الانتخابات النصفية الأمريكية

بعيدا عن الفضائح التي رافقت حسب رأي معظم المراقبين أشرس حملة انتخابات تشريعية أمريكية، يمكن القول إن الحرب على العراق وإفرازاتها على الصعيدين الإقليمي والدولي تشكل أهم المواضيع الانتخابية التي ستحسم انتخابات الكونغرس الأمريكي اليوم الثلاثاء. وتشير معظم التوقعات إلى سيطرة ديمقراطية محتملة على مجلسي النواب والشيوخ، مما زاد مخاوف الجمهوريين من تصميم منافسيهم على إجراء تحقيقات برلمانية ستجعل مهمة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش أكثر صعوبة في السنتين الأخيرتين من رئاسته. وتأتي الدراسات والإحصاءات التي كشفت عن ارتفاع عدد القتلى في صفوف القوات الأمريكية المرابطة في العراق كهدية لم يحسب لها الديمقراطيون أي حساب.

العراق، أهم الملفات الانتخابية

في ظل الأوضاع المأساوية التي يعيشها العراق حاليا، لا يحتاج المراقب إلا إلى إلقاء نظرة سريعة على افتتاحيات وسائل الإعلام الأمريكية ليتيقن من أن إخفاقات الإدارة الأمريكية في حربها على العراق هي الشغل الشاغل للمحللين والعارفين بشؤون السياسة الأمريكية. وحسب هذه الوسائل، فإن أكتوبر/تشرين الأول الماضي سجل سقوط 105 قتلى و 700 جريح في صفوف القوات الأمريكية. ولا يقتصر الأمر على ما تقوله وسائل الإعلام، وإنما على اعترافات قيادات في الجيش الأمريكي بخسائر فادحة. وجاء في هذه الاعترافات كذلك إن أعداد القتلى من الجنود الأمريكيين أكبر دليل على أخطاء السياسة الأمريكية في العراق.

نجاح بوش يعني توسيع نطاق الحرب في العراق؟

تشير بعض الدراسات والاستطلاعات إلى إن غالبية الأمريكيين تعتقد بأن الملف العراقي سيكون أهم ورقة انتخابية في هذه الانتخابات. وتقول إحداها أن 75 بالمئة من الأشخاص الذين شملتهم الدراسة يعتقدون بأن سيطرة الديمقراطيين على رئاسة مجلس النواب ستؤدي إلى انسحاب مبكر للقوات الأمريكية من العراق. أما إذا استطاع الرئيس بوش الحصول على غالبية مقاعد المجلس، فإن هذا سيؤدي - حسب الدراسة ـ إلى سعي الرئيس الأمريكي إلى توسيع نطاق الحرب وإلى زيادة أعداد القوات الأمريكية في الأراضي العراقية وإلى تمديد الفترة الزمنية لهذه الحرب.

تراجع شعبية الديمقراطيين

سجّلت الدراسات التي أجريت مؤخرا تفوقا واضحا للديمقراطيين، غير أن أحدثها يبين ان هذا التفوق بدأ بالتراجع. فقد توقعت دراسة قام بها معهد ب إي دبليو "PEW" ونشرت نتائجها الأحد الماضي، أن يحصل الديمقراطيون على 47 بالمئة من مقاعد مجلس النواب، فيما توقعت أن يكون نصيب الجمهوريين 43 بالمئة فقط من المقاعد. يشار إلى أن دراسة مماثلة نشرت نتائجها قبل أسبوعين توقعت أن يحصل الديمقراطيون على 50 بالمئة من مقاعد مجلس النواب، فيما توقعت حصول الجمهوريون على 39 بالمئة فقط من المقاعد.

مهام مجلس النواب والشيوخ

الجدير بالذكر أن الكونغرس الأمريكي يتكون من مجلسين هما مجلس النواب ومجلس الشيوخ. وفي حين يتحمل مجلس الشيوخ مسؤولية إبرام جميع المعاهدات الدولية وتعيين الوزراء وقضاة الولايات والبعثات الدبلوماسية في الخارج، يختص مجلس النواب في إصدار جميع القوانين المتعلقة بالميزانية. وبغض النظر عن حجم الولايات الأمريكية، يمثل كل ولاية في مجلس الشيوخ نائبان. ولأن الولايات المتحدة تتكون من 50 ولاية، فإن مجلس الشيوخ يتكون مئة نائب. وفي الوقت الحاضر، تبلغ نسبة الجمهوريين في مجلس الشيوخ 55 بالمئة وهذا يعني أن الديمقراطيين يحتاجون إلى ستة مقاعد من أجل تشكيل الأغلبية في المجلس. أما مجلس النواب، فإنه يتكون من 435 نائبا. ويتم تمثيل كل ولاية حسب عدد سكانها. ففي حين يبلغ عدد النواب الذين يمثلون ولاية ألاسكا نائبان فقط، يبلغ عدد النواب الذين يمثلون ولاية كاليفورنيا 53 نائبا. وفي الوقت الحاضر، يبلغ عدد النواب الجمهوريين في مجلس النواب 230 مندوبا، ما يعادل53 بالمئة. أما عدد المندوبين الديمقراطيين فيبلغ 201 مندوبا. وهذا يعني أنهم يحتاجون إلى 16 مقعدا جديدا من أجل الحصول على الأغلبية في مجلس النواب.

دويتشه فيله (ن. ج)