ألمانيا قٌبيل مونديال قطر.. حضور الانتقادات وغياب الحماس
٧ نوفمبر ٢٠٢٢منذ تنظيمها لبطولة كأس العالم لكرة القدم في عام 2006، والأجواء الاحتفالية الخيالية التي شهدتها البطولة في ذلك العام، دأبت ألمانيا على استقبال بطولات كأس العالم بعد ذلك بأجواء احتفالية تجلت من خلال تزيين الألمان لواجهات المباني وشرفات المنازل والسيارات بالأعلام الألمانية.
بالإضافة إلى إعلان وترويج بلديات المدن إلى نصب شاشات كبرى في بعض الساحات المهمة لاستقبال الجماهير الكروية الراغبة في متابعة مباريات المونديال في أجواء حماسية، دون الحديث عن عرض المحلات التجارية للأقمصة الرياضية وبعض أدوات التشجيع بألوان المنتخبات المشاركة.
ازدياد حدة الانتقادات
هذا الحماس والابتهاج الذي يسبق انطلاق بطولة كأس العالم، يبدو خافتا في ألمانيا على بعد أيام معدودة من انطلاق مونديال قطر 2022، في ظل الانتقادات التي ازدادت حدتها في وسائل الإعلام الألمانية على خلفية شروط منح قطر تنظيم البطولة وطريقة تعاملها مع العمّال المهاجرين وحقوق المثليين والنساء، على غرار السلسلة الوثائقية "قطر ـ كأس العالم للعار" التي أنجزتها القناة الألمانية الأولى، والتي تتكون من أربعة أجزاء.
هذه الانتقادات لم تقتصر فقط على وسائل الإعلام والمسؤولين الرياضيين في ألمانيا مثل الدولي الألماني السابق أندرياس ريتّيش، بل شملت حتى بعض السياسيين، مما تسبب في عاصفة دبلوماسية بين ألمانيا وقطر، خاصة بعد تشكيك وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فايزر بأهلية قطر لاستضافة البطولة، إذ قالت خلال مقابلة تلفزيونية إنّ استضافة قطر للمونديال أمر "بالغ الحساسية" بالنسبة للحكومة الألمانية، مشددة على أنه "من الأفضل عدم منح شرف تنظيم البطولات لمثل هكذا دول".
قطر تتنقد ألمانيا
في المقابل، اتهم وزير الخارجية القطري ألمانيا "بازدواجية المعايير" بسبب انتقاداتها لسجل حقوق لإنسان في بلاده ودافع في مقابلة صحفية نشرت اليوم الاثنين (السابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2022) عن استدعاء الدوحة للسفير الألماني للاحتجاج.
وقال الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في لصحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ الألمانية "من ناحية، يتم تضليل االشعب الألماني من قبل السياسيين الحكوميين. ومن الناحية الأخرى، ليست لدى الحكومة (الألمانية) مشكلة معنا عندما يتعلق الأمر بشراكات أو استثمارات في مجال الطاقة".
وتقام نهائيات كأس العالم 2022، خلال الفترة من 20 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري وحتى 18 كانون الأول/ ديسمبر المقبل، حيث ستكون هذه هي المرة الأولى التي تنظم فيها البطولة بدولة عربية والمرة الثانية في دولة آسيوية، بعد نسخة عام 2002 في كوريا الجنوبية واليابان.
دعوات للمقاطعة
رأي يتفق معه الرئيس السابق لرابطة الدوري الألماني أندرياس ريتيش إلى أبعد الحدود. المدير الرياضي السابق للعديد من الأندية الألمانية يدعو جماهير كرة القدم في ألمانيا إلى مقاطعة مباريات كأس العالم ما أمكن، رغم أنه يعترف بصعوبة تجاهل مباريات المنتخب الألماني.
