الأزمة في الخليج.. سيناريوهات تصعيد تحاصر الدوحة
٣ يوليو ٢٠١٧رفضت قطر التي تتهمها السعودية وحلفاؤها بدعم "الإرهاب" والتقرب من إيران ضمنياً مطالب جاراتها لإعادة العلاقات معها قبل ساعات قليلة من انتهاء مدة العشرة أيام التي حددت لها للرد. وقدمت الدوحة للوسيط الكويتي الاثنين (الثالث من تموز/ يوليو 2017) ردها الرسمي على مطالب الدول المقاطعة لها لإعادة العلاقات معها بعدما قررت هذه الدول تمديد المهلة الممنوحة للإمارة الخليجية ليومين إضافيين بناء على طلب الكويت، محذرة من أن البديل عن الحل "عسير" على كل أطراف الأزمة.
ويخشى المراقبون أن المستجدات قد تخرج عن دائرة محاولة التضييق على القطر، لتأخذ منحى أشد صرامة، خاصة مع التهديدات السعودية بما أسمتها موجة ثانية من إجراءات أشد قسوة، قد تقدم عليها الدول الأربع ضد قطر بما فيها محاربة الاستثمارات القطرية في أوروبا وأمريكا، وسحب ودائع الدول المقاطعة من الدوحة. يأتي ذلك إثر قرار بنوك بريطانية وقف التعامل بالعملة المحلية، وترويج أخبار عن متاعب تواجهها الدوحة للإيفاء بمشاريعها الكبرى، بما في ذلك مشاريع مونديال 2022.
إلا أن السؤال المطروح هو: ماذا تملك الرياض وحليفاتها من أوراق من أجل مواصلة الضغط على قطر؟ بالمقابل: ماذا بحوزة الدوحة للتصدي لهذه الضغوط، في ظل وصف قطر على لسان وزير خارجيتها محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن "المطالب قُدمت كي ترفض"؟
"الحرب غير واردة"
يرى الكاتب والمحلل السياسي السعودي سليمان العقيلي في حوار مع DW عربية أن تطورات هذه الأزمة تسير بوتيرة متسارعة، إلا أنه لا يرى في الأفق نذر حرب في هذه الأزمة، "فالجميع يتجنب الانزلاق إلى هذا الطريق، إلا إذا انزلقت قطر إلى خطأ استراتيجي كارثي"، من قبيل تهديد الأمن الإقليمي الخليجي بالاستعانة بإيران التي تعد خطا أحمر بالنسبة لدول الخليج، أو إذا حدثت تطورات سلبية في الأزمة.
نص حوار DW عربية الكامل مع المحلل السعودي سليمان العقيلي
من ناحيته يرى المحلل السياسي القطري علي الهيل في حوار مع DW عربية أن "قطر وضعت دول الحصار في خانة رد الفعل. نتيجة للفعل القطري الأساسي الرافض لبعض مطالب اللائحة التي تمس السيادة الوطنية القطرية، والتي تشي أو يُفهم منها فرض الوصاية على دولة قطر. وكأن قطر ليست دولة مستقلة ذات سيادة وإنما كأنها كيان حكم ذاتي تابع لإحدى دول الحصار".
ويؤكد الهيل أنه ليس هناك تنازلات في السياسة، ولكن هناك مفاوضات. ويرى الكاتب القطري أن الساعات القادمة ستشهد نقاط التقاء بين قطر والدول المقاطعة. لأن قطر من الأساس أصرت على أن يكون الحل خليجياً وعلى أن يبدأ حوار جاد ندي، دولة لدولة، من خلال آليات مجلس التعاون لدول الخليج العربي. يعني الموضوعات المتعلقة بالسيادة الوطنية التي تحاول فرض وصاية على قطر، لا شك أن قطر سترفضها، كما يقول الهيل.
يذكر أن المطالب التي قُدّمت رسمياً الى الدوحة في 22 حزيران/ يونيو الماضي شملت ثلاثة عشر بنداً كان أبرزها إغلاق قناة "الجزيرة"، والمنظومة الإعلامية التابعة لقطر، وخفض العلاقات مع طهران، الخصم اللدود للرياض، وإغلاق قاعدة تركية في الإمارة الخليجية.
