إعادة فتح معبد إلياهو هانبي اليهودي في الإسكندرية
٢٧ يناير ٢٠٢٠بعد عمليات ترميم استغرقت أعواما، افتتح المعبد اليهودي إلياهو هانبي في مدينة الإسكندرية قبل بضعة أيام في حفل رسمي. عمليات الترميم بالمعبد استغرقت 26 شهراً، وتضمنت ترميم المبنى ونوافذه الزجاجية الخضراء والبنفسجية اللون والأعمدة والأقواس. وكلّف ذلك الحكومة المصرية أكثر من ستة ملايين دولار أمريكي، وفقاً لوزارة الآثار.
ويتوفر معبد إلياهو هانبي على مساحة تضم صفوفاً من المقاعد الخشبية تتسع لـ700 شخص، بالإضافة إلى غرفة خاصة لتخزين لفائف التوراة القديمة، إذ توجد 63 نسخة بداخل هذا المعبد الذي يعود إنشاءه إلى عام 1354. وقد تعرض خلال حملة نابليون على مصر، للتدمير بسبب الحرائق وأعيد بناؤه مرة أخرى في عام 1850.
هجرة اليهود من مصر
من غير المرجح أن يستقبل المعبد العديد من الزوار للصلاة في المستقبل، لكون أن عدد اليهود الذين يعيشون في الوقت الحالي في الإسكندرية لا يتجاوز عشرين يهودياً، وهو عدد ضئيل مقارنة بأكثر من 40 ألف من الجالية اليهودية، التي عاشت في المدينة حتى أواخر الأربعينيات من القرن الماضي. وبلغ عدد اليهود في مصر في ذلك الوقت حوالي 80 ألف يهودي.
بعد قيام دولة إسرائيل في عام 1948، والتي قوبلت بالغضب والاستنكار في العالم العربي، أصبحت الحياة أكثر صعوبة بالنسبة لليهود في العالم الإسلامي، بما في ذلك في مصر. إذ تعرض اليهود المصريون لاعتداءات عنيفة، أودت بحياة العديد منهم ، فبدأت الموجة الأولى من الهجرة نحو إسرائيل. والثانية أعقب أزمة السويس في عام 1956، والتي أدت مرة أخرى إلى العنف ضد المواطنين اليهود في البلاد. وبعد حرب الأيام الستة عام 1967، قرر معظم اليهود المتبقين مغادرة البلاد باتجاه إسرائيل. وخلال الحرب، اعتقلت قوات الأمن المصرية العديد منهم وخيّرتهم بين الهجرة مع أسرهم أو احتجازهم داخل معسكرات تم إنشاؤها خصيصاً لذلك.
معاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل في ربيع عام 1979، لم تأثر على المجتمع وتعامله مع اليهود. ففئة كبيرة من المصريين بقيت متمسكة برفض الدولة العبرية ما جعل الوضع صعباً على القليل من اليهود الذين قرروا البقاء في مصر.
"إحياء التراث"
وعقب هجرة اليهود المصريين إثر قيام دولة إسرائيل، تعرض المعبد للإهمال والتلف. وأدى غياب عمليات الإصلاح بعد الأضرار الكبيرة والمتلاحقة التي لحقت به إلى إغلاقه.
اليوم، لترميم المعبد دلالة أكثر أهمية، كما تقول ماجدة هارون، رئيسة الطائفة اليهودية في مصر، في مقابلة مع الموقع الإخبار الإليكتروني "مونيتور" ، فذلك يعني "إحياء الإرث الهام لليهودية في مصر بعد سنوات من الإهمال". وتابعت قولها: "بالرغم من أنه لا يوجد حالياً سوى عدد قليل من اليهود في مصر، لكن المعبد سيكون مكاناً مهماً ومفتوحاً أمام جميع الزوار كرمز لتاريخ يهود الإسكندرية". وأضافت: "آمل أن تكون المعابد المصرية مفتوحة أمام الجميع قريباً، وأن تبقى أماكناً لتغدية العقل والروح".
ومع ذلك، فإن المعبد لن يقدم الخدمات الدينية بالمفهوم العادي. "يمكننا استخدامه لتنظيم حفلات موسيقية كلاسيكية أو لإجراء مناظرات ثقافية، لأنه لا يُستخدم لتقديم خدمات كنسية وهذا راجع ببساطة إلى عدد أفراد المجتمع اليهودي في المدينة. إذ وفقًا للتقاليد اليهودية، يتطلب الاحتفال بالخدمات الكنسية ما لا يقل عن عشرة من الذكور البالغين، وهذا العدد لا توفره الجالية بالمدينة، تقول المتحدثة.
ترحيب إسرائيلي
من جهته، شدد وزير الآثار المصري خالد العناني، خلال حفل الافتتاح على دور هذا المعبد في التعريف بماضي مصر متعدد الأديان، موضحا: "توفر مصر، حيث تعايشت العديد من الحضارات بسلام لعدة قرون، على تنوع ثقافي فريد". وتابع أن افتتاح هذا المعبد في الإسكندرية بعد ترميمه بالكامل يظهر أن "الحكومة المصرية تعتني بإرث جميع الأديان".
وقوبل فتح المعبد اليهودي بالترحيب في إسرائيل أيضاً. وقال ليور هيات المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية "نحن ننظر بشكل إيجابي للجهود التي تبذلها مصر للحفاظ على مواقع الجالية اليهودية في مصر لأكثر من ألفي عام".
وعند زيارته إلى المعبد في عام سبتمبر/ أيلول 2016، قال السفير الإسرائيلي في مصر، ديفيد غوفرين، "إنه لأمر مدهش وغير عادي الذهاب إلى مثل هذا المعبد القديم الجميل والرائع. إنه رمز للماضي، الذي كان يتواجد فيه مجتمع يهودي مزدهر في هذه المدينة".
كرستين كنيب/ إ.م