إيران: شباب يبتكرون ملاه ليلية متحركة للرقص
٣ مايو ٢٠١٣ترتبط كلمة "ديسكو" ( نادي ليلي) لدى الشباب الإيراني بتصورات مبهمة تمزج بين الظلام ومكبرات الصوت في غرف مجهزة يتم فيها الرقص على إيقاع موسيقى صاخبة ويتم فيها تدخين السجائر واحتساء الخمور. وهي تصورات لفضاءات عمومية لم يألفوها بسبب التحريم الصارم للملاهي الليلية والخمور في إيران منذ 1979، تاريخ قيام الجمهورية الإسلامية.
ففي المجتمع الإيراني يتم تقييد وتحريم العديد من الأشياء في الحياة اليومية من طرف السلطات، فالنساء يجب عليهن ارتداء الحجاب في الفضاءات العمومية، كما يُمنع كل تقارب جسدي بين الرجل والمرأة خارج الإطار العائلي. ويضاف إلى ذلك الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد منذ بداية العقوبات الاقتصادية الغربية على إيران، التي خفضت من قيمة العملة المحلية.
لكن العديد من الإيرانيين يتمسكون بحقهم في الاستمتاع بالحياة رغم مخالفتهم للقوانين، كما أنهم يتميزون بالإبداع والابتكار وهم يبحثون عن عيوب النظام القائم.
حافلات النقل السياحي كملاهي متحركة
أبدع الشباب الإيراني إستراتيجية جديدة لممارسة الرقص رغم المنع القانوني، ويتعلق الأمر برحلات في حافلات للنقل السياحي. وتتحول الحافلة أثناء مدة الرحلة إلى "ديسكو" متحرك، فمن يرغب في الاستمتاع بعطلة نهاية الأسبوع مع أصدقائه أو مسافرين آخرين ما عليه إلا المشاركة في إحدى هذه الرحلات.
ويقبل على هذه الملاهي المتحركة إيرانيون من مختلف الأعمار، على حد تعبير حميد رضا هاشمي، الذي يعمل منذ سنوات كمسير شركة رحلات سياحية. ويضيف حميد رضا "الإيرانيون يحبون المرح والاستمتاع داخل الجماعة. يحبون الاحتفال والخروج إلى الطبيعة. أندية الرقص المتحركة مفضلةٌ لأنها توفر العديد من الأشياء كالموسيقى والرقص وأجواء المرح والمشي في الطبيعة".
رحلة في الحياة الشخصية
تبلغ الطالبة يادا من العمر 26 عاماً وشاركت عدة مرات في رحلات الحافلات السياحية هذه بإعجاب كبير. وتتذكر أنه حدث مرةً وأن سافرت في حافلة كبيرة وعريضة مع ثمانية وستين صديقة وصديقا وأقارب، حيث قطعوا مسافة 200 كيلومتر في اتجاه الجنوب قاصدين مدينة كاشان. وتضيف يادا " إنها رحلة لا تُنسى. لقد استمتعنا طوال الرحلة، كانت متعةً مُضاعفة. ففي هذه الرحلات نشرب مشروبات الطاقة ونبقى نشطين لبضعة أيام".
يتم وضع ستائر على نوافذ الحافلات لإبعاد الشبهة، وبعدها تبدأ الحفلة. ويرقص المشاركون في الرحلة على مقاعدهم أو في الممر بين المقاعد. ويقول حميد رضا " الناس يرتاحون من إرهاق الحياة في المدينة. فالرحلة بمثابة سفر في الحياة الشخصية حيث يحتفلون دون مراقبة وبدون الخضوع لقواعد صارمة. كثيرون يقولون بعد نهاية الرحلة ونزولهم من الحافلة بأنهم رجعوا إلى العالم الواقعي".
الشرطة تُحرم الشباب من الإستمتاع
تجلب هذا الرحلات لمنظميها بعض الصعوبات مع السلطات الإيرانية، إذ يُفرض عليهم تحمل مسؤولية تصرفات المسافرين. ويقول علي إليبور، مدير إحدى وكالات الأسفار: "غالبا ما يتم تحذيرنا بسبب ملابس المسافرين. فخلال هذا العام تم منع المسافرين في رحلة سياحية من زيارة موقع سياحي بسبب الملابس وتم اقتيادنا إلى مخفر الشرطة".
الركاب بدورهم يتملكهم الخوف من تبعات المشاركة في مثل هذه الرحلات. فنهاية الرحلة تكون أسرع مما هو مخطط لها عندما توقف الشرطة تلك "الملاهي المتنقلة" وتُخضع المشاركين للتحقيق. ويبقى السؤال مفتوحاً إلى متى سيُسمح للإيرانيين باستعمال "الملاهي المتحركة" كمتنفس لهم، في ظل استمرار تحريم الملاهي الليلية في الجمهورية الإسلامية؟.