"اعتراف واشنطن بمسؤوليتها يعد السيناريو الأفضل للخروج من المأزق العراقي"
١ مارس ٢٠٠٧تعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 مرحلة فاصلة في تاريخ البشرية المعاصر، إذ دفعت هذه الأحداث إلى إحداث تغيير في خارطة العالم السياسية وخاصة في الشرق الأوسط. لقد أرادت الولايات المتحدة أن تقوم برد فعل يتناسب مع حجم العمل الإرهابي الذي طال أراضيها، فحركت أساطيلها عبر العالم، لتقود حربا على الإرهاب في أفغانستان وامتدت لتشمل العراق. ولتسليط الضوء على الحرب على الإرهاب والعراق والأوضاع في الشرق الأوسط أجرى موقعنا حوارا خاصا مع الفيلسوف والمفكر الأمريكي المعروف نعوم تشومسكي واستطلع فلسفته ورؤيته الخاصة حول هذه القضايا الإشكالية.
السيناريوهات المحتملة في العراق
وفي رد تشومسكي على سؤال لموقعنا حول السيناريوهات المحتملة في العراق وما تردد عن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة بشأن العراق خاصة في ضوء توصيات لجنة بيكر -هاملتون أشار تشومسكي إلى الرفض التام لهذه التوصيات من قبل الإدارة الأمريكية وتجاهلها من قبلها بشكل لا يتفق والرغبة العامة للأمريكيين والعراقيين.
وتابع تشومسكي قائلا بأن السيناريو الأفضل لواشنطن هو التزامها بتلبية رغبة العراقيين أنفسهم والاعتراف بمسؤوليتها عن الاعتداء على العراق واحترام آراء الآخرين كدليل على حسن نيتها. وأضاف أن مثل هذا الأمر يستدعي وضع جدول زمني محدد من أجل الانسحاب السريع والكامل من العراق، إضافةً إلى دفعها تعويضات ضخمة للعراقيين ومحاسبة المتورطين بجرائم الحرب في العراق. ويرى بأنه وبهذا سيتم التخلص من كل التبعات الكارثية والخطيرة التي طالت المنطقة. واعتبر تشومسكي أن السيناريو الأسوأ للوضع في العراق يتمثل بالنتائج المخيفة للحرب، والمتمثلة بإمكانية ظهور الحروب الإقليمية الأخرى وزيادة تهديد الإرهاب إضافةً إلى زيادة نشاط التسلح النووي.
"الطريق الخطأ"
وأما حول الوضع في الأراضي الفلسطينية فقال تشومسكي إن الأمر الأشد خطورة يكمن في أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وبدعم من الاتحاد الأوروبي قررت أن تعاقب الناس في فلسطين بقسوة وعلى نحو خطير بسبب اقترافهم ذنب سلوكهم "الطريق الخطأ" في عملية الانتخابات الحرة. ويأتي هذا في الوقت الذي تدّعي فيه كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بحبهما للديموقراطية. ويرى تشومسكي بأن ردة فعلهما حول الانتخابات الفلسطينية جاءت همجية وتضمنت عددا من جرائم الحرب، كما أكدها المراسل الخاص جون دوغارد. وأشار المفكر الأمريكي إلى عدد من "الجرائم"، مثل قطع المياه عن قطاع غزة وإلقاء القنابل الصوتية بشكل مستمر وثابت أثناء فترات الليل لتخويف وترهيب السكان. وأضاف قائلا بأن هذه الوسيلة لم تستخدم من قبل عند تواجد المستوطنين اليهود في المنطقة التي تُغدق عليهم الإعانات المالية من أجل بناء مستوطناتهم غير الشرعية.
ويرى الفيلسوف الأمريكي بأن الذريعة وراء إقامة هذه المستوطنات هو رفض حماس الاعتراف بإسرائيل وإعلانها الاستمرار في طريق العنف وعدم الاعتراف بالاتفاقيات السابقة، على الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل لم تقوما بتطبيق أي من هذه القرارات أو هذه الشروط. وأضاف تشومسكي بأن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وبشكل واضح لا يعترفان بفلسطين وحتى أنهم رفضوا التعامل مع خارطة الطريق المقدمة من اللجنة الرباعية بطريقة إيجابية. واعتبر المفكر الأمريكي في الوقت ذاته بأن الموافقة الظاهرية لإسرائيل على خارطة الطريق تنسجم مع إضافة 14 منطقة سلبتها بالقوة إلى كيانها في ظل موافقة الولايات المتحدة الأمريكية.
قضية الجدار الفاصل
وفي معرض تتبعه للأوضاع في الأراضي الفلسطينية قال تشومسكي بأنه بعد حادثة أسر الجندي الإسرائيلي في 25 حزيران قامت إسرائيل بإعلان الاعتداء الشامل على فلسطين بشكل جديد وبطريقة أكثر عنفا على الرغم من أنها قبل هذه الحادثة بيوم قامت القوات الإسرائيلية باختطاف اثنين من المدنيين في قطاع غزة، وهي تعتبر جريمة أكبر من أسر الجندي، وأُخذوا إلى إسرائيل، وهذا انتهاك آخر للقانون الدولي. وبعد هذه الحادثة قاموا باحتجاز 9000 شخص وأبقوهم من غير محاكمات لفترات طويلة، فعملية أخذهم إلى إسرائيل يعتبر انتهاكاً للقانون الدولي.
وحول الجدار الفاصل الذي تبنية إسرائيل على الأراضي الفلسطينية أكد الفيلسوف الأمريكي عدم شرعية هذا الجدار، مضيفا بأن إسرائيل من وراء ذلك تريد أن تحمي مستوطنيها في الضفة الغربية المحتلة والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وخيراتها وتمزيق وفصل الأجزاء القليلة المتبقية للفلسطينيين،بالإضافة إلى تطويق هذه الأجزاء عن طريق التحكم بمناطق في وادي الأردن. وعرّج تشومسكي على الأزمة الإيرانية بقوله بأن الموقف الأمريكي منها هو استمرار للسياسة الخارجية المتمثلة بــ"خلق حقائق على الأرض" من أجل تسويغ خدمة المصالح الأمريكية في المنطقة.
الإسلام والحضارة الغربية
وحول السؤال عن مقولة أن الإسلام يشكل خطراً على طريقة الحياة الغربية أو الحضارة الغربية، قال تشومسكي إن الحضارة الغربية كما عبر عنها غاندي هي أمر جيد وأن علاقتها مع العالم الإسلامي علاقة جيدة، أكثر من كون أن العالم الإسلامي يشكل خطراً عليها. وأضاف قائلا بأن تفحص الواقع المعاش حاليا يرى بأن الغرب قد نجح في خلق مفهوم "صدام الحضارات" من خلال أسامة بن لادن وجورج بوش، "الحليف الرئيس" لابن لادن كما وصف من قبل مايكل شوير، المحلل الكبير في وكالة المخابرات الأمريكية "السي أي إيه" والمسؤول عن تعقب بن لادن منذ عام 1996.