وقال ريتيش، الذي أضحى أكثر الوجوه الرياضية المنتقدة لمنح قطر استضافة بطولة كأس العالم في ألمانيا، "يجب أن نرفع صوتنا ونعبر عن رأينا بخصوص هذا المونديال الذي يجب أن يتحول إلى أكبر كارثة للعلاقات العامة بالنسبة لقطر".
ويصف ريتيش تنظيم قطر لبطولة كأس العالم بـ"الفضيحة"، مؤكدا على أن منح شرف تنظيم البطولة لبلد دون ثقافة كروية تتجاوز فيه درجة الحرارة 50 درجة صيفاً ينم عن "قلة احترام تجاه اللاعبين والحكام وحتى المشجعين".
"مونديال الشتاء"
وعلى هامش إياب مباراة كولونيا الألماني ونيس الفرنسي ضمن بطولة دوري المؤتمر الأوروبي، التقت DW عربية مع بعض المشجعين وسألتهم عن آرائهم بخصوص بطولة كأس العالم 2022 في قطر.
بعض من تحدثت إليهمDW عربية كان يجهل حتى تاريخ انطلاق البطولة هذا الشهر، كما هو الشأن بالنسبة لسفين (24 عاما) من مدينة آخن الذي قال "إن بطولة كأس العالم تعني بالنسبة لي فصل الصيف. وقال سفين "كل اهتمامي منصب الآن على مباريات الدوري الألماني (بوندسليغا) وكذلك المنافسات الأوروبية، مؤكدا أنه يفتقد للأجواء التي تسبق انطلاق بطولة كأس العالم".
أما آندي (33 عاما)، فوصف منح قطر شرف تنظيم البطولة بـ"المزحة". وقال إن "الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لا يهمه إلا جني المال ولا يهتم بتطوير لعبة كرة القدم". وتابع آندي "لن يكون بإمكاني متابعة جميع مباريات المونديال، لكنني سأحرس على متابعة مباريات المنتخب الألماني". وتحسر آندي، المشجع الوفي لفريق كولونيا، على إقامة البطولة في فصل الشتاء على عكس ما جرت به العادة، متمنيا أن "يُمنح تنظيم كأس العالم مستقبلا لدول تكون فيها الظروف المناخية مناسبة".
"هدف في مرمى قطر"؟
بدوره، تحسر كلاوس (55 عاما) عن غياب الحماس قبل أيام من انطلاق بطولة كأس العالم 2022. وقال كلاوس "قطر سجلت هدفاً في مرماها. فبدل تحسين صورتها، يتحدث العالم أجمع عن سجل حقوق الإنسان فيها وينتقد تجاوزاتها بشأن التعامل مع العمال المهاجرين". وتابع كلاوس "لا أحد يتحدث عن كأس العالم رغم كل الأموال التي دفعتها للمؤثرين بهدف الترويج الإيجابي لها".
وكانت وكالات الأنباء قد تحدثت عن منح اللجنة العليا للمشاريع والإرث المنظِمة لمونديال قطر 2022 حجوزات فنادق وتذاكر مباريات وبطاقات ائتمان مدفوعة مسبقا لمئات المروّجين من أنحاء العالم وشجّعتهم على نشر تعليقات إيجابية حول البلد المضيف.
ويشارك أكثر من 450 مشجعا من 59 دولة في البرنامج وفق اللجنة المنظمة التي تؤكد أنه "لا يقوم على دفع مقابل لمشجعين ضيوف للقيام بترويج منسّق". وتشدد على أن "دورهم تطوعي وغير مدفوع الأجر" ولا ينطوي على "أي التزام بمشاركة المحتوى الذي توفره لهم اللجنة".
لكن مدونة السلوك التي وقعها "قادة المشجعين" تفرض بعض "مبادئ النشر الفضلى" التي يجب احترامها على شبكات وسائل التواصل الاجتماعي. وتورد الوثيقة أن "رأيك يخصك" لكن "من غير المناسب الانتقاص من قطر أو اللجنة المنظمة أو كأس العالم".