أوروبا نحو مزيد من التشدد والعداء تجاه الأجانب المهاجرين
٧ أكتوبر ٢٠٠٦تعد سويسرا من الدول المعروفة بانفتاحها على العالم، إلا أن قانونا جديدا سيجعل منها أكثر بلدان القارة الأوروبية تشددا تجاه اللاجئين. ولهذا القانون دلالة مهمة تشير إلى تصاعد ظاهرة العداء تجاه اللاجئين والأجانب في القارة، حيث أن 68 بالمئة من السويسريين وافق على هذا القانون في الاستفتاء العام الذي أجري في 24 سبتمبر/ أيلول الماضي.
النموذج السويسري يتداعى
ومما يعنيه دخول القانون حيز التنفيذ أن حوالي 80 بالمئة من اللاجئين الموجودين في سويسرا حاليا لن يتمكنوا من الحصول على إقامة بسبب عدم امتلاكهم الوثائق الرسمية اللازمة لذلك. وسيجرم القانون كل من يقدم المساعدة لهذه الفئة من اللاجئين، كما يقضي بتقليل المساعدات الحكومية المقدمة لهذه الفئة إلى حد كبير. وتعارض الأحزاب اليسارية والكنائس والمنظمات الحقوقية في سويسرا هذا القانون، وتعتبره منافيا للمواثيق الدولية المتعلقة باللاجئين.
ليست سويسرا أول دولة تطبق مثل هذا القانون في أوروبا الغربية، حيث تم تعديل قانون اللجوء في هولندا أيضا بحيث يلزم المتقدم إلى اللجوء بأن يثبت هويته الأصلية من خلال أوراق رسمية. ويمكن قراءة هذا التعديل في سياق التقدم الذي تشهده الحركات المتطرفة في الدول الأوروبية، خصوصا أن الأحزاب اليمينية السويسرية أيدت هذا القانون بقوة. ويرجح المراقبون أن يتم خلال السنوات القادمة إلغاء القوانين التي تعطي حقوقا للأجانب والمهاجرين واللاجئين في عدد لا بأس به من الدول الأوروبية، إذا ما استمر اتجاه السياسات الأوروبية في هذا الطريق.
عداء الأجانب موضوع الحملات الانتخابية
مراقبة التطورات الأخيرة التي أجريت في عدد من الدول الأوروبية تبين أن الأحزاب اليمنية المتطرفة تلقى نجاحا من خلال دعايتها الانتخابية التي تعتمد على معاداة الأجانب بشكل أساسي. ففي النمسا التي أجريت فيها انتخابات برلمانية بداية الشهر الجاري ركزت الأحزاب اليمينية المتطرفة في دعايتها الانتخابية على تأجيج مشاعر الناخبين ضد الأجانب والمسلمين بشكل خاص. ووعدت "رابطة مستقبل النمسا" المتطرفة بإبعاد 300 ألف أجنبي في حال مشاركتها في الحكومة، بينما ركز "الحزب النمساوي الحر" على شعار "الوطن بدلا من الإسلام" في حملته الانتخابية مما أثار حفيظة الجمعيات الإسلامية النمساوية. وأسفرت الانتخابات عن دخول هذين الحزبيين المتطرفين في البرلمان وذلك بحصول "النمساوي الحر" على 11.2 بالمئة (بزيادة 1.2 بالمئة عن عام 2002) و"مستقبل النمسا" الذي يشارك لأول مرة في الانتخابات على 4.2 بالمئة.
أما على الصعيد الألماني فتركز الأحزاب اليمينية المتطرفة كذلك على شعارات معادية للأجانب. وتمكن حزب النازيين الجدد المتطرفين من الحصول على 7 بالمئة من الأصوات، والدخول لأول مرة إلى برلمان ولاية ميكلنبورغ فوربومرن الشرقية في الانتخابات المحلية التي أجريت هناك في 17 سبتمبر الماضي.
البطالة ليست السبب الأساسي
عادة ما يحذر المراقبون من تنامي قوة الأحزاب اليمينية المتطرفة في ألمانيا خصوصا في المناطق التي تكثر فيها البطالة في صفوف السكان الألمان. إلا أن النمسا وسويسرا لا تعانيان من مشكلة البطالة ورغم ذلك فإن الانتخابات والاستفتاءات الأخيرة أظهرت تنامي قوة اليمين المتطرف في كلا البلدين، الأمر الذي ينذر بوجود نزعة أوروبية عامة نحو التطرف ضد الأجانب غير مرتبطة بالضرورة بالعوامل الاقتصادية.
بشار حميض