أوروبا ولاجئو أوكرانيا.. إجراءات سريعة وقواعد استثنائية!
٥ مارس ٢٠٢٢هل يمكن للاجئين الأوكرانيين دخول دول الاتحاد الأوروبي كسائحين؟
لا يحتاج الأوكرانيون لتأشيرة دخول (فيزا) للسفر إلى دول الاتحاد الأوروبي ومن بينها ألمانيا، وبالتالي يمكن للنازحين الأوكرانيين السفر ودخول جميع دول الاتحاد الأوروبي والإقامة فيها لمدة 90 يوماً دون فيزا، بشرط أن يحمل المسافر جواز سفر بيومتري. ونظراً للواضع الحالي والحرب في أوكرانيا، يسمح للنازحين بعبور الحدود بدون جوازات سفر أيضاً.
وعن وضع اللاجئين الأوكرانيين في ألمانيا يقول البروفسور فينفريد كلوت، خبير شؤون الهجرة وأستاذ القانون العام في جامعة هاله: "بالنسبة للفيزا السياحية فإن السائح يؤمن معيشته ونفقاته بنفسه في الحالة العادية. لكن الآن نحتاج إلى عروض قبول من البلديات من أجل أن يستطيع الأطفال الالتحاق بالمدارس مثلاً. وحتى بالنسبة للسكن يحتاج الناس للمساعدة أيضاً. وبعض الولايات الألمانية مثل ساكسونيا أنهالت قد اتخذت بعض الإجراءات من أجل ذلك".
ماذا بعد مضي 90 يوماً من الإقامة؟
بعد مضي ثلاثة أشهر، يمكن للاجئين الأوكرانيين تقديم طلب لدائرة الأجانب المحلية لتمديد إقامتهم 90 يوماً آخر، وذلك بناء على قرار استثنائي لوزارة الداخلية الاتحادية في هذا الشأن. وصحيح أن هذا القرار ليس ملزماً للولايات ولكنها عادة ما تتبع قرار الوزارة الاتحادية.
إلى أي حد كان يتم قبول طلبات اللجوء في الفترة الماضية؟
أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، عن الاستعداد لاستقبال كافة اللاجئين الأوكرانيين حتى بدون تقديمهم طلبات لجوء. ومعظم الـ 150 ألف أوكراني في ألمانيا الآن لديهم إقامات نظامية. وترى منظمة "برو أزويل" أن عدداً قليلاً منهم سيحتاج لتقديم طلب لجوء. وحوالي 3 آلاف تم وقف ترحيلهم من ألمانيا سابقاً.
لماذا من المحتمل الآن أن يحل ما يعرف بـ "تعليمات التدفق الجماعي" محل طلب اللجوء؟
وزيرة الداخلية الألمانية الاتحادية نانسي فيزر أشارت إلى إمكانية العمل بهذه التعليمات، من خلال مطالبتها بقبول اللاجئين الأوكرانيين بدون تعقيدات بيروقراطية. ففي عام 2001 أصدر الاتحاد الأوروبي ما يعرف بـ "تعليمات التدفق الجماعي" لمواجهة تدفق اللاجئين من يوغسلافيا السابقة، وتأمين الحماية والإقامة لهم لمدة تصل إلى ثلاث سنوات بدون الحاجة لفحص كل حالة على حده، وبدون إجراءات لجوء طويلة. هذا بالإضافة إلى السماح لهم بالعمل والحصول على المساعدات الاجتماعية والرعاية الطبية ولم الشمل أيضاً.
لكن مع تدفق اللاجئين عام 2015 لم يتم تفعيل تلك التعليمات، لأن تفعيلها يتضمن أيضاً آلية توزيع اللاجئين على دول الاتحاد الأوروبي وعدد اللاجئين الذين يجب على كل دولة أن تستقبلهم.
في هذا السياق يقول البروفسور فينفريد كلوت خبير شؤون الهجرة: "تصريح الإقامة سيكون في البداية لمدة عام، ويمكن تمديده لثلاثة أعوام. وكل دولة ستحدد حصتها من اللاجئين الذين تستطيع استقبالهم. وبناء على ذلك سيتم توزيع اللاجئين، ويمكن لكل دولة قبول المزيد فيما بعد. وفي ألمانيا سيتم توزيع اللاجئين على الولايات بحسب الحجم والوضع الاقتصادي لكل ولاية".
هل يمكن لألمانيا أن تقرر استقبال اللاجئين من أوكرانيا بسرعة دون انتظار دول الاتحاد الأوروبي الأخرى؟
نعم، إن برنامجاً محلياً لاستقبال اللاجئين، سيتم وضعه على ضوء قواعد الاتحاد الأوروبي، وسيوفر حماية مؤقتة لمدة تصل إلى ثلاث سنوات من دون فحص كل حالة على حده. كما يمكن لألمانيا أن تقرر تطبيق هذه القاعدة على اللاجئين من مناطق محددة في أوكرانيا. ومن المحتمل أن تلجأ ألمانيا إلى ذلك في حال لم تصل دول الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق بهذا الشأن.
