اتفاق الرياض ـ بداية النهاية لحرب اليمن أم دخول في نفق آخر؟
٧ نوفمبر ٢٠١٩
بعد الاتفاق الذي وقعته الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا برئاسة الرئيس عبدربه منصور هادي، ومتمردي المجلس الانتقالي الجنوبي في العاصمة السعودية الرياض، يدور السؤال عما إذا كان هذا الاختراق الصغير سيكون بداية لاختراق أكبر في الوضع اليمني عموما؟ في كل الأحوال بموازاة هذا الاتفاق من المحتمل أن تجري أيضا محادثات بين الحكومة السعودية والحوثيين. فقد كشف مسؤول رسمي سعودي لم يُذكر اسمه لوكالات الأنباء أنّ هناك "قناة مفتوحة مع الحوثيين منذ عام 2016. نحن نواصل هذه الاتصالات لدعم السلام في اليمن". وأكّد "لا نغلق أبوابنا مع الحوثيين".
ولم يعط المسؤول، أي تفاصيل اضافية حول طبيعة "قناة الاتصال"، لكنّ تصريحاته التي صدرت الثلاثاء، جاءت في وقت ساعدت السعودية في التوصل إلى اتفاق تقاسم للسلطة بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والانفصاليين الجنوبيين. ويشمل هذا الاتفاق بأن يشارك المجلس الانتقالي الجنوبي في الحكومة المركزية. وفي المقابل يضع مقاتليه تحت تصرف الجيش اليمني.
كما أن الاتفاق ينص على أن تنسحب القوات الحكومية وكذلك مقاتلي المجلس الانتقالي الجنوبي من منطقة مدينة عدن الساحلية. وهذه المدينة هي حاليا المقر المؤقت للحكومة اليمينة وسقطت في أغسطس الماضي في يد المجلس الانتقالي الجنوبي. ووفق الاتفاق سوف يتم نشر قوات سعودية في عدن لضمان السلام والأمن في المدينة.
أمل في إنهاء الحرب
وتولي الحكومة السعودية للاختراق الذي حققته المفاوضات أهمية كبيرة، فقد حضر ولي عهد السعودية محمد بن سلمان شخصيا التوقيع على الاتفاق. "هذا الاتفاق، إن شاء الله سيؤدي إلى محادثات أكثر شمولية بين أطراف النزاع في اليمن لإيجاد حل سياسي وإنهاء الحرب"، كما أعلن بن سلمان على هامش مراسيم التوقيع. وحتى ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد النهيان كان حاضرا. فالإمارات العربية المتحدة ساندت في البداية المجلس الانتقالي الجنوبي ثم انسحبت عسكريا مجددا من جنوب اليمن. من جانبه عبر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، مارتن غريفيث عن تفاؤله، موضحا أن الاتفاق خطوة هامة للدفع بالجهود المشتركة نحو وقف سلمي للنزاع إلى الأمام، كما كتب على تويتر.
مصالح سعودية
لاشك أن السعودية لها عدة دوافع لرعاية المحادثات اليمنية. فالسفير السعودي السابق في واشنطن، تركي بن فيصل اعترف في بداية نوفمبر في مقابلة مع موقع مونيتور بتضرر سمعة بلاده، إذا قال "يبدو أن أحداثا مثل هجمات الـ 11 من سبتمبر 2001 واغتيال جمال خاشقجي تترك بصماتها الكالحة على المملكة، ونحن أول الناس الين يعانون من ذلك"، كما أوضح الدبلوماسي السابق.
وحتى الالتزام العسكري في اليمن إلى جانب الرئيس منصور هادي الحق الضرر بسمعة السعودية، لاسيما بالنظر إلى العدد الكبير من الضحايا. وإلى حد الآن قضى في النزاع المستمر منذ أربع سنوات ونصف أكثر من 100.000 شخص، وفق ما خلص إليه Armed Conflict Location and Event Data Project
وهذا العدد يشمل أيضا 12.000من المدنيين قتلوا في هجمات مباشرة. وحتى بسبب الحصيلة الإنسانية الكارثية للحرب زاد في الآونة الأخيرة الانتقاد للعربية السعودية داخل البرلمان الأمريكي. وبالتالي قد تكون الوساطة في اليمن خطوة نحو تحسين سمعة المملكة. لكن العربية السعودية ليست فقط وسيطا، بل هي أيضا طرف في حرب اليمن.
لكن التوسط حل النزاع في النزاع الذي نشأ في جنوب اليمن وتقوية الوحدة الداخلية قد يساهم في تقوية الجبهة المشتركة ضد الحوثيين، كما ورد في تقرير تحليلي لقناة الجزيرة القطرية. وقد يساهم ذلك تقوية موقع تفاوض الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي والتحالف العسكري الدولي بقيادة العربية السعودية أمام الحوثيين وإيران التي تدعمهم. وقد تكون الرياض بعد سنوات الحرب المكلفة وغير الفاعلة مهتمة بهذا الأمر، لاسيما بعدما توسعت التوترات في مضيق هرمز. وفي مقابلة تركي بن فيصل مع المونيتور وصف التوصل إلى حل دبلوماسي بأنه ممكن، لكنه أشار إلى أنه لم تظهر بوادر النية الحسنة من جانب إيران.
تأثيرات ممكنة في جنوب اليمن
ويبقى غير معروف ما يعنيه الاتفاق المبرم بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي بالنسبة إلى اليمن. فالاتفاق يحمل في طياته مخاطر، كما أشار إلى ذلك مدير مكتب قناة الجزيرة في اليمن، سعيد ثابت، في مقابلة مع القناة القطرية التي يعمل فيها، إذا أنه سيتم منح الشرعية من قبل الحكومة لمتمردي المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي ليس لديه أي اهتمام بوحدة اليمن بل ويسعى نحو انفصال الجنوب عن شمال البلاد.
ولكن هذا لا يجب أن يحصل بالضرورة، فالاتفاق يصلح، حسب تقييم خبيرة الشؤون السياسية، فاطمة الأسرار من "معهد الشرق الأوسط" في واشنطن لتخفيف التوترات بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي. وعليه فإن الاتفاق المبرم بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي خلق شروطا مواتية لتحقيق السلم في اليمن. أما أن يستمر الاتفاق ويكون له تأثير على المحادثات مع الحوثيين، فهذا غير مضمون. والدبلوماسيون مطالبون هنا بالتحرك.
كرستن كنيب/ م.أ.م