استئناف عمليات الإجلاء من كابول وبايدن في مرمى الانتقادات
١٧ أغسطس ٢٠٢١عادت الرحلات الجوية العسكرية لإجلاء الدبلوماسيين والمدنيين من أفغانستان صباح اليوم الثلاثاء (17 أغسطس/ آب 2021)، وفق وكالة رويترز نقلاً عن مسؤول أمني غربي لم تسميه. وأضاف المصدر بأن مدرج مطار كابول، الذي كان يعجّ بآلاف الأفغان الذين يحاولون الهرب من العاصمة كابول، بات خاليا من الحشود. وكانت عملية الإجلاء قد أوقفت بسبب الفوضى العارمة التي حدثت في المطار.
وبينما أعلنت وزيرة القوات المسلحة الفرنسية فلورانس بارلي اليوم الثلاثاء إن أول طائرة عسكرية تنقل فرنسيين تم إجلاؤهم من أفغانستان الليلة الماضية إلى مطار أبوظبي، أوضحت وزيرة الدفاع الألمانية أنغريت كرامب كارنباور في حوار للقناة الأولى صباح الثلاثاء، أن طائرة إجلاء ألمانية تنتظر في مطار طشقند عاصمة أوزبكستان والذي يستخدمه الجيش الألماني جسراً جويّاً لكابول تصريحا من القوات الأمريكية لكي تقلع إلى كابول. وكشفت الوزيرة أن نحو 600 عنصرا من قوات الجيش الألماني كلّفت بالسهر على عملية الإجلاء.
وكانت طائرة نقل حربية من طراز إيه400إم قد هبطت في مطار كابول مساء الاثنين وفق تصريحات الجيش الألماني. وتعهدت الحكومة الألمانية بإخراج أكبر عدد ممكن من الرعايا الأجانب والعاملين المحليين من أفغانستان ما بقي المطار مفتوحا. ولكن، في الوقت الذي جابت العالم صور الطائرة الأمريكية وبداخلها مئات الأشخاص، أقرّت وزيرة الدفاع الألمانية في حوارها مع القناة الأولى، بأنّ أول عملية إجلاء لم تشمل سوى "مجموعة صغيرة من الناس"، ويتعلق الأمر بقوات الجيش الألماني الذين "سيساعدون في عملية الإجلاء"، وفق تغريدة الجيش الاتحادي.
وردّاً على سؤال حول سبب العدد الهزيل من الأشخاص اليذن تمّ إجلاؤهم، قالت كرامب كارنباور لقد كان "وضعا مبهما وخطيرا ومعقدا في المطار (كابول). خاصة في ظل وجود الجماهير البشرية". وتحدثت الوزيرة عن المصاعب التي واجهت الطيّار يوم أمس الاثنين عند هبوط أول طائرة إجلاء، وأضافت "كان لنا وقت وجيز جدا ولهذا أخذنا فقط أولئك الذين كانوا في عين المكان".
وبحسب معلومات وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، نقلت أول طائرة إجلاء تابعة للقوات المسلحة الألمانية سبعة أشخاص فقط من كابول أمس الاثنين.
وقد تم إعداد الطائرة من طراز إيرباص "إيه 400 إم" رسميا لتسع 114 راكبا، وتردد أيضا أن الطائرة بإمكانها نقل ما يصل إلى 150 شخصا أثناء عملية الإخلاء.
وأكد نائب رئيس الكتلة البرلمانية للتحالف المسيحي، يوهان فادفول، صحة البيانات حول عدد الركاب الذين صعدوا بالفعل على متن الطائرة، وقال في تصريحات لمحطة "دويتشلاند فونك" الإذاعية: "هذا صحيح. لم يصعد سوى سبعة. لم يكن لدينا سوى فترة زمنية قصيرة جدا مدتها 30 دقيقة لتواجد الطائرة على الأرض، ومن كانوا متواجدين في المطار هم فقط من تمكنا من جلبهم"، موضحا أن الغرض الرئيسي من هبوط أول طائرة هو "إنزال قوات سريعة في المطار" من أجل الحصول على صورة للوضع.
وبحسب الوزيرة الألمانية هناك سيناريوهان: الأول هو أنه لا يمكن إبقاء المطار مفتوحا إلا لفترة قصيرة، وقالت: "لهذا لدينا الآن قوات سريعة للغاية في الموقع ونواصل تعزيزها". السيناريو الثاني هو بناء جسر جوي سليم، موضحة أنه من المخطط الاستعانة بنحو 600 جندي لهذا الغرض.