نص حوار DW عربية الكامل مع المحلل القطري علي الهيل
سيناريوهات الأزمة المتوقعة
ويرسم المحلل السعودي سيناريوهات بشأن تطور الأزمة خلال الأيام المقبلة ويقول بإن وزراء خارجية الدول الأربعة المقاطعة لقطر سيعقدون اجتماعاً الأربعاء المقبل في القاهرة وسيقررون الخطوة المقبلة، إلا أنه يعتقد أن الدول المقاطعة تملك أوراقاً كثيرة من حيث المقاطعة المالية وتجميد الأصول وحركة الأموال القطرية، كما أنه قد إجراءات سياسية لعزل قطر في المنظمات الإقليمية، وهذا مع التلويح باتخاذ إجراءات عسكرية من قبيل إقامة قاعدة عسكرية في البحرين مواجهة للقاعدة التركية في قطر في رد فعل على محاولة تركيا التدخل في هذه الأزمة.
ويعتقد العقيلي أن الضغط السياسي والاقتصادي والجيوسياسي على قطر ربما يدفع الأسرة الحاكمة القطرية للضغط على القيادة السياسية أو تغيير بوصلة السياسة الخارجية المختلف عليها إقليمياً، إذ أن هذه الضغوط قد تولد خلافاً داخل الأسرة الخليجية بما يسمح بتصحيح بوصلة السياسة الخارجية القطرية لتنسجم مع بوصلة السياسة الإقليمية لأشقاء قطر.
حرب على تويتر حول تغيير نظام قطر أو الاصطفاف معه
ويقول المحلل السياسي السعودي إن "هذه الضغوط المتصاعدة على قطر ستنعكس بالتأكيد على الداخل القطري خاصة أنها دولة صغيرة ستتأثر بالأحداث حولها ولا يمكنها تجاهل الضغط الاستراتيجي من جيرانها، خاصة أن موقعها الجغرافي لا يسمح لها بالكثير من المناورة".
إلا أن الخبير القطري الهيل يؤكد أنه إذا رأت دولة قطر أن الخيار: "إما أن تنسحب من مجلس التعاون الخليجي أو أن تضحي بسيادتها الوطنية وتقبل الإملاءات التي وردت في اللائحة والمهلة المذلة وغير القانونية، فقطر ستؤثر الحفاظ على أمنها الوطني وسيادتها الوطنية، وتنسحب من مجلس التعاون. ولا ننسى أن معها الكويت وسلطنة عمان، وهما لا يتفقان مع السياسات العامة الدول الثلاث الأخرى في المنظومة الخليجية".
ويعتقد الهيل أن "التصعيد من قبل الإمارات العربية المتحدة عليها ما هو إلا حقد وغيرة سياسية من قطر بسبب أن الأخيرة سحبت البساط من تحت أرجل الدول الكبرى في العالم العربي، قطر حصلت أيضاً على حق استضافة بطولة كأس العالم 2022 بكرة القدم".
وساطة ألمانية - "نوايا طيبة"
وكان وزير الثقافة والإعلام السعودي عواد العواد قد صرح لمجموعة فونكة الإعلامية الألمانية لعددها الصادر الاثنين (الثالث من تموز/ يوليو 2017) أن الرياض وحلفائها لديهم ثلاث مشاكل مع قطر وهي علاقة الدوحة مع 12 منظمة متطرفة إسلامية، بالإضافة إلى تأييد الدوحة إلى نشر الإسلام السياسي، كما أن "لديها مشكلة في تضخم الأنا، إذ أن كل الحقائق تؤكد أن قطر قامت بشراء حقوق استضافة كأس العالم 2022".
وبدأ وزير الخارجية الألماني، زيغمار غابرييل، الإثنين، جولة في منطقة الخليج تتواصل لثلاثة أيام ضمن جهود إنهاء الأزمة المتواصلة منذ قرابة شهر.
وتشمل جولة غابرييل زيارة كل من السعودية والإمارات وقطر والