"ارتباك" عربي ـ إسرائيلي ....ولكن على خشبة المسرح هذه المرة
قطعة مسرحية يتناغم فيها الأسلوب التمثيلي الساخر مع القنوط التراجيدي وأتقنها الممثلون اتقانا تاما. ووفقا لبرنامج المسرحية فإن تسميتها "بلونتر" تعني بالعربية الضياع أو الإرتباك، إذ أنها تتحدث عن حياة الفلسطينيين تحت وطأة الاحتلال، وبالمقابل تتناول أيضا حياة الإسرائيليين جراء العمليات التفجيرية التي تشهدها المدن الإسرائيلية.
بداية دون نص كتابي
ومن اللافت للنظر أن المؤلفة والمخرجة يائيل رونين عملت مع ممثلين عرب ويهود لمدة تسعة أشهر على هذه المسرحية دون الاستعانة في البداية بنص مكتوب. وقالت رونين إن الفكرة تلخصت في بادئ الأمر بلم شمل ممثلين عرب ويهود ومواجهتهم بمواضيع لها علاقة بالصراع العربي الإسرائيلي ومن ثم ترك الأمور تأخذ مجراها الطبيعي لتتكون بذلك أحداث القطعة المسرحية.
وتتحدث المسرحية عن عائلتين إسرائيلية وفلسطينية عمل الصراع في الشرق الأوسط على تشابك مصالحها مع بعضها بعضا. فمن ناحية تحاول العائلة اليهودية الرجوع الى حياتها الطبيعية رغم أن ابنتها فقدت طفلها في عملية تفجيرية قبل أو يولد. أما ابن هذه العائلة الذي يؤدي الخدمة العسكرية في المناطق الفلسطينية المحتلة فقد قتل طفلا فلسطينيا. وفي المشهد الأول تظهر أم الطفل الفلسطيني أمام عدسات التلفزيون وتتحدث إلى ابنها بالقول: أنا سعيدة جدا جدا لأنني الآن أصبحت أم شهيد ولهذا أحمد الله وأشكره ... ابني صعدت روحه إلى السماء وأنا أريد أن أقول لجميع الأمهات الفلسطينيات: كنَ قويات وفخورات، رغم الأوجاع والحزن."
ثأر ومواساة
وبالمقابل تتحدث المسرحية في فصلها الثاني عن وقوف عائلة مستوطنين يهود على ضريح طفلها الذي أطلق النار عليه شاب فلسطيني أثناء اقتحام مستوطنة ومات في حضن أمه. وتبكي الأم طفلها في المسرحية بالكلمات التالية: يا سيد الثأر، هناك ناس فقدوا صبرهم. غالبية الشعب تريد الثأر." وتضيف "لن نسكت على قتل طفل. الثأر سيأتي، الثأر، الثأر، الثأر."
وتتخلل هذه اللقطات الحزينة بعض المشاهد المضحكة مثل ظهور مقاول بناء يهودي يخطط لبناء جدار يقسم بيت فلسطيني إلى قسمين، ولكن الضحكة تبقى عالقة في حلق المشاهد عندما تظهر اللقطة التالية التي تسرد قصة جندي إسرائيلي يؤدي خدمته في المناطق الفلسطينية المحتلة.
عثرت على ذاتي مجددا
ويقول يوآف ليفي الذي مثل دور الجندي الإسرائيلي إن القطعة المسرحية كانت بالنسبة له بمثابة علاج نفسي. وأضاف الممثل الذي تربى في عائلة عسكرية إسرائيلية أنه عثر على نفسه مجددا في المسرحية. ومن اللافت للنظر هو أن ليفي دعا أصدقاء أدّوا معه الخدمة العسكرية في المناطق الفلسطينية الى مشاهدة المسرحية. وعندما خرج من المسرح وجدهم جميعا يبكون خارج المسرح كالأطفال. وهنا ـ يقول الممثل ـ تأكدت أنهم تعرفوا على ذاتهم في هذه القطعة المسرحية.
أما النقاد المسرحيون الإسرائيليون فقد استقبلوا القطعة المسرحية بإعجاب كبير. ويعلق أحدهم على القطعة المسرحية بالقول: لو تصرف صناع القرار في إسرائيل كما تصرف الممثلون، لتمكنوا منذ زمن بعيد من التوصل إلى حل للصراع في الشرق الأوسط."