إيصال الموسيقى للصم وجعلهم يتفاعلون معها
١١ يناير ٢٠١٤تسيطر دائماً الأجواء الدافئة على حفلات فرقة "كايمتسايت" الألمانية التي تجمع بين أصالة الموسيقى الألمانية وشجن نغمات الغيتار. وفي آخر عرض للفرقة في برلين، ظهرت معهم ضيفة مميّزة خطفت الأضواء. الضيفة كانت مترجمة لغة الإشارة لاورا شفينغبر، التي رحّب بها معجبوها في الحفلة، التي كانت ظهورها الثاني مع الفرقة، وتقول شفينغبر: "في السنة الماضية، لم نعلن عن دوري، و ذلك بسبب مخاوف منظمي الحفل من رد فعل الجمهور على دوري".
"كايمتسايت" كانت مهتمة منذ فترة طويلة بفكرة مترجم لغة الإشارة؛ إلا أنّ هذه الفكرة لم يكن مرحبّاً بها من قبل متعهدي الحفلات الموسيقية، حسب شفينغبر التي تقول بأنه كان هناك "الكثير من الاعتراضات من قِبَل منظمي الحفلة، معللين ذلك بأنَ ظهور شخصٍ آخر على خشبة المسرح سوف يصرف الانتباه عن أداء الفرقة، وسيبدو العرض وكأنّه مخصص لذوي الاحتياجات الخاصّة"، وتضيف بأنهم "كانوا قلقين حول رد فعل الجمهور".
الربط مع الصوت
على خشبة المسرح كان ظهور شفينغبر مع فرقة "كايمتسايت" فاعلاً؛ إذ تعدى ترجمة الأغاني إلى الغناء والرقص بالإضافة إلى القرع على الطبل والنفخ في البوق. علاوة على ذلك، حاولت شفينغبر إيصال الإيقاعات الموسيقية إلى الصمّ من جمهورها، وتشير إلى ذلك بقولها: "ما أودّ فعله هو إيصال الإحساس عينه الذي يصل الآخرين، للصم أيضا". واستطاعت لاورا بإشاراتها المعبرة أن تساعد الصمّ ومن يعانون من ضعف السمع، على التواصل والتفاعل مع الأغنية. وحيث أن التواصل لديهم لا يتمّ فقط عن طريق الأذن، فإن الحركات الإيقاعية تساهم كثيراً بإيصال المعنى إليهم.
في تيد توك 2007، حاولت الفنانة الإسكتلندية الصماء إيفلين جليني المشاركة بإبداء رأيها حول موضوع "كيف تسمع بشكل صحيح"، فسألت المستمعين وهي ترفع عصاها فوق الطبل "هل بإمكانكم سماع أي شيء؟". ثمّ أجابت قائلة "طبعاً، لا. لأنني لم ألمس الطبل، ولكن تولّد لدينا إحساس بأنّ شيئاً ما سوف يحدث. و بنفس الطريقة فإنني عندما أرى شجرة تتحرك فإنّه يتولد لديّ إحساس بأنني سأسمع صوت حفيف أوراقها. وهكذا فإنّ ما تراه العين، يشير إلى أن صوتاً ما سيسمع بعده".
لغة متطورة
تتابع شفينغبر حالياً دراستها الجامعية للحصول على درجة البكالوريس في دراسات الصمّ ( لغة وثقافة مجتمع الصمّ) بجامعة هومبولت في برلين. ورغم انشغالها بأبحاثها، إلا أنّه ومنذ ظهورها الأول مع فرقة "كايمتسايت" في عام 2012 ، فإنّ جدول مواعيدها قد امتلأ بسرعة. وظهرت شفينغبر مع الفرقة الألمانية "زيليغ" وفي فيلم الأوركسترا الألماني بابلسبيرغ، كما أنها رافقت إنتاج فيلم الأطفال "بيتر و الذئب" في مدينة بوتسدام.
و بالتعاون مع هيئة إذاعة شمال ألمانيا (NDR)، قدمت شفينغبر ترجمة بلغة الإشارة لعدد من الفيديو كليب، كان من ضمنها ترجمة كليب المغني الألماني كزافييه نايدو ولمغني الراب كرو. وتصف شفينغبر العمل مع كرو بأنه كان صعباً.
وعلى الرغم من وجود 80 ألف أصمّ و16 مليون آخرين يعانون من ضعف في السمع، فإنّ ألمانيا لم تعترف رسمياً بلغة الإشارة حتى عام 2001. و حالياً هناك قرابة 200 ألف شخص يستخدمون لغة الإشارة الألمانية. و كما تشير شفينغبر فإنّ هذه اللغة ما زالت تتطور.
جاذبيّة إضافية
ورغم أن ما تقوم به شفينغبر على خشبة المسرح قد يبدو بديهيّاً، إلا أنّها تقوم بالتحضير بدقة لعروضها، إذ أنها تقوم بدراسة كلمات الأغنية والألحان الموسيقيّة للفرقة دراسة متأنية. وفي حين أن أعضاء الفرقة قد يأخذون قسطاً من الراحة بين الحين والآخر، فإن شفينغبر تبقى محطّ الأنظار طيلة الوقت، وتقول ضاحكة: "غالباً ما أعاني في اليوم التالي من آلام في العضلات، و لكنني أعتزم ممارسة المزيد من الرياضة لتعزيز قدراتي".
وقد أبدى الجمهور إعجاباً كبيراً بآخر عرض لـ "كايمتسايت"، وتعلق مارين كرشيه، التي تعاني من الصمم منذ أن كانت في 14 من عمرها، على تجربة شفينغبر بأنها كانت "تجربة رائعة، ولقد كنت مندهشة من أعداد الناس الذين سألوني عن الصمم ولغة الإشارة بعد انتهاء العرض". وتضيف "يمثل ظهور مترجم لغة الإشارة على خشبة المسرح جاذبية إضافية، حتى للناس الذين لا يعانون من مشاكل في السمع".