ألمانيا تبحث عن عمالة أجنبية ماهرة .. وهذه هي المـُعَوِّقات!
٨ يونيو ٢٠٢٣في ألمانيا، هنالك شح في عدد العمال المهرة المتخصصين، كما أن العمالة الماهرة بدأ عددها بالتناقص. وأشهر مثال على هذا التطور هو غالبا مجال رعاية المرضى والمسنين. ولكن هناك أيضًا صعوبات متزايدة في شغل أماكن شاغرة في قطاعات أخرى، وتحديدا في وظائف الخدمات الاجتماعية والتعليم والحرف اليدوية وصناعة المعادن والالكترونيات وفي قطاع تكنولوجيا المعلومات.
وفقًا لمركز الكفاءة لتأمين العمال المهرة، وهو مشروع تابع لوزارة الاقتصاد الألمانية، من ناحية الحسابات الرياضية البحتة، لم يمكن شَغل 632488 وظيفة شاغرة في ألمانيا في عام 2022 من خلال تعيين أشخاص عاطلين عن العمل مؤهلين إلى حد ما. وفي السنوات الأخيرة، أصبحت ما تسمى بـ"فجوة العمال المهرة" أكبر من أي وقت مضى.
في السياسة، كان معروفًا منذ سنوات أن ألمانيا يجب أن تعتمد بشكل متزايد على العمال المهرة من الخارج. وأن البلاد يجب أن تصبح أكثر انفتاحًا وجاذبية للمهاجرين عبر إجراءات من بينها إزالة العقبات البيروقراطية.
السياسة تأمل في تحقيق نجاحات سريعة
بينما لم يحدث الكثير من قبل، يريد التحالف الحكومي الآن تسريع الأمور. قانون هجرة العمال المهرة المعدّل، يهدف خصوصا إلى تسهيل هجرة المتخصصين المؤهلين من دول خارج الاتحاد الأوروبي. ولا يزال مشروع ذلك القانون قيد المناقشة.
كما وافقت الحكومة الاتحادية على أسس قانون الجنسية الجديد، الذي يرى أن التجنس سيكون ممكناً في المستقبل بعد خمس سنوات بدلاً من ثماني سنوات، وفي بعض الحالات بعد ثلاث سنوات. ولم يعد من الضروري أيضًا التخلي عن الجنسية السابقة، كما يحدث حتى الآن.
وترحب بريانكا ماني برغبة السياسيين والشركات في تحسين الإجراءات لجذب العمال الأجانب المهرة. جاءت ماني نفسها إلى ألمانيا من الهند في عام 2016، وحصلت في نورمبرغ على درجة الماستر في نظم المعلوماتية الاقتصادية، ثم تمكنت من دخول عالم العمل. وتعمل اليوم مديرة تكنولوجيا المعلومات بقطاع الإنتاج بإحدى شركات السيارات.
لكن قصة بريانكا ماني هي غالبا حالة فردية، فهي تدين بنجاحها قبل كل شيء إلى طموحها الخاص. "في ذلك الوقت، يكاد لم يكن هناك أي معلومات مثل عن أن الدراسة مجانية وأن التوازن بين العمل والحياة جيد هنا"، تقول ماني.
ونظرًا لأن الأمر كان صعبًا للغاية بالنسبة لها، بدأت في مرحلة ما بإعلام آخرين على وسائل التواصل الاجتماعي بالإمكانيات الموجودة وكيفية العثور على صفحة الويب المناسبة وكيف تسير إجراءات التقديم في ألمانيا.
وصف الوظائف باللغة الألمانية فقط
وتتابع الشابة البالغة من العمر 29 عامًا الآن أكثر من 160 ألف مستخدم على إنستغرام، وأصبح تدريب الأشخاص الراغبين في الهجرة، بشكل أساسي من الهند، ولكن أيضًا من البلدان الأفريقية أو الفلبين، بمثابة عمل ثان لها.
تسد بريانكا ماني فجوة، لأن كثيرا من المعلومات ليست متاحة بسهولة للناس في الخارج: على سبيل المثال، ما مدى الحاجة إلى مهنتك في ألمانيا، وكيفية الدفع، وكيفية تصميم السيرة الذاتية لتقديمها لأصحاب العمل الألمان أو ما هي المؤهلات التي يجري الاعتراف بها.
القائمة طويلة - وفي بعض المجالات يمكن تحقيق تحسينات كبيرة بجهد قليل نسبيًا. وتقول ماني: "غالبًا ما يكون وصف الوظائف في الإنترنت باللغة الألمانية فقط، حتى لو كانت لغة العمل لاحقًا في الواقع هي الإنجليزية". وغالبًا ما لا تتم الإجابة بشكل واضح على السؤال الأساسي حول ما إذا كانت الشركة ستهتم باستصدار التأشيرة والبحث عن سكن.
