إسرائيل تسعى إلى تجاوز خلافاتها مع أوروبا حول حماس
١ مارس ٢٠٠٦بعد قرار الاتحاد الأوروبي المفاجئ بمنح مساعدات عاجلة إلى السلطة الفلسطينية بقيمة 120 مليون يورو وموافقة الولايات المتحدة على ذلك، تحاول إسرائيل التقليل من شأن تلك المساعدات وعدم إظهار الأمر على انه تراجع في المواقف الدولية المتصلبة تجاه التعامل مع حكومة فلسطينية برئاسة حماس. وقبيل زيارتها لعدة دول في الاتحاد الأوروبي بدأتها اليوم بالنمسا، الرئيس الدوري للاتحاد، قللت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني من شأن الخلافات مع أوروبا حول مسالة المساعدة المالية للفلسطينيين وقالت للصحفيين: "لا أرى في المساعدة الأوروبية أي شرخ كان في الجبهة الدولية" المناهضة لحماس. من جهته أكد الناطق باسم الخارجية الإسرائيلية مارك ريغيف في تصريح لفرانس برس على ان "إسرائيل وأوروبا متفقتان تماما على هدف مزدوج: تقديم مساعدة إنسانية وعدم تمويل الإرهاب". وأضاف الناطق إن الخلافات مع أوروبا بخصوص المساعدة هي محض تكتيكية وأنها تتعلق خصوصا بـ "الوقت الذي يمكن فيه اعتبار أن السلطة الفلسطينية أصبحت تحت قبضة حماس." وقال "بالنسبة إلينا، لقد حان ذلك الوقت مع تنصيب المجلس التشريعي الفلسطيني في 18 شباط/فبراير الماضي في حين أن ذلك سيحصل بالنسبة للأوروبيين مع تولي الحكومة الفلسطينية المقبلة التي ستشكلها حماس مهامها". يذكر أن ليفني ستزور بعد فيينا كل من باريس ولندن في إطار جولتها الأوروبية الأولى منذ توليها مهامها في كانون الثاني/يناير.
فرنسا:الحزم مع حماس دون معاقبة الفلسطينيين
كانت فرنسا من أوائل البلدان التي حثت على التريث والتروي في التعامل مع حماس الى حين كشف الاخيرة عن سياساتها وبرامجها حيال قضايا هامة مثل مسألة المفاوضات مع اسرائيل والاعتراف بها. ولذلك لم تتوانى باريس في الترحيب بدعوة موسكو لأعضاء في حركة حماس الى موسكو لاجراء محادثات مع القيادات الروسية. ومن المتوقع أن يؤكد كل من رئيس الوزراء الفرنسي دومينيك دوفيلبان ووزير الخارجية فيليب دوست بلازي الموقف نفسه خلال لقاءهما مع وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني اليوم. هذا الموقف لخصه الناطق باسم وزارة الخارجية جان باتيست ماتيي في أن "فرنسا ستؤكد مجددا على الحزم في مبادئ المجتمع الدولي لاجراء حوار محتمل مع الحكومة الفلسطينية المقبلة، وأنها ما زالت مقتنعة بضرورة عدم معاقبة الشعب الفلسطيني وعدم التسبب في حالة اختناق في الاراضي الفلسطينية". واكد ان "تبعات فوز حماس في الاراضي الفلسطينية ستكون في صلب المحادثات" التي قال انها ستتناول ايضا "القضايا الاقليمية ".يذكر أن مواقف فرنسا المتشددة في مسألة الملف النووي الايراني لاقت ترحيبا قويا من الحكومة الاسرائيلية، الامر الذي ساعد على جسر الهوة قليلا بين البلدين، لاسيما بسبب اتهامات تل أبيب المتعاقبة لباريس بانحيازها للقضايا العربية وللمواقف الفلسطينية خصوصا.
