أقباط سيناء- من يحميهم من تهديد السلفيين؟
١ أكتوبر ٢٠١٢نفى الأنبا قزمان راعي الكنيسة والبابا في شمال سيناء ما تردد مؤخراً عن تهجير الأسر المسيحية المصرية من رفح ونقلها إلى العريش، وقال لوكالة الأنباء الألمانية إنه لم تحدث أي عمليات تهجير بدليل تواجد أصحاب محال تجارية تعرضت لإطلاق الرصاص ولم يغادر أصحابها المدينة. هذا النفي بحد ذاته ينبئ عن وجود تهديد حقيقي للمسيحيين في شبه جزيرة سيناء التي تشهد انهيارا امنيا متزايدا.
رئيس الوزراء المصري هشام قنديل زار سيناء يوم السبت (29 أيلول / سبتمبر) وأعلن أن حكومته ستحمي الأقباط أينما وجدوا، لكنه لم يلتق بأبناء الطائفة القبطية خلال الزيارة.
الواقعة كما تشير بعض المصادر لم تتجاوز تهديد عائلة واحدة، أو بضع أسر قبطية، لكن مخاوف الأقباط تتعاظم من تداعيات هذا الوضع. وقد استنكر النائب البرلماني هيلاسيلاسي غني ميخائيل، عضو مجلس الشورى بمحافظة المنيا، تهجير الأقباط من سيناء، محذرا من أن تتحول سيناء إلى ''قندهار جديدة''.
لكن الصحفي المصري علي عبد العال وفي حديث مع DWعربية قلل من جدية وحجم التهديد، مستشهدا بما قاله الأنبا قزمان راعي الكنيسة في شمال سيناء، ومشيرا إلى أن" منشورا لا يعلم مصدره قد وزع في المنطقة، وقد خافت بسببه أسرة قبطية وغادرت المنطقة، فشاعت الأنباء عن وجود حملة تهجير".
"تم تفريغ المنطقة من وجود الدولة لتسهيل إقامة إمارة إسلامية"
وفي معرض بيانه لموقف الرئيس المصري محمد مرسي باعتباره مرشد الإخوان المسلمين السابق، أشار عبد العال إلى أن "الرئيس مرسي حريص جدا على أن لا يتعرض الأقباط لأي تهديد" ، وبيّن عبد العال أن ذلك يأتي بناء على رغبة مرسي في أن لا يقول أحد إنه في عهد مرسي جرى تهديد الأقباط. وأشار عبد العال، إلى أن الجيش وقوات الأمن المصرية تعي هذه المعلومة جيدة وهي تقوم حاليا بحماية الأقباط بشكل محكم.
أقباط مصر بشكل عام يعتبرون غياب الدولة سببا رئيسا لاستهدافهم وباقي الأقليات، وهو ما أشار إليه المفكر القبطي كمال زاخر في حديثه إلى DWعربية مبينا أن سلفيي سيناء أطلقوا أفعالهم ونيرانهم العدوانية ابتداء على رمز السلطة في المنطقة، فاستهدفوا بالرصاص وقذائف آربي جي مراكز الشرطة في المنطقة حتى أجبرت الشرطة على مغادرة المكان .
ونبّه زاخر إلى أن الجيش محكوم في وجوده بسيناء باتفاقيات كامب ديفيد وما بعدها "وبالتالي فقد تم تفريغ المنطقة من وجود الدولة كعنصر حاسم في حماية الأمن، حتى يستقيم لهم الأمر في تنفيذ مخططهم بإقامة إمارة إسلامية، فكان لابد من إخلاء المنطقة من المختلفين معهم في الدين بما يوازي عمليات التطهير العرقي".
الصحفي علي عبد العال يختلف مع هذا الرأي ويشير إلى أنّ التنظيمات السلفية الجهادية في سيناء لم تعلن قط رغبتها في إقامة إمارة إسلامية، ولكنهم أعلنوا مرارا أنهم "معنيون باستهداف إسرائيل، وهذه إشكالية كبيرة ينبغي الوقوف أمامها" حسب تعبيره.
"حماية الأقباط لا تأتي ضمن ترتيب أولويات السلطة"
أغلب الآراء تلقي بالمسؤولية على عاتق رجال الأمن، من هنا قال أسقف شبين القناطر للأقباط الأرثوذكس، الأنبا بطرس إن "الأمن لابد أن يحمي الأقباط، وإذا لم يسيطر على الموقف فمن الوارد أن يتكرر في أكثر من مكان".
ويرى مراقبون أن وضع الدولة المصرية ما زال غير مستقر، لذا تتفاقم مشكلات الأقليات التي لا تجد أحدا يحميها، وفي هذا السياق أشار المفكر كمال زاخر إلى أن مصر تمر بمرحلة اضطراب طبيعي بعد الثورة، لكن هذا الاضطراب لا يجب أن يمتد إلى ما لا نهاية و"السلطة الحاكمة الآن هي التي يجب أن تتحمل العبء الأكبر، إذ يبدو أن الأمر لا يأتي ضمن ترتيب أولوياتها".
وربط زاخر تراخي قوات الأمن بالسلطة السياسية مشيرا إلى أن هذا التراخي يدعمه "عدم وجود إرادة سياسية لدى السلطة الحاكمة للانتهاء من هذه الأزمة". وأشار زاخر إلى أن النظام لو شاء إنهاء الأزمة لفعل والدليل هو قدرته سابقا على إقامة انتخابات مجلس الشعب على مستوى البلد بأكمله رغم شيوع البلطجة وغياب الأمن آنذاك.