"استراتيجيات تعطيل إصلاح مجلس الأمن متعددة"
٢٧ سبتمبر ٢٠٠٧الأحلام الجميلة لا تموت أبدا. إنه لحلم جميلٌ حقا العيشُ في عالم يسوده العدل، وأن تكون مقاعد مجلس الأمن الدولي موزعةً بشكل عادل بحيث تحصل ألمانيا واليابان على مقعدين دائمين في مجلس الأمن لأنهما تستحقان ذلك كأكبر مموليّن للأمم المتحدة. تشكيلة مجلس الأمن تعود إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وقد مرت عليها الأعوام وتحجرت بحيث قد يبقى إصلاحُها حلما إلى أبد الآبدين ومهما تعالى دق ألمانيا وحلفاؤها اليابان والبرازيل والهند على باب المجلس الدولي.
يتشكل مجلس الأمن الآن من خمس دول دائمة العضوية هي الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا ولكل منها حق النقض الفيتو. يضاف إليها عشر مقاعد تتداولها الدول الأخرى فيما بينها، أي نظام ٌ يقسم العالم إلى طبقتين. خمس دول لا تريد التخلي عن امتيازاتها لأنها غير مجبرة على ذلك والدول الأخرى تتنازع فيما بينها لأن كل دولة تسعى وراء المزيد من النفوذ.
استراتيجيات تعطيل إصلاح مجلس الأمن متعددة. فمن جهة هناك الولايات المتحدة التي تريد أن تحصل اليابان على مقعد دائم لكنها تعرف أن الصين ستقف ضدها. ومن جهة أخرى هناك دول تعارض توسيع مجلس الأمن لأسباب تنافسية مثل باكستان ضد الهند والمكسيك ضد البرازيل. غير أن هذه الدول تبرر هذه المعارضة بأن مجلس الأمن بشكله الحالي غير عادل، ومنح مقاعد دائمة لدول أخرى لن يجعله هيئة أكثر عدلا.
وكانت آخر محاولة لإصلاح مجلس الأمن قد فشلت بسبب موقف الدول الإفريقية التي طالبت بنفوذ أكبر للقارة الإفريقية ما أدى إلى تأجيل بحث عملية الإصلاح ودون أن تتدخل الدول الخمس دائمة العضوية التي بإمكانها على كل حال عرقلة تلك الجهود.
فما الذي تغير منذ ذلك الحين؟ لا شيء، سوى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة تعقد جلساتها وبرلين ترى مجددا أن اللحظة مناسبةٌ للمطالبة بحصول ألمانيا على مقعد دائم في مجلس الأمن. لكن ما لا يجب إغفاله هنا هو أن المطالبة بمقعد ثابت باتت طقسا وإلا فُهم الأمر، أي عدم المطالبة، كعلامة ضعف من برلين. وهذه المطالبة تجد آذانا صاغية لدى الأمم المتحدة، لأنه لا أحد هناك يريد التخلي عن الأموال التي تدفعها ألمانيا، إلا أن فرصَ نجاحها لن تكون أفضلَ من سابقاتها.
.