"بادرة حسن نية" أوروبية
حرص الأوروبيون على تسويق فكرة تقديم مساعدات عاجلة بقيمة 120 مليون يورو إلى السلطة الفلسطينية المهددة بانهيار مالي على انها "بادرة حسن نية" تجاه الحكومة الانتقالية الفلسطينية ودعوا الدول المانحة الاخرى الى القيام بالمثل. وشددت المفوضة الاوروبية للعلاقات الخارجية بينيتا فيريرو- فالدنر ان "هذه الاموال يجب ان توضع في تصرف الحكومة الانتقالية" التي يرئسها رئيس الوزراء المنتهية ولايته احمد قريع، وأن تنفق بكاملها قبل وصول حكومة جديدة" تشكلها حماس. وتشكل هذه الاموال 30 بالمائة من موازنة السلطة الفلسطينية، كما انها تتيح دفع رواتب نحو 140 الف موظف حكومي بينهم نحو 60 الفا من رجال الشرطة وعناصر اجهزة الامن. الزميل بيتير فيليب، الخبير في شؤون الشرق الاوسط من دويتشه فيله، يرى أن القرار لم يكن مفاجئا: "لقد ساد منذ فترة الاعتقاد بأن العقوبات من شأنها أن تؤثر سلبا على الطرف الخطأ وتحول اوضاع الفلسطينيين السيئة اصلا الى وضع لا يمكن احتماله على الاطلاق. وهذا سيكون بمثابة اعطاء دفعة اضافية للتطرف والقوى الداعية له في المنطقة." يذكر أن الاتحاد الاوروبي، وخلافا لاسرائيل، لم يعلن عن اي التزام في اتجاه او اخر، حيال الحكومة المقبلة في انتظار معرفة تشكيلتها وبرنامجها السياسي.
من جهة أخرى حذرت وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) من ان قطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية اثر فوز حماس في الانتخابات قد يؤدي الى "كارثة انسانية". وقالت المفوضة العام للاونروا كارين كونينغ ابو زيد في مؤتمر صحافي في عمان ان وصول حماس الى السلطة لا يشكل اي تهديد. واضافت "اذا كان هناك قطع للرواتب المدفوعة لغير اللاجئين... فان ذلك سيخلق كارثة انسانية".
ثقة الفلسطينيين بحماس في ازدياد
يبدو أن المحاولات الاسرائيلية والدولية بشأن ثني الفلسطينيين عن دعم حماس لم تفلح حتى الآن. وحسب آخر استطلاع للرأي اجرته "شركة نير ايست كونسالتنج Near East Consulting" ومقرها مدينة رام الله ونشرت نتائجه مساء أمس فان ثقة فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة بحركة حماس في ارتفاع مطرد. وبالمقابل سجل الاستطلاع تراجعا في الثقة بحركة فتح بمقدار تسع نقاط عن شهر كانون الثاني/يناير الماضي. وتبين حسب الاستطلاع الذي اجري بواسطة الهاتف ما بين 24 و 26 شباط /فبراير ان ثقة الجمهور بحماس ارتفعت من 41 الى 44 بالمائة، بينما انخفضت نسبة الذين يثقون بحركة فتح من 38 الى 29 بالمائة. ورأى 49 بالمائة من الاشخاص الـ 709 الذين تم استطلاع آرائهم ان حكومة بقيادة حماس ستكون اكثر فاعلية، مقابل 16 بالمائة قالوا انها ستكون بنفس فاعلية الحكومة السابقة، و35 بالمائة رأوا انها ستكون اقل فاعلية. وارتفعت كذلك نسبة المؤيدين لمشاركة حركة فتح في الحكومة من 72 بالمائة في الشهر الماضي الى 84 بالمائة حاليا. يذكر أن حركة حماس التي تسيطر على 74 مقعدا من مقاعد المجلس التشريعي الـ 132 تجري مشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة، بعد ان اعلن الرئيس محمود عباس تكليف القيادي في حماس، اسماعيل هنية، مهمة التشكيل.