ألمانيا وتحدي استيعاب المزيد من اللاجئين
٢٠ أغسطس ٢٠١٥في صالة الانتظار بإحدى الجمعيات الخيرية الصغيرة في أحد أحياء مدينة القاهرة الفقيرة، تشرح فايدة بهدوء كيف تكسب قوت يومها. تعيش فايدة على ما يجود به جيرانها ومسجد الحي من قسائم طعام مصدرها مانحون دوليون. وتضيف اللاجئة السورية ضعيفة البناين، التي تبلغ من العمر 44 عاماً، لـDW أن ابنها البكر يقوم ببعض الأعمال المتفرقة عندما يتمكن من إيجادها، إلا أنه "عندما أحتاج إلى دواء، يتوجب عليّ بيع بعض الأثاث أو الملابس".
ومن الممكن أن تنضم فايدة وأطفالها إلى العديد من اللاجئين الفارين من الحروب والتقلبات السياسية في الشرق الأوسط، وتنتقل من دول الجوار إلى مكان آخر، إذ تعاني تلك الدول من صعوبة في توفير الرعاية المناسبة لعشرات الآلاف من اللاجئين.
وكان وزير التنمية الألماني، غيرد مولر، قد طالب الاتحاد الأوروبي بتوفير 10 مليارات يورو لمساعدة الدول المجاورة لسوريا في التعامل مع أزمة اللاجئين. وصرح مولر لصحيفة "دي فيلت" الألمانية بالقول: "إذا لم نحل المشاكل محلياً، فإنها ستصل إلينا".
نحو 800ألف لاجئ؟
لكن الكثير من هؤلاء اللاجئين في طريقهم إلى ألمانيا حالياً، إذ تقدم ثلث اللاجئين الذي وصلوا إلى أوروبا العام الماضي بطلب الحصول على لجوء في ألمانيا. وبحسب تقارير إعلامية، فإن مكتب الحكومة الألمانية لشؤون الهجرة واللجوء يستعد لإصدار إحصائية خلال الأسبوع الحالي تتنبأ بزيادة في عدد طلبات اللجوء لهذا العام. حيث أكد وزير الداخلية الألماني أن حكومته تتوقع استقبال 800 ألف طالب لجوء هذا العام.
وفيما تكافح بلديات المدن الألمانية لتوفير عدد ملائم من المساكن لأولئك الذين ينتظرون البتّ في طلباتهم، لجأت بعض البلدات والقرى الصغيرة إلى إيواء هؤلاء اللاجئين في خيام وثكنات عسكرية. كما طالبت السلطات بالمزيد من الموارد للتعامل مع الزيادة المطردة في عدد اللاجئين الوافدين، خاصة في ظل وصول العديد من المدن إلى الحد الأقصى من طاقتها الاستيعابية، كما أعلن غيرد لاندسبيرغ، المدير الإداري لاتحاد البلدات والبلديات الألماني.
من جهة أخرى، خرج بعض الساسة الألمان للمطالبة بتشديد قوانين اللجوء، مثل وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير، الذي صرح الأسبوع الماضي بأنه يؤيد تسريع إجراءات ترحيل أولئك الذين رُفضت طلبات لجوئهم، بينما تحدث وزير الداخلية توماس دي ميزييه عن أنه يفضل تقديم مساعدات عينية للاجئين عوض المال.
وفي الوقت الراهن، يتلقى كل لاجئ في ألمانيا يقيم في أحد مراكز إيواء طالبي اللجوء 143 يورو شهرياً، بالإضافة إلى بعض الأمور العينية. هذا المبلغ يزداد قليلاً عندما ينتقل طالب اللجوء من السكن المشترك، لأن الأمر يتطلب منه إنفاق المزيد على الملابس والطعام.
دعوات لتقليص العطايا
لكن وزير داخلية ولاية بافاريا، يوآخيم هيرمان، أعلن هذا الأسبوع أنه يؤيد تقليص المبلغ المالي الشهري المقدم للاجئين القادمين من منطقة البلقان، بعد أن غيّرت الحكومة الألمانية تقييمها للمنطقة إلى "آمنة"، مما يعني تسريع البتّ في طلبات اللجوء المقدمة من هناك وتسريع ترحيل من رُفضت طلباتهم أيضاً. وأضاف هيرمان في مقابلة صحفية أن المبالغ المالية تشكل "حافزاً" للكثيرين كي يأتوا إلى ألمانيا، خاصة من دول البلقان. وتابع الوزير بالقول: "على ألمانيا أن تقرر ما إذا كانت قادرة على تحمل تكاليف الاستمرار في هذا الكرم".
إلا أن موقف الوزير البافاري يختلف معه آخرون، مثل منظمة "برو آزول" المعنية بشؤون اللاجئين، والتي نددت بالسياسات المقيدة. وقالت المنظمة إن تقليص الأموال المقدمة سيؤدي إلى حصول اللاجئين على أقل من الحد الأدنى الضروري لحياة عادية. وأضاف مدير المنظمة، بيتر بوركهاردت: "في الوقت الراهن، يصارع اللاجئون للمشاركة في الحياة اليومية".
لذلك، من غير الواضح ما إذا كان الساسة يريدون تخفيض المبالغ المقدمة للاجئين بموجب قانون، خاصة وأن المحكمة الدستورية الألمانية حكمت في عام 2012 بأن طالبي اللجوء يحق لهم الحصول على حد من الدعم يكفي لحياة كريمة.
الأمم المتحدة تنادي بمزيد من التضامن
يتفق الكثيرون أنه لا بد من فعل المزيد لتخفيف العبء. فيوم أمس الثلاثاء، حذر مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، أنتونيو غوتيريس، من عدم ترك ألمانيا والسويد يتحملان العبء الأكبر فيما يتعلق بطالبي اللجوء في أوروبا، مطالباً، في مقابلة مع صحيفة "دي فيلت"، بقية الدول الأوروبية بالمزيد من التضامن واستقبال أعداد أكبر من هؤلاء الفارين من هول الحروب والاضطهاد في بلدانهم.
وأشار غوتيريس إلى أن المسؤولية في ذلك "يجب أن تكون مشتركة ... إذ من غير الممكن على المدى الطويل أن تستقبل دولتان أوروبيتان فقط – هما ألمانيا والسويد – السواد الأعظم من اللاجئين".
وبالعودة إلى القاهرة، تقول اللاجئة السورية فايدة إنها تحلم بالعودة إلى وطنها سوريا، حتى وإن كان أملها في تحقيق ذلك قريباً ضئيلاً للغاية. وتقول فايدة: "أريد فقط لأطفالي أن يعيشوا حياة كريمة، في أي مكان".