أنظار العالم موجهة إلى مؤتمر الأمن العالمي في ميونيخ
١٦ فبراير ٢٠١٧يُتوقع مشاركة أكثر من 500 مشارك في مؤتمر ميونيخ الأمني الـ 53 الذي تنطلق فعالياته الجمعة (17 فبراير/شباط 2017) في عالم تغيرت ملامحه بصفة كبيرة مقارنة مع المعطيات التي كانت قائمة أثناء المؤتمر في السنة الماضية، ونذكر من بين القضايا المطروحة في هذا السياق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانتشار موجة "الأخبار الزائفة" وانتخاب دونالد ترامب كرئيس أمريكي، وترافقها علامات استفهام بالتعاون القائم بين أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. والحروب التجارية تلوح في الأفق. كما يتم التساؤل مبدئيا حول التعاون داخل حلف شمال الأطلسي. وكان الرئيس ترامب قد وصف التحالف العسكري الشمالي الأطلسي بأنه "قديم"، ما يثير بعض الريبة في أسس مجموعة القيم الغربية. كما أن أسلوب ترامب غير الواضح في التعامل مع روسيا يثير مخاوف قديمة في كثير من بلدان أوروبا.
الشعور بعدم الأمن سيسيطر على أروقة المؤتمر المرتقب في ميونيخ الذي يشهد طلبات للمشاركة لم يسبق لها مثيل، كما أكد ذلك منظم المؤتمر فولفغانغ إيشنغر أثناء تقديمه الاثنين (13 فبراير/شباط) في برلين نبذة عن الحدث الذي يستمر ثلاثة أيام في ميونيخ.
المؤتمر من شأنه توضيح نهج الولايات المتحدة الأمريكية
47 وزير خارجية و30 وزير دفاع و90 برلمانيا سيشاركون في المؤتمر الذي يستضيف أيضا رؤساء أوكرانيا وبولندا والأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومندوبة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فريديريكا موغيريني والأمين العام لحلف شمال الأطلسي. وقال إيشينغر:"الوحيدين الذين لم نوجه لهم الدعوة هو الكوريون الشماليون، لم تكن لنا الشجاعة الكافية للقيام بذلك".
وجميع الأنظار موجهة إلى وفد الحكومة الأمريكية الذي يضم نائب الرئيس مايك بينس الذي يُتوقع أن يلقي كلمة حول مبادئ السياسة الأمريكية. وإلى جانب بينس يُنتظر مشاركة وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس ومستشار الأمن القومي المثير للجدل مايك فلين. أما الكونغريس الأمريكي فسيتم تمثيله من قبل السيناتور الجمهوري جون ماكين الذي يُعد من المنتقدين الكبار للخطوات الأولى التي أقدمت عليها إدارة ترامب. ويتوقع فولفغانغ إيشنغر أن يدافع الأمريكيون مبدئيا عن حلف شمال الأطلسي مع مطالبة الأوروبيين بتقديم مزيد من الالتزام المالي والعسكري.
ميركل ثقل موازن
وحتى المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وعدد من الوزراء الألمان سيشاركون في المؤتمر بميونيخ. والكثير من المراقبين يترقبون خطابها كثقل موازن لسياسة ترامب "أمريكا أولا"، وتوصف ميركل على مستوى العالم بأنها سياسية ثابتة تعمل من أجل ديمقراطية منفتحة وليبرالية. وهذا النموذج يواجه ضغوطا من قبل الحركات القومية المتحجرة في أوروبا. وهذا ما تعيشه أيضا المستشارة ميركل في ألمانيا حيث من المرجح على أبعد تقدير في سبتمبر المقبل موعد الانتخابات التشريعية أن يدخل حزب "البديل لألمانيا" الشعبوي قبة البرلمان الألماني. وحتى في الانتخابات المزمعة في فرنسا وهولندا يهدد الشعبويون بإحراز نجاحات تطالب بالخروج من الاتحاد الأوروبي.
ويعتبر فولفغانغ إيشنغر أن من المهام المحورية لمؤتمر ميونيخ توضيح قيمة الاندماج الأوروبي وقوة مقاومته للحكومة الأمريكية الجديدة. وقال إيشنغر إنه لو فرضت طريقة تفكير ترامب نفسها، لأصبح ذلك "انتكاسة في العلاقات الأطلسية". وكان ترامب قد رحب بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وشجع دولا أوروبية أخرى على تقليد البريطانيين.
"القومية هي طريق أوروبا إلى التفاهة"
وحتى رئيس البرلمان الألماني نوربرت لاميرت لا يدخر جهدا في دعوة مواطني أوروبا والسياسة في برلين إلى مواجهة الحركات الشعبوية القومية بالحجة والتبات. وقال لاميرت إنه في الوقت الذي لا يمكن للدولة الوطنية الواحدة أن تواجه تحديات العولمة سيكون من غير المسئول أن تكسب شعارات العودة إلى "الحديقة الصغيرة" زخما بين الناس. وأوضح لاميرت أن العودة إلى التفكير بمقاييس وطنية ضيقة، كما تطالب بذلك الجبهة الوطنية الفرنسية بزعامة مارين لوبين أو اليميني الشعبوي الهولندي غيرت فيلدرس ما هي إلا الطريق نحو "لا قيمة لأوروبا غير المبرمجة لكن المتوقعة".
وإلى جانب الموضوعات الرئيسية التي تشغل الساحة السياسية الدولية يقدم منظمو مؤتمر ميونيخ الفرصة لبحث الأزمات والنزاعات المتعددة في العالم، مثل سوريا واليمن وأوكرانيا. كما أن برنامج المؤتمر سيناقش سياسة روسيا وتزايد خطر الإرهاب. وهذا نطاق موضوعات واسع لمؤتمر بدأ في 1963 كلقاء غير رسمي بين شركاء أمريكيين وألمان.
ريشارد فوكس/ م.أ.م