ارتفاع الفقر النسبي والتفاوت في الدخل في ألمانيا
٢١ أكتوبر ٢٠٠٨أدت الزيادة الخيالية في رواتب مدراء المؤسسات المالية والصناعية الكبرى في ألمانيا خلال السنوات الأخيرة إلى زيادة شديدة في التفاوت بين فئات المجتمع. كانت هذه نتيجة الدراسة، التي قامت بها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "أويسد" ونشرت نتائجها في باريس اليوم الثلاثاء 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2008. وكانت ألمانيا في السنوات السابقة في طليعة الدول، التي تقل فيها مثل هذه الفوارق. لكن الدراسة، التي جاءت تحت عنوان "النمو وانعدام المساواة"، أوضحت أن الباحثين يسجلون منذ عام 2000 زيادة كبيرة في التباين من حيث الدخل بين فئات المجتمع. فنسبة 10.5 إلى 11 بالمائة من سكان ألمانيا تعيش تحت خط الفقر، الذي تعرفه المنظمة بكسب الأفراد أقل من 50 بالمائة من متوسط الدخل في بلدهم. وبذلك تكون ألمانيا قد تساوت مع كل من بريطانيا واليونان من حيث انعدام المساواة في الدخل بين مواطنيها.
زيادة أصحاب الرواتب الخيالية
ويعلل ماركوس غرابكا من معهد البحوث الاقتصادية هذه الزيادة بثلاثة أسباب: أولها التغييرات الكبيرة التي طرأت على سوق العمل في ألمانيا، وزيادة عدد الأسر التي يعولها شخص واحد والتي تعتبر عرضة للفقر أكثر من غيرها، إضافة إلى تأثيرات أحدثتها السياسة من خلال إلغاء الشريحة الضريبية الأعلى. فقد انخفضت القيمة الضريبية الأعلى المفروضة على الدخول المرتفعة في ألمانيا بين عامي 1999 و2005، في زمن حكومة المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر من 53 إلى 42 بالمائة. وخلال نفس الفترة، ارتفعت دخول أصحاب الرواتب العالية، والذين لا تتجاوز نسبتهم 5 بالمائة من السكان، ارتفاعاً خيالياً، بحسب غرابكا. وألمانيا لم تكن البلد الوحيد، الذي يشهد مثل هذا الاتجاه، بل يمكن ملاحظته أيضاً في الولايات المتحدة الأمريكية.
"السياسة الوطنية يمكن أن تحول دون ذلك"
ويُلاحظ هذا الاتجاه بشكل أوضع في واحدة من كل ثلاث دول من الدول الأعضاء في المنظمة وعددها 30 دولة صناعية. ويرى ميشائيل فورستر، عضو مجلس إدارة قسم العمل والشؤون الاجتماعية في المنظمة في برلين إن سبب هذا التفاوت يعود إلى الأزمة التي يشهدها سوق العمل. لكنه يؤكد في الوقت نفسه أن هناك دولاً لا تظهر فيها مثل هذه المشاكل كأسبانيا وفرنسا. وفي هذا السياق، يعلق فورستر قائلاً: "يبدو أن السياسة الوطنية يمكن أن تحول دون حدوث مثل هذه الزيادة الهيكلية في التفاوت بين دخول الأفراد".
وعلى الرغم من أن حجم المال المستخدم لإعادة توزيع الدخول في ألمانيا يتجاوز المتوسط في الدول الأعضاء بالمنظمة، إلا أنه يبقى من دون فاعلية تُذكر.فمن المهم إيجاد التشريعات التي من شأنها تفعيل الإنسان للدخول إلى كنف حياة العمل، التي تعود عليه بدخل جيد، كما يرى المسؤول الألماني. ويضيف فورستر أن هذه الإجراءات تشمل أيضاً أن يكفل العمل حاجات الفرد المعيشية.
أسر في براثن الفقر
وذكر فورستر أن الأسر التي يعاني جميع أفرادها من البطالة مهددة بالفقر بنسبة 30 بالمائة. وتنخفض النسبة إلى 12 أو 13 بالمائة داخل الأسر، التي يعولها فرد واحد وتصل نسبة الخطر إلى 3 بالمائة لدى الأسر التي يعولها أكثر من فرد. وفي المقابل، أشار المسؤول الألماني إلى أن معدلات الدخل المنخفض في الأسر التي يعاني جميع أفرادها من البطالة في ألمانيا تبلغ 40 بالمائة، وتنخفض المعدلات إلى 7 أو 8 بالمائة لدى الأسر التي يعولها فرد واحد، في حين تصل النسبة إلى 1 بالمائة لدى الأسر التي يعولها أكثر من فرد. يُذكر أن الدراسة صنفت مع ألمانيا كل من جمهورية التشيك وكندا ونيوزيلندا في فئة الدول، التي ارتفعت فيها معدلات فقر الأطفال بشكل كبير.