الأردن: مبادرات أهلية لمساعدة اللاجئين السوريين
٢٢ فبراير ٢٠١٥بدأت المبادرة مع مجموعة من الأطفال، يقول فادي عميرة، قضوا أياما يتجولون في شوارع البلدة القديمة في العاصمة الأردنية عمّان عوض الذهاب إلى المدرسة. إنهم أطفال سوريون، دفعتهم الحرب إلى الهرب من وطنهم، ولاحقا من مخيمات اللاجئين بسبب الأوضاع المزرية السائدة هناك. ولهذا قرر الناشط الأردني فادي عميرة إطلاق هذه المبادرة بهدف التخفيف من معاناتهم. الآن، وبعد مرور عامين على ذلك، يجلس ثلاثة من هؤلاء الأطفال بجانب فادي لتعلم اللغة الإنجليزية في مركز جدل الثقافي وسط العاصمة عمان والذي أصبح واحة من الهدوء وسط العاصمة الصاخبة.
مبادرات أهلية
في البداية لم تكن الأمور منظمة بشكل جيد"، يقول فادي، ولحسن الحظ تغير الشيء الكثير، فهناك ستة موظفين يقدمون أسبوعيا دروسا للأطفال اللاجئين في اللغة العربية والإنجليزية والرياضيات. كما تُقدم دروس للرسم والرقص، وهناك فريق كامل مسؤول عن رعاية 27 طفلا بشكل مستمر.
بلا شك أن العدد قليل جدا مقارنة بأعداد اللاجئيين السوريين الهائلة. ووفقا للأمم المتحدة هناك 620 ألف لاجئ سوري في الأردن، 84 في المائة منهم يعيشون خارج المخيمات، خاصة بالعاصمة. لا يمتلك غالبيتهم حق العمل، ولذلك يعملون بشكل غير قانوني، ورغم ذلك تحاول منظمات حقوقية على غرار اليونيسكو ومنظمة كير مساعدتهم على الاندماج في المجتمع الأردني. وذلك إلى جانب العديد من المبادرات التي يقوم بها سكان الأردن على غرار فادي من أجل هذا الغرض.
تمويل المشروع
للحصول على موارد مالية لمبادرته، يقوم فادي بتأجير فضاء المركز الثقافي للفنانين والموسيقيين أو المنظمات غير الحكومية لتنظيم المعارض والحفلات الموسيقية والمحاضرات. هذا بالإضافة إلى تقديم دورات في اللغة العربية للسياح.
فكرته البسيطة هذه تكفيه لتمويل المشروع، على حد تعبير الناشط ذوي الأصول الفلسطينية. ولا يخفي الأخير أن العمل مع الأطفال معقد للغاية، وفي كثير من الأحيان يجبر أطفال على مساعدة آهاليهم على كسب قوت العيش. وهو ما يدفع نصفهم إلى ترك المدارس، رغم أن الحكومة الأردنية توفر التعليم المجاني للأطفال السوريين.
النساء الأسوء حالا
وفي هذا الصدد تقول كريستينا، منسقة الدورات التعليمية في المركز الثقافي الأردني: "لقد تمكنا من إقناع العديد من الآباء بإرسال أبنائهم إلى الفصول الدراسية". ورغم ذلك لا يزال الوضع حرجا، خاصة بسبب الاكتظاظ في المدارس.
وتضيف كريستينا أن "الكثير من المدرسين يضطرون إلى قضاء ساعات طويلة في العمل وهذا ما لا يناسبهم بالطبع، مما يدفعهم إلى صب لجام غضبهم على السوريين باعتبار أنهم المسؤولين على هذا الوضع".
النساء أسوء حالا، لأنهن أقل عرضة للتفتيش من قبل الشرطة الأردنية، ولذلك أصبحت النساء السوريات المعيل الرئيسي للأسرة، كما توضح كريستينا مضيفة أن ذلك "يجعل العديد من الرجال يشعرون بالإحباط". ما يعني أن النساء يجدن أنفسهن أمام واجب "رعاية لأطفال وإعالة الأسرة وتحمل غضب الرجال". ويقوم فريق العمل مرة في الأسبوع بتنظيم لقاءات نسائية لتبادل الأفكار والتجارب والتحديات اليومية.
"الأردن ..سجن كبير"
من بين المتطوعين داخل المركز الثقافي، رغيد، الشاب السوري الذي فرّ قبل ثلاث سنوات من حلب، ويعيش اليوم مع والده ووالدته في بلدة صغيرة بالقرب من عمان. شتت الحرب أسرته، ثلاثة من إخوانه يعيشون في لبنان، وآخر رابع بقي في حلب رغم الحرب لاستكمال دراسته.
رسميا لا يتوفر رغيد على تصريح عمل. وهو يعتبر أن "الأردن سجن كبير"، مضيفا: "لا أستطيع أن أفعل أي شيء هنا" وهو الذي كان يطمح لدراسة الكمبيوتر، لكن رسوم دراسية بالأردن حالت دون ذلك. يضيف رغيد، "عندما جئت إلى هنا، كنت أعتقد أنني سأبقى شهرين فقط، لكنني أعيش هنا منذ ثلاث سنوات..لا أرى أي أمل في هذا البلد".
العودة إلى المخيمات
رغيد ليس حالة استثنائية، إذ يواجه العديد من اللاجئين نفس التحديات والصعوبات. وفي الوقت الراهن، يتوجب على اللاجئين السوريين الحصول على بطاقة خاصة للاستفادة من التعليم والصحة وغيرها من الخدمات. وهذا ما يلزم اللاجئين العودة إلى المخيمات، بل وأجبر بعضهم على العودة إلى سوريا، تقول كريستينا. ولهذا السبب لم يتوافد على المركز منذ بداية العام الجاري، سوى خمس أسر فقط من أصل 12 أسرة. وتقول كريستنا "لا نعرف كيف ستتطور الامور. قد تعود كل الأسر إلى المخيمات وستكون هذه هي نهاية المشروع".