إحياء ذكرى ضحايا اليمين المتطرف وميركل تدعو إلى اليقظة
٢٣ فبراير ٢٠١٢شارك في حفل إحياء ذكرى ضحايا الإرهاب اليميني المتطرف الخميس (23 فبراير/ شباط) ببرلين 1200 من الضيوف لإظهار أن ألمانيا تعبر عن حزنها لوقوع جرائم على مدى عشر سنوات دون أن يمثل الجناة أمام العدالة. وحاولت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في كلمة ألقتها أمام الجمع من أعضاء الأحزاب والحكومة ومشاهير من مختلف قطاعات الحياة العامة التعبير عن الأسى والحزن، وهي تقف بجانب طاولة ُوضعت عليها اثنتا عشرة شمعة. وقالت ميركل " إنها شموع من أجل أشخاص انطفأ نور حياتهم بسبب اغتيالات تمت بدم بارد. أنور سيمسيك الذي كان عمره 38 عاما حقق مع زوجته وطفليه حلم إقامة تجارة لبيع الورود. أما عبد الرحيم أوزيدورو فقد كان يعمل في محل للخياطة بمدينة نورنبيرغ". واسترسلت المستشارة ميركل في ذكر أسماء كل ضحية على حدة وبعض التفاصيل عن حياتها. وقد سقط الضحايا التسعة، وهم من صغار رجال الأعمال الأتراك ويوناني واحد، بالإضافة إلى شرطية ألمانية في الفترة الممتدة بين 2000 و 2007 على أيدي نازيين جدد.
ميركل تحث على اليقظة تجاه التطرف اليميني
وحثت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مواطنيها على التزام اليقظة تجاه التطرف اليميني. واعتبرت ميركل في كلمتها أن العنصرية وعدم التسامح لا يظهران فجأة في شكل عنف. وأشارت إلى أن الخطورة لا تكمن في المتطرفين، بل في عدم اكتراث المواطنين وعدم يقظتهم في التعامل مع بدايات أية "عملية صدأ الروح"، وقالت إن على المواطنين في المجتمع إظهار الحس تجاه ملاحظات الآخرين. وشددت ميركل على ضرورة شن حرب يومية على الأحكام المسبقة وازدراء الآخرين وتهميشهم، وشددت في الوقت نفسه على ضرورة البحث عن الأسباب وراء مثل هذه الجرائم ودراسة أوضاع مرتكبيها، وأن على الدولة أن تعترف بأنها فشلت في بعض مهامها. ويجدر الإشارة إلى أن السلطات الأمنية لجأت قبل انكشاف أمر خلية النازيين الجدد التي تقف خلف الاغتيالات إلى توجيه التهم مباشرة إلى ذوي الضحايا، مدعية أن الضحايا كانوا متورطين في تجارة المخدرات أو أعمال إجرامية أخرى.
وفي الحفل التأبيني لضحايا الإرهاب اليميني المتطرف تحدثت أيضا سمية سيمسيك بنت أحد الضحايا، وحاولت وصف معاناة عائلاتها التي لم تتمكن طوال أحد عشر عاما حتى من الإحساس بأنها ضحية عملية اغتيال، لأن الشرطة ادعت حينها بأن أب العائلة من مروجي المخدرات. وتوجهت سمية سيمسيك بسؤال إلى الحاضرين، وقالت هل يمكن أن تتخيلوا مشاعر والدتي طوال تلك السنوات التي باتت فيها فجأة هدفا للتحقيقات.
لجنة برلمانية للتحقيق في فشل الشرطة والاستخبارات
وعينت الحكومة الألمانية لجنة تحقيق برلمانية مكلفة بالكشف عن ملابسات الاغتيالات التي ارتكبها النازيون الجدد على مدى عشر سنوات. وتكمن المهمة الرئيسية لهذه اللجنة في تسليط الضوء على هياكل المؤسسات الأمنية في ألمانيا. وستعمل اللجنة على مسائلة خبراء، لمعرفة مواطن فشل المؤسسات الأمنية في إماطة اللثام عن العناصر التي نجحت في التنسيق فيما بينها لمدة طويلة لتنفيذ الاغتيالات. وفي هذا الإطار أعلن فولفغانغ فيلاند عضو لجنة التحقيق البرلمانية المنتمي لحزب الخضر " سنطلب بالطبع الحصول على جميع الوثائق التي نعتبرها ضرورية. ونحن ننطلق من أننا سنحصل عليها، وفي حال حدوث العكس، نحن نملك الإمكانيات القانونية الكاملة لإجبار الجهات المعنية على فعل ذلك".
من جانبه كشف سيباستيان إيداثي، رئيس اللجنة البرلمانية للتحقيق في الاغتيالات التي ارتكبها النازيون الجدد عن الأهداف الأساسية لهذه اللجنة، وقال "تتمثل إحدى المهام الرئيسية للجنة في تبيان لماذا تم تتبع الآثار الزائفة. انطباعي هو أن الاهتمام لدى المؤسسات الأمنية وأجهزة الاستخبارات بموضوع اليمين المتطرف ضعف على أبعد تقدير منذ ال 11 من سبتمبر 2001 ".
وفي تقييمه لتطور الإرهاب اليميني المتطرف في ألمانيا، عبر إيداثي في مقابلة مع تلفزيون "دي.دبليو العربية DWعن دهشته للاغتيالات المنهجية طوال عشرة أعوام والعمل السري المحكم للنازيين الجدد الذين نجحوا في الهروب من العدالة، وقال :"كنت دوما مندهشا من محتوى تقارير شرطة حماية الدستور التي نفت وجود منظمات يمينية متطرفة في ألمانيا. وهذا ليس صحيحا. ففي عام 2003 مثلا عايشنا محاولة اعتداء على مركز ثقافي يهودي في جنوب ألمانيا. والأشخاص المشاركين فيه كانوا أعضاء في خلية للنازيين الجدد صدر بحقهم حكم بسبب تكوين مجموعة إرهابية. كان من الواجب الانتباه أكثر، والاطلاع بشكل أفضل على الوضع...لم يكن من السهل معرفة عدد الإرهابيين من اليمين المتطرف الذين يتم البحث عنهم حاليا بمذكرة توقيف في ألمانيا. السلطات المعنية لم تتمكن من الإجابة على ذلك طوال أسابيع. عددهم يقارب 150 شخصا، وهذا أمر مقلق للغاية، لأن جزءا منهم يعد قنبلة موقوتة".
محمد المزياني
مراجعة: حسن زنيند