بيروقراطية زاجرة
وعلى كل حال فإن التأشيرة، إلى جانب اكتساب اللغة والاعتراف بالمؤهلات، هي واحدة من أكبر العقبات التي تواجه العمال المهرة من خارج دول الاتحاد الأوروبي. وإجراءات التأشيرة معقدة، ويمكن أن تكون زاجرة للعمال المتخصصين والشركات كذلك.
هناك عدد من المشاريع لتوظيف العمال المهرة في ألمانيا، والتي يتم في سياقها تبسيط هذه الجوانب بشكل كبير. إحداها هي "الحرفة تقدم مستقبلا" (Handwerk bietet Zukunft) التي تعرف اختصارا باسم (HabiZu)، ويدعم المشروع الممول من قبل الوزارة الاقتصاد الاتحادية الشركات الحرفية في توظيف عمال من البوسنة والهرسك.
ويفترض أن الأمر هنا يتعلق صراحة فقط بالهجرة للعمل في النهاية في وظائف متخصصة وليس العمل كمعاونين. وفي إطار "HabiZu"، يتم جمع التجارب المهمة للحرف المتأثرة بشدة من نقص العمال المهرة، ليتم تضمينها أيضًا في قانون هجرة العمال المهرة الجديد.
رالف ماير هو المسؤول عن المشروع في منظمة التنمية المنفذة له "Sequa". ويشرح ماير: "عندما تكون في مؤسسة حرفية صغيرة لا يكون هناك أحد يمكنه الاهتمام بإجراء اتصالات مع الناس في دولة خارج الاتحاد الأوربي، لكن هذا بالطبع، كما يمكن أن نقول، أسهل بكثير لمستشفى مثلا".
مساعدة قيمة في بداية طريق العمل
في مشروع "HabiZu"، ترافق "Sequa" عملية التوظيف بأكملها وتعمل بشكل وثيق مع وكالة العمل في البوسنة والهرسك ومع وكالة العمل الاتحادية في ألمانيا. ويتم تمويل دورة اللغة الألمانية للمشاركين في المشروع في وطنهم، ويتم التحقق من مدى إمكانية الاعتراف بتدريبهم المهني أيضًا في ألمانيا وتوصيلهم بالشركات.
وعلى أرض الواقع في ألمانيا يوجد موظفو دعم الاندماج للتعامل مع السلطات والبحث عن سكن. ويوضح ماير: "البحث عن شقة هو أمر صعب بالفعل على الناس العاديين، وبالنسبة للأشخاص الذين يأتون من الخارج وبالطبع لا يكسبون الكثير في البداية أكثر صعوبة".
بيد أنه مع اقتراب نهاية المشروع التجريبي، ستختفي مرة أخرى مزايا مثل دورة اللغة الألمانية المدفوعة أو المرافقين الداعمين في الاندماج. وفي النهاية سيتم النجاح في توفير عدد أقل بكثير من العمال المهرة مما كان متوقعًا في بداية المشروع في عام 2020.
وعن هذا يقول ماير: "لقد تعلمنا أن هجرة العمال المهرة لا تتم بالسهولة التي قد يتخيلها كثيرون. فمع أن كثيرا من الناس حول العالم مهتمون بالحصول على وظيفة جيدة، وربما أيضًا في ألمانيا، لكن هناك صعوبات في نقاط عديدة، وغالبًا ما تكون الاستثمارات مطلوبة أولاً".
ويلخص ماير النتيجة قائلاً إنه من ناحية أخرى، قدم المشروع خبرة عملية مهمة للسياسة وللمنظمات الحرفية والشركات، يمكن للمرء أن يبني عليها. "يمكنك القول إن الكأس نصفه فارغ ونصفه ممتلئ في نفس الوقت".
بريانكا ماني ترى الأمر بالمثل. وتعتبر المشاريع التجريبية الحكومية مثل "يداً في يدٍ" (Hand in Hand)، التي تستهدف على وجه التحديد الأشخاص من البرازيل والهند وفيتنام، رائعة، ولكن يجب أن يكون هناك المزيد منها، ويجب أن يكون هذا الدعم أكثر انتشارًا.
وتكرر ماني مناشدتها للشركات الألمانية والدولة الألمانية: "اجذبوا العمال المهرة من خلال اللغة الإنجليزية، ووفروا المعلومات باللغة الإنجليزية. وإلا فلن تصلوا أبدًا إلى الأشخاص المناسبين".
إينس أيزيله/ ص.ش