أطفال سوريا يدفعون ضريبة اللجوء إلى الأردن
٢٨ يونيو ٢٠١٣يتحمل الأطفال السوريون العاملون في الأردن أعباء جسدية ونفسية في سبيل مساعدة أسرهم الفقيرة المجهرة قسرا من سوريا. وبملامح حزن على وجهه، وبكلمات لا تخلو من حسرة، يقول الطفل السوري زين العابدين محمد ناصر لـ DW عربية إنه "متضايق جدا" لعدم تمكنه من الذهاب إلى المدرسة رغم حبه الشديد للدراسة "فهو كان من الأوائل في صفه" ويضيف أنه "اضطر إلى العمل وتحمل مصاريف أسرته هو وأخوه.
زين: أشعر بالأسى حين أرى طلابا يذهبون للمدارس
زين العابدين الذي لجأ منذ نحو عام ونصف إلى مدينة المفرق شمال شرق الأردن مع أفراد عائلته الخمسة "بمن فيهم والده المصاب" قادما من حمص، يؤكد أنه يشعر بالأسى عندما يرى أقرانه يذهبون لمدارسهم بينما هو يذهب إلى المقهى الذي يعمل فيه ليسمع أحيانا "كلمات مسيئة لا يستطيع الرد عليها مطلقا" لأنه يفكر بأهله ومصاريفهم. ويقول زين ذو الخمسة عشر ربيعا إن ما يهون عليه وجود 15 طفلا سوريا من أصحابه يعملون بأعمال قد تكون أصعب من عمله بالمقهى "فمنهم البليط والدهين ومنهم من يعمل في محلات البقالة والألبسة" وغيرها.
وبنبرة فخر في صوته يخلص الطفل السوري إلى القول "أنا أساعد أبي غير القادر على العمل بسبب الإصابة التي تعرض لها في سوريا وأصرف على البيت مع أخي والكل يقدرني ويحترمني".
وتؤكد شيرين الطيب، رئيسة قسم مكافحة عمالة الأطفال في وزارة العمل الأردنية في حوار مع DW عربية، أن فرق الوزارة تضبط باستمرار، من خلال زيارات "تفتيشية دورية"، أطفالا عاملين من الجنسية السورية بحيث "يقوم المفتشون باتخاذ الإجراءات القانونية بحق صاحب العمل" وتشير إلى أن مشروعا جديدا فيما يخص الأطفال العاملين من الجنسية السورية ستتم بلورته قريبا.
"إجراءات قانونية بحق من يسيئ للطفل"
وفيما يتعلق بالإساءات التي قد يتعرض لها الأطفال أثناء عملهم تقول الطيب، إنه في حال ثبوت أي إساءة جسدية أو لفظية ضد الأطفال، يتم اتخاذ الإجراءات القانونية والتي تصل في حال ثبوت ذلك إلى درجة إغلاق المؤسسة للمدة التي يراها الوزير مناسبة.
وتضيف الطيب أنه ومنذ آذار مارس من العام الحالي 2013 بدأ التطبيق التجريبي للإطار الوطني لمكافحة عمل الأطفال الذي يحدد مهام ومسؤولية الوزارات المعنية، وهي العمل والتربية والتعليم والتنمية الاجتماعية، وذلك بدعم من مشروع "نحو أردن خال من عمل الأطفال" والذي تنفذه منظمة العمل الدولية "ويجري حاليا تطبيق المرحلة الأولى من نظام الرصد الوطني لعمل الأطفال.
"ضبط 30 طفلا سوريا خلال 5 أشهر"
من جهته يقول الدكتور فواز الرطروط، مدير السياسات والإدارة الإستراتجية بوزارة التنمية الاجتماعية والناطق الإعلامي باسمها في حوار مع DW عربية، إن الوزارة تتعامل مع الأطفال الذين يتم ضبطهم وهم يعملون في الشوارع على أنهم متسولون ويؤكد أن الوزارة ضبطت في الأشهر الخمس الأولى من العام الحالي من خلال 392 حملة 1317 متسولا ومتسولة منهم 30 طفلا سوريا بواقع 21 ذكر و9 إناث.
ويضيف الرطروط أن دور وزارة التنمية الاجتماعية في مجال القضاء على عمالة الأطفال يتمثل بمهام عدة، منها تسجيل الجمعيات المعنية بذلك، والتوعية بمخاطر عمالة الأطفال من منظور حقوقهم الإنسانية التي كفلتها التشريعات الوطنية والمواثيق والاتفاقيات الدولية، وضبط المتسولين سواء أكانوا بالغين أو أطفال. وفيما يتعلق بالأطفال فأنه يتم التعامل مع قضاياهم كمحتاجين للحماية والرعاية "وذلك يساعد على انتزاع الكثير من الأطفال المتسولين من أسرهم، وإلحاقهم بدور الرعاية الاجتماعية.
"قلق وتوتر وانشغال بقضية الوطن"
ويقول الأستاذ الدكتور في علم الاجتماع في الجامعة الأردنية والبلقاء التطبيقية حسين الخزاعي في حوار مع موقع DW عربية، إن بعض الأطفال السوريين في الأردن انخرطوا في سوق العمل بأجور متدنية جدا قد لا تتجاوز ثلاثة دولارات في اليوم ولساعات طويلة قد تصل إلى 12 ساعة. ويشير إلى أن بعض الأعمال التي يقومون بها قد لا تناسب مع أعمارهم وبنيتهم الجسمية "فبعضهم يعمل تحت أشعة الشمس في الشوارع". وبعضهم في الكراجات والبقالات وعند الإشارات الضوئية كبائعين متجولين و"معظمهم ما دون عمر المراهقة وهذه المرحلة تكون مرحلة تكوين جسمي تحتاج إلى الاهتمام والرعاية من الآخرين".
ويشير الخبير الاجتماعي إلى أن هؤلاء الأطفال يعانون من القلق والتوتر والانشغال بقضية الوطن والعودة إليه وبأقاربهم وبأصدقائهم وبيوتهم داخل سوريا، خاصة وأن الفضائيات العربية والدولية تسلط الضوء بشكل يومي على الطائرات التي تقصف وعلى الدبابات التي تجتاح وعلى الأسلحة التي يتم استخدامها في سوريا. و"هذا يولد معاناة نفسية كبيرة لهم ويولد أيضا قلقا وتوترا مضاعفا".
"الصورة السلبية قد تنعكس إيجابيا"
ويقول الدكتور الخزاعي إن الأطفال السوريين العاملين في الأردن أصبحوا يعانون مثل الكبار و"هذه الفترة من حياتهم ستبقى في ذهنهم ولن تمحى نهائيا" خاصة وأن الذاكرة عندهم قد اكتملت" لكن "هذه الصورة السلبية" قد تنعكس إيجابيا في المستقبل في حال عودتهم لبلدهم عبر تعويض هذه السنوات التي مضت من عمرهم بأيام وذكريات أجمل وبالتالي تجاوز هذا الموضوع بمزيد من الجهد والعمل والتدخل الذهني والاجتماعي.