ألمانيا أمام تحديي توفير الأمن والحفاظ على روح المونديال الرياضية
٢٧ مايو ٢٠٠٦مع اقتراب موعد انطلاق مونديال ألمانيا لعام 2006 تزداد وتيرة الإستعدادات لهذا العرس الكروي العالمي. وتعمل كل من اللجنة المنظمة والسلطات الألمانية حاليا على قدم وساق على وضع اللمسات النهائية لاستقبال هذه المناسبة وتوفير المناخ الملائم لها تحقيقا لشعار "العالم ضيف عند أصدقاء". وفي حين تأمل ألمانيا بتنظيم مونديال مثالي والحيلولة دون حدوث أي شيء قد يعكر صفو المناسبة أو يعطي انطباعا سلبيا عن الألمان أمام العالم، يمثل هذا الأمر تحديا كبيرا لجميع المؤسسات الألمانية، حسب اعتراف وزير الداخلية الألماني فولفجانج شتويبلر. غير أن الجهات المسئولة تؤكد، بل وتراهن على نجاحها في مواجهة هذا التحدي. وتتمثل هذه التحديات في حفظ الأمن داخل وخارج الملاعب، ومكافحة أعمال الشغب والعنصرية، وكذلك إفشال إمكانية وقوع اعتداءت إرهابية.
تحدي حفظ الأمن ...
يحظى موضوع الحفاظ على الأمن أثناء المونديال باهتمام كبير من قبل السلطات الألمانية، التي تبذل بدورها جهودا مضاعفة لدراسة كل السيناريوهات مهما كان احتمال وقوعها ضئيلا، من أجل وضع الترتيبات اللازمة لها. وفي هذا الصدد كان وزير الداخلية الألماني قد كشف النقاب عن خطة أمنية ترافق المونديال، مؤكدا في الوقت نفسه على انه سيكون هناك مرونة عالية في التعامل مع كل الحالات التي قد تنشأ خارج نطاق هذه الخطة. ومن ضمن ما كشف عنه الوزير الألماني انه سيتم الاستعانة بالجيش الألماني في الحدود التي يسمح بها الدستور.
ويتوقع ان يكون هذا المونديال من أكثر المونديالات مراقبة في التاريخ بعد أن تم استنفار 10 آلاف شرطي مدعومين بنحو 7000 جندي، فضلا عن طائرات الرادار من نوع اواكس التابعة للحلف الأطلسي. أما بالنسبة للمخاوف من وقوع هجمات إرهابية، فإن الحكومة الألمانية تردد منذ عدة اشهر "بانه لا يوجد هناك أي دلائل دامغة تشير إلى تهديدات إرهابية" أثناء المونديال. وكإجراء احتياطي تشير بعض المعلومات إلى ان السلطات الأمنية وضعت خطة صارمة لمراقبة الاسلاميين المتشددين على الأراضي الألمانية وإعادة العمل بنظام المراقبة والتدقيق على معابر الحدود، بما في ذلك الحدود التي كانت مفتوحة مع الدول الأوروبية المجاورة.
.......لكن دون تعكير أجواء الفرح وحسن الضيافة
يظل الحفاظ على أجواء البهجة أثناء المباريات هو الهدف الأساسي لهيئة التنظيم الألمانية، لذلك تبقي الإجراءات الأمنية حالات استثنائية، فهى تهدف بالدرجة الأولى إلى توفير الظروف الملائمة للتمتع بمناخ كروي رياضي عالمي. كما يسعى منظمو المونديال إلى إبعاد شبح الخوف والعمل على خلق أجواء مفعمة بالحيوية والفرح بما يتناسب مع حسن الضيافة. وفي هذا السياق قال نائب رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم ثيو زفنتسيغر: "ألمانيا قدمت ترشيحها للمونديال بعد ان قطعت على نفسها وعدا بأنها ستكون مضيفة فرحة ولطيفة بهدف إبراز صورة جميلة عن بلدنا". وأضاف قائلا "كما نسعى إلى ان يتمكن الناس من التعبير عن سعادتهم"، لكن إذا كانت المدرعات متمركزة في الصف الخلفي من باب الاحتياط، فلن يكون ذلك مناسبا، حسب تعبيره.
مكافحة الشغب والعنصرية
يعتقد البعض ان التهديد الأكبر سيكون من جانب مشاغبي الملاعب الذين يعرفون "بالهولوجانس". وتشعر المانيا بالقلق مع توقع قدوم نحو 10 آلاف مشجع رياضي مشاغب من اصحاب السوابق. لذا وضعت الشرطة قيد العمل تدابير احترازية لمنع هؤلاء من القيام بإعمال عنف يترواح مفعولها بين توجيه الانذارات والتوقيف الاحتياطي. وستعمل غرفة المعلومات الرياضية المركزية التي تضم فرقة خاصة من الشرطة الألمانية على مراقبة ومنع دخول المشاغبين إلى الأراضي الألمانية. كما سيكون هناك بنك معلومات يضم أسماء المشجعين من أصحاب السوابق لاتخاذ العقوبات المناسبة بحقهم حسب ما وعدت به العدالة الألمانية. واعتبر نائب رئيس هذه الغرفة اندرياس مورباخ: " بالنسبة للشرطة ستكون الملاعب آمنة بسبب المراقبة الصارمة، لكن أعمال العنف يمكن ان تحصل في أي مكان اخر كما ان الساحات التي ستثبت فيها شاشات كبيرة لنقل المباريات ستحظى باهتمام مماثل كتلك التي سيتم وضعها على مداخل الملاعب. يذكر هنا ان انكلترا منعت حتى الآن حوالي 3000 مشاغب من أصحاب السوابق من التوجه إلى المونديال، لكن لا احد يعرف حتى الان بالتحديد عدد المشجعين الذين سيحضرون إلى المانيا الشهر المقبل. في هذا السياق أكد وزير الداخلية المحلي في العاصمة برلين ايهرهارت كورتينغ "ان المونديال هو عيد ولن نمسح للمشاغبين بإفساده".
يبقى هناك تحد أخر لا يقل أهمية عن التحديات السابقة يتمثل في الاعتداءات العنصرية. ويتسم هذا الموضوع بحساسية خاصة بالنسبة للألمان، لاسيما بعد وقوع بعض الاعتداءات مؤخرا على ألمان من أصول أجنبية من قبل اليمين المتطرف. هذا الامر دفع الحكومة الألمانية إلى الوعد بالتصدي للتصرفات العنصرية المتوقعة بشكل حازم وعدم السماح بتشويه صورة المانيا والشعب الألماني أمام العالم.