إلى أين يمكن أن يذهب اللاجئون الأوكرانيون في ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى؟
على عكس ما حصل عام 2015، حيث استقبلت ألمانيا لوحدها مئات آلاف اللاجئين، يتوقع الخبراء أن يتم توزيع اللاجئين من أوكرانيا على جميع دول الاتحاد الأوروبي. البروفسور هربرت بروكر، الباحث في معهد أبحاث سوق العمل والمهن، يقول: "في السابق لم تكن ألمانيا من الدول الرئيسية المستهدفة من قبل المهاجرين الأوكرانيين. وإنما كانوا يفضلون الذهاب إلى دول أخرى مثل بولندا والتشيك وإيطاليا أو سلوفاكيا بالإضافة إلى وجود جالية أوكرانية كبيرة في الولايات المتحدة وكندا أيضاً. الآن أيضاً لن تكون ألمانيا بلداً مهماً، وإنما الدول المجاورة "لأوكرانيا". لكن أتوقع أن تزداد أهمية ألمانيا. وحتى الآن يعيش الأوكرانيون في مدن ألمانيا الكبرى مثل برلين وهامبورغ وميونيخ ومنطقة حوض الراين وماين، والملفت للانتباه أن هناك جالية أوكرانية كبيرة جداً في نورنبرغ".
كيف يمكن لألمانيا أن تستفيد من اللاجئين الأوكرانيين؟
عام 2015 كان معظم اللاجئين الذين أتوا إلى ألمانيا ذوي مؤهلات علمية ومهنية متدنية، وكانوا بحاجة إلى برامج إعداد وتعليم عديدة حتى يتم تأهيلهم وإدماجهم في سوق العمل. خبير شؤون الهجرة بروكر يتوقع أن يكون الوضع مختلفاً بالنسبة للاجئين من أوكرانيا، ويقول "المهاجرون الأوكرانيون الذين قدموا إلى ألمانيا سابقاً كان نصفهم يحملون شهادات جامعية ويتمتعون بتأهيل جيد. وأتوقع أن يعمل معظمهم في قطاع الخدمات، وربما فيما بعد حين يأتي الرجال أن يعملوا في قطاع البناء أيضاً. والآن ألمانيا بحاجة ماسة لأيد عاملة في مجال الرعاية الطبية (التمريض ورعاية المسنين)".
ما الذي يمكن أن تفعله ألمانيا الآن بشكل أفضل مقارنة بعام 2015؟
تدفق مئات آلاف اللاجئين على ألمانيا خلال فترة قصيرة عام 2015 شكل تحدياً كبيراً آنذاك. لهذا يطالب البروفسور هربرت بروكر بالتعلم من أخطاء الماضي فيما يتعلق بدمج القادمين من الأوكرانيين، ويقول "في الماضي أرسلنا اللاجئين إلى حيث شروط سوق العمل سيئة ونسبة البطالة مرتفعة. يجب أن نركز على المناطق الحضرية وتسريع الإجراءات القانونية والإقامة وتأمين دروات اللغة والبحث عن فرصة عمل بسرعة".
هل اللاجئون من جنسيات أخرى القادمون من أوكرانيا مرحبا بهم أيضا؟
مئات الآلاف يهربون من أوكرانيا، وخاصة الدول المجاورة لها مثل بولندا وسلوفاكيا، تتبع سياسة لجوء ملفتة أكثر إنسانية، وهو ما لاحظته فيبكه جوديت الخبير في قانون اللجوء الألماني والأوروبي بقولها: "طبعا إنه أمر يدعو للسرور هذا التحول 180 درجة في مواقف دول مثل بولندا أو سلوفاكيا بشأن توفير الحماية للاجئين. هذا يشير أيضاً إلى أنه يمكن للاتحاد الأوروبي أن يتحرك بشكل مشترك عندما يريد ذلك، إنها مسألة الإرادة السياسية فقط. لكن هذه الإرادة يجب أن تكون متوفرة على كل الحدود ولكل إنسان".
وتطالب المنظمات الحقوقية بتوفير الاتحاد الأوروبي الحماية لكل اللاجئين القادمين من أوكرانيا سواء أكانوا مقيمين هناك منذ مدة طويلة أو قصيرة. "حتى النساء والرجال من أفغانستان وسوريا أو الصومال، الذين يدرسون أو يعملون في أوكرانيا، يحتاجون لمساعدتنا. فلا يجوز مثلا وقف أصحاب البشرة الملونة، الطلاب الأفارقة مثلاً، على الحدود. يجب أن تبقى الحدود مفتوحة لكل من يحتاج للحماية"، تقول جوديت.
بدورها تطالب منظمة "برو أزويل" وتوفير الحماية للاجئين الذين يصلون إلى أوروبا عبر البحر المتوسط وهؤلاء الذين لا يزالون عالقين على الحدود البولندية البيلاروسية.
ويمكن لألمانيا الاستفادة على خبرتها السابقة في التعامل مع موجة اللجوء عام 2015 والبنية التحتية المتوفرة لديها، ولهذا من المحتمل أن يجد الأوكرانيون سكناً بسرعة، تقول فيبكه جوديت الباحثة في منظمة "برو أزويل" وتضيف "الأوكرانيون الذين سيأتون إلى أوروبا، يحتاجون إلى جانب إجراءات استقبال سريعة غير بيروقراطية، إلى إقامة قانونية مستقرة".
وكان وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي قد وافقوا الخميس على تبنى إجراءات طوارئ لتوفير الحماية الفورية للفارين من الحرب في أوكرانيا، وقالت بحسب ما ذكرته يلفا يوهانسن مفوضة الشؤون الداخلية بالاتحاد: إن "القرار التاريخي" يعني أن الاتحاد الأوروبي سيمنح حماية مؤقتة للأشخاص الفارين من الحرب في أوكرانيا.
وتمنح إجراءات الطوارئ تدابير عاجلة لمن يغادرون أوكرانيا لتقديم طلبات الحصول على وضع الحماية في أي دولة من الدول الأعضاء بالتكتل. وتهدف الفكرة إلى تفادي تعطل أنظمة الدول الأعضاء التي تستضيف أعداد كبيرة من اللاجئين، مثل بولندا المجاورة لها.
اوليفر بيبر/ ع.ج