ألمانيا مع دولة فلسطينية عبر المفاوضات وليس الأمم المتحدة
١٤ سبتمبر ٢٠١١أجرى وزير الخارجية الألمانية غيدو فيستر فيله في العاصمة الأردنية عمان محادثات تتناول الوضع في المنطقة ومصير عملية السلام في الشرق الأوسط التي باتت تحتل مرتبة متراجعة في الاهتمام بتوجه كل الأنظار إلى موجة التغيير الشاملة التي تغمر المنطقة. فيستر فيله أعلن أن برلين تأمل في التوصل إلى "موقف أوروبي موحد" من توجه السلطة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة لنيل اعترافها بالدولة الفلسطينية المزمع الإعلان عنها. من جانبه وصف وزير الخارجية في السلطة الفلسطينية رياض المالكي الموقف الألماني إزاء المسعى الفلسطيني للتوجه إلى الأمم المتحدة "بغير الإيجابي".
أما الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط ميشائيل لودرز فقد انتقد، في لقاء مع دويتشه فيله، الموقف الألماني بهذا الشأن. فالحكومة الألمانية "أعلنت بوضوح، ومنذ زمن طويل، أن قيام دولة فلسطينية مستقلة هو جزء أساسي في حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. والآن تعارض قيام هذه الدولة في الأمم المتحدة". ويعرب لودرز عن اعتقاده بأن هذا الموقف "نابع من التاريخ الألماني من جهة، ومن جهة أخرى إلى الصداقة العميقة التي تجمع المستشارة انغيلا ميركل بإسرائيل".
ألمانيا تشجع العودة إلى المفاوضات
بعد الاجتماع الوزاري للجنة مبادرة السلام العربية بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية في القاهرة أكد صائب عريقات عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أن "ذهابنا إلى الأمم المتحدة للحصول على العضوية الكاملة لدولة فلسطين لا يتعارض تماما مع إقامة دولة فلسطينية من خلال المفاوضات بل هو على العكس يكرس مبدأ الدولتين، كما يكرس القانون الدولي". ويبدو أن الاعتراض الألماني ينصب على أن مثل هذه الخطوة ستؤجج النزاع ولن تساعد في دعم عملية السلام، وهذا على الأقل هو الموقف الرسمي المعلن. لكن لم يرشح عن الأوساط الرسمية الألمانية ما يشير إلى موقف تفصيلي يكشف سبب الاعتراض، إلا أن متحدثا باسم وزير الخارجية الألمانية قال في تصريحات صحافية لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) "إن الباب لم يغلق" فيما يخص موقف برلين حيال المسعى الفلسطيني.
وقال المتحدث الذي طلب عدم ذكر اسمه إن ألمانيا لن تأخذ قرارا نهائيا حول ما إذا كانت ستؤيد المسعى الفلسطيني "طالما أنه لا يزال من غير الواضح ما الذي سيوضع على الطاولة". ويمكن أن يلقي الموقف الألماني بظلاله على العلاقات الألمانية الفلسطينية ، لكن الخبير في شؤون الشرق الأوسط ميشائيل لودرز استبعد ذلك مشيرا إلى " أن السياسة الألمانية الخارجية على وشك أن ترتكب خطأها الثاني هذا العام بعد رفض ألمانيا دعم عمليات الناتو في ليبيا ضد نظام القذافي. الموقف الحالي غير ايجابي، ليس على صعيد علاقات ألمانيا بالفلسطينيين فحسب، بل على صعيد علاقاتها بالبلدان الأوروبية الأخرى وبالدول العربية أيضا".
الموقف الأوروبي
مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون صرحت عقب مشاركتها في اجتماع لجنة متابعة السلام العربية في القاهرة (الاثنين 12.09.2011)، الذي حضره الرئيس الفلسطيني محمود عباس أيضا، بأن "الدولة الفلسطينية، وفقا للموقف الأوروبي، يتعين أن تقوم عبر المفاوضات وليس من خلال الأمم المتحدة". ويتناغم هذا الموقف مع الموقف الألماني، رغم أن موقفا أوروبيا نهائيا بهذا الخصوص لم يتبلور حتى الآن. لكن ميشائيل لودرز اعتبر أن "المواقف الأوروبية متناقضة بهذا الشأن، فمن ناحية تبدو فرنسا وبريطانيا واسبانيا متفهمة للتطورات التي تجري في المنطقة في ظل الثورات العربية، في حين تصر برلين على الاستمرار في سياستها القديمة تجاه مشكلات الشرق الأوسط، وهذا سيؤدي إلى عزلة عميقة لألمانيا".
الموقف الغربي عموما يدعم مفاوضات السلام في الشرق الأوسط، "لكنه يخشى من أن يؤدي المشروع الفلسطيني الجديد إلى إيقاف مسيرة المفاوضات". إلا أن المحلل السياسي الألماني لودرز يبدي استغرابه من هذه المخاوف متسائلا "أية مفاوضات هذه؟ المشكلة الأساسية في تعثر عملية السلام هي بناء المستوطنات. وبوجود هذه المستوطنات سيكون إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل أمرا مستحيلا".
ملهم الملائكة
مراجعة: أحمد حسو