدم في السيطرة على أعمال الشغب. ووفقا لمجلة "فورين بوليسي"، فإن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية كانت قد عثرت على أدلة تشير إلى توفر إسرائيل على غاز السارين. وهو غاز الأعصاب الذي استخدم في 21 آب/ أغسطس في غوطة دمشق، ما أسفر عن مقتل 1400 شخص على الأقل. وتتهم إسرائيل أيضا باستخدام الفوسفور الأبيض في هجوم على قطاع غزة في عام 2009.
غياب ضغط دولي حقيقي على إسرائيل
ولكن رغم كل هذه الاتهامات والأدلة يشكك العديد من الخبراء الدوليين في إمكانية تنامي الضغط الدولي على إسرائيل وإجبارها على الكشف عن أسلحتها الكيمياوية، وهو ما يؤكده أيضا رشيد عويسة، رئيس مركز دراسات الشرق الأدنى والأوسط بجامعة ماربورغ الألمانية في مقابلة مع DW: "أعتقد أن هذا مجرد خطاب، فالضغط الذي يمارس الآن على سوريا لن يحدث على إسرائيل، خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية وحتى الأمم المتحدة لم توجه مطالب مماثلة للحكومة الإسرائيلية حتى الآن".
وفي نفس السياق يشير الخبير السياسي الألماني، غيدو شتاينبيرغ إلى أنه حتى لو زاد الضغط على إسرائيل في الأسابيع المقبلة، فإن ذلك لن يكون له تأثير كبير على أرض الواقع، ويضيف: "المهم في هذا الصدد هو رد فعل الحكومة الأمريكية. ومن المؤكد أن هذه الأخيرة لن تسمح بتكثيف الضغط على إسرائيل. وأما في ما يتعلق بالموقف الأوروبي بشأن المسائل الأمنية، فإن إسرائيل لا تبالي بذلك بشكل كبير".
وبالإضافة إلى ذلك فإن الثقافة السياسية في إسرائيل لا تسمح بتقديم أي معلومات حول الترسانات العسكرية - سواء الأسلحة النووية أو الكيمياوية. وقد تكون زيادة الضغط على الحكومة الإسرائيلية جزءا من التكتيك السياسي للنظام السوري، فانضمامه إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيمياوية قد يجعل أصابع الاتهام توجه إلى إسرائيل. ولهذا يحذر شتاينبيرغ من الوقوع في هذا الفخ: "الأمر يتعلق الآن بتدمير الأسلحة الكيميائية في سوريا، وهذه مهمة صعبة في حد ذاتها".
إسرائيل ليست سوريا
وبدوره يشاطر رشيد عويسة هذا الرأي وينصح بعدم الانشغال حاليا بإسرائيل فيما يتعلق بمسألة الأسلحة الكيمياوية: "تأتي الآن سوريا على رأس جدول الأعمال ثم بعدها كوريا الشمالية ثم حزب الله ثم مصر - لذلك لا أرى ضرورة لهذه الضجة حول إسرائيل". ومن الواضح أيضا أن إسرائيل ليست قابلة للمقارنة مع نظام الأسد، فإسرائيل وصلت منذ فترة طويلة إلى قلب النظام العالمي وتتمتع بسمعة طيبة، رغم "كل الأخطاء والسلوكيات غير العادلة".
وعند سؤاله عن إمكانية انضمام إسرائيل لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن حظر الأسلحة الكيميائية، يقول غيدو شتاينبيرغ: "هذا قد يكون ممكنا في نهاية عملية سياسية يقوم فيها الأمريكيون بإقناع الإسرائيليين بأنه لا معنى للإصرار على حيازة أو التستر على الأسلحة الكيمياوية". ويضيف الخبير السياسي الألماني: "امتلاك إسرائيل لأسلحة نووية يجعلها على أي حال متفوقة عسكريا على كل جيرانها في المنطقة". ورغم كل هذه الحقائق، إلا أن بعض الخبراء الدوليين يشككون في مدى توفر الزخم الكافي للبدء في هذه العملية السياسية برعاية أمريكية.