مشاهد مروّعة
يذكر أن آلاف المدنيين المستميتين على الفرار من أفغانستان بعد سيطرة حركة طالبان على العاصمة، احتشدوا في مطار كابول، ومن بينهم من تعلق بطائرة نقل عسكرية أمريكية كانت تسير على المدرج. وأظهرت لقطات تلفزيونية أن شخصا واحدا سقط من الطائرة أثناء الإقلاع.
وأفادت أنباء بمقتل خمسة أشخاص على الأقل في الفوضى التي أدت إلى توقف رحلات الإجلاء. ومن غير المعروف ما إذا كانوا قتلوا بالرصاص أم خلال تدافع. من جهته، صرح الجيش الأمريكي أن قواته قتلت اثنين من المسلحين في محيط المطار خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. بينما أفادت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بوجود مؤشرات على إصابة أحد أفراد الجيش الأمريكي.
وتأتي سيطرة طالبان السريعة على كابول في أعقاب قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن سحب قوات بلاده من أفغانستان بعد حرب دامت 20 عاما كلّفت أكثر من تريليون دولار. ودافع بايدن عن قراره سحب القوات، منهيا أطول حرب أمريكية، وقال إن القوات الأفغانية هي من ينبغي أن تقاتل قوات طالبان.
بايدن في مرمى الانتقادات
بيد أن السرعة التي سقطت بها المدن الأفغانية في غضون أيام قليلة وليس خلال أشهر كما توقعت المخابرات الأمريكية، والحملات المحتملة على حرية التعبير وحقوق النساء التي اكتُسبت خلال 20 عاما أثارت انتقادات غاضبة، صدرت حتى من مقربي الرئيس داخل معسكره الديمقراطي.
وقال بايدن إنه اضطر للاختيار بين مطالبة قواته بالقتال إلى ما لا نهاية فيما أسماه حرب أفغانستان الأهلية أو الالتزام بالاتفاق على الرحيل الذي أبرمه سلفه الجمهوري دونالد ترامب.
وكتب زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل للصحفيين من مسقط رأسه في ولاية كنتاكي "ضاعت أفغانستان... كل إرهابي في جميع أنحاء العالم يهلل فرحا".
بينما طالب السناتور الديمقراطي مارك وارنر رئيس لجنة الاستخبارات بـ "أجوبة" حول أسباب عدم استعداد واشنطن لأسوأ السيناريوهات.
طالبان تحاول طمأنة العالم
في المقابل، أعلن سهيل شاهين المتحدث باسم طالبان في رسالة على تويتر إن مقاتلي الحركة لديهم أوامر صارمة بعدم إيذاء أحد. وأضاف "لن تتعرض أرواح وممتلكات وكرامة أحد للأذى، بل ينبغي على المجاهدين حمايتها".
وفي تصريحاته لقناة الجزيرة القطرية، قال شاهين "إن شكل النظام الجديد في أفغانستان سيتضح قريبا"، مضيفا أن الحركة "لا ترغب في العيش في عزلة" كما دعا إلى علاقات سلمية مع المجتمع الدولي.
ومنذ استيلاءها على كابول، سعت الحركة لإظهار وجه أكثر اعتدالا وتعهدت باحترام حقوق المرأة وحماية الأجانب والأفغان على السواء. لكن كثيرا من الأفغان يخشون أن تعود طالبان لممارساتها القاسية السابقة، حيث وبين عامي 1996 و2001 كانت الحركة تطبق عقوبات مثل الرجم والجلد والشنق.
وقال موظف حكومي سابق يختبئ الآن في كابول "القلق يساور الجميع.. لم يستهدفوا الناس بعد، لكنهم سيفعلون، وهذه هي الحقيقة. ربما خلال أسبوعين أو ثلاثة، ولهذا يكافح الناس من أجل الخروج الآن".
بدوره يقول أندرياس إيغرت، رئيس الرابطة الاتحادية لقدامى المحاربين الألمان والذي خدم في أفغانستان: "بالنسبة لي، أفغانستان ستصبح خلافة وملاذا للقوات الإسلامية"، مضيفا "خلال وقت قصير، سنرى الوضع ذاته الذي رأيناه قبل 20 عاما".
و.ب/ (أ ف ب، د ب أ، رويترز)