ألمانيا - وجهة مفضلة لطالبي اللجوء في أوروبا
١٧ يوليو ٢٠١٣"الأشخاص المضطهدون سياسيا لهم الحق في اللجوء"، هذه الجملة القصيرة ضمن دستور ألمانيا أثارت قبل 20 عاما جدلا سياسيا كبيرا في البلاد. وإلى حين ذلك التاريخ شكلت ألمانيا بقانونها الليبرالي في منح اللجوء نقطة جذابة للمضطهدين الذين يبحثون عن ملجأ. وقد بلغ عدد طالبي اللجوء في ألمانيا عام 1992 في أوج ذلك الجدل السياسي نحو 440 ألف شخص. وبعدما تم تعديل قانون اللجوء ودخوله حيز التنفيذ في يونيو 1993 انخفض عدد طالبي اللجوء في السنوات التالية بشكل كبير في ألمانيا.
لكن بعد مرور 20 عاما على "الحل الوسط في سياسة اللجوء" المتفق عليه بين الأحزاب تطورت ألمانيا مجددا إلى إحدى أبرز البلدان المستقبلة لأشخاص يبحثون عن حماية. وصنفت دراسة حديثة صادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين جمهورية ألمانيا في المرتبة الثالثة من حيث إيواءها للاجئين (585.000 ) بعد باكستان (1،6 مليون) وإيران (868.000 ).
احتلال ألمانيا لهذه المرتبة المتقدمة لا يعود لوجود تغيير في سياسة اللجوء المتبعة في البلاد، بل هو مرتبط فقط بثغرات في أسلوب الإحصاءات المعتمد. ويقول شتيفان تلوكين من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فرع ألمانيا "نحن في ألمانيا ندرج في موضوع حق اللجوء أيضا الأشخاص الذين سبق أن تقدموا خلال العقود الأخيرة بطلب للحصول على اللجوء، ولم يقبل منهم، ولكن تم تسوية وضعهم الإنساني بشكل ما".
الدول الفقيرة تتحمل العبء الأكبر
الإحصائيات الألمانية ما تزال تشمل إلى جانب لاجئين من مناطق أزمات قائمة أكثر من 200 ألف يهودي هاجروا في التسعينات من جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقا ويعيشون حاليا في ألمانيا.
ويرغب كثير من اللاجئين حاليا في الحصول على حق اللجوء في ألمانيا حيث وصل عدد الطلبات إلى نحو 64 ألف في عام 2012 لتحتل ألمانيا المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية، أي قبل فرنسا (55.000 ) والسويد (44.000 ). وفي هذا السياق يقول شتيفان تلوكين إن "ألمانيا لها تقاليد لجوء قديمة يمكن أن تفتخر بها". وغالبية طالبي اللجوء في ألمانيا لا تنحدر حاليا من مناطق الأزمات في إفريقيا مثلا، بل من صربيا وأفغانستان وسوريا.
وتكشف بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن أكثر من 45 مليون شخص كانوا السنة الماضية في طريق الهجرة أو تم طردهم من أوطانهم. وتتحدث فرانتسيسكا فيلمار من منظمة العفو الدولية عن مقارنة صعبة بين الدول المستقبلة للاجئين، "لأن قائمة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تصنف كينيا في المرتبة الرابعة التي تأوي 500 ألف لاجئ يعيشون في مدينة كبيرة من الخيم، بحيث لا يمكن مقارنة أوضاعهم باللاجئين المندمجين والذين يعيشون حياة عادية في ألمانيا".
لكن لا يمكن القول بأن ألمانيا لا تفعل الكثير في منح اللجوء على مستوى العالم. فألمانيا تعهدت بإيواء 5000 لاجئ سوري فارين من ويلات الحرب، وصل منهم 4000 شخص منذ مطلع السنة الجارية إلى ألمانيا التي تكون بالاشتراك مع السويد قد استقبلت نحو ثلثي مجموع اللاجئين السوريين في أوروبا. ويتحدث مندوب الحكومة الألمانية لشؤون اللاجئين، ماركوس لونينغ عن "مؤشر هام"، كما أن منظمة العفو الدولية تنظر في هذا السياق إلى ألمانيا كنموذج يحتدى به بالنسبة إلى بلدان أوروبية أخرى، علما أن سياسة اللجوء لم تعد في ألمانيا موضوعا يطرح في الحملات الانتخابية.
مستقبل مجهول
ولا يعرف أحد كيف ستتطور أعداد اللاجئين خلال السنوات المقبلة في ألمانيا، بالرغم من أن دول الاتحاد الأوروبي توصلت مؤخرا إلى قواعد موحدة فيما يخص إيواء طالبي اللجوء. وتنص القوانين الأوروبية الجديدة على أن يطلب الشخص حق اللجوء في البلد الأول الذي وضع فيه قدمه، وبما أن ألمانيا محاطة من كل جهة ببلدان أوروبية أخرى، فإنه من المتوقع جدا أن ينخفض عدد طالبي اللجوء في ألمانيا. لكن المحاكم الألمانية ما تزال تعتبر أن ظروف إيواء اللاجئين ومعاملتهم في اليونان وإيطاليا مثيرة للجدل، الأمر الذي لا يشجع حاليا على إعادة إبعادهم خارج ألمانيا في اتجاه هذين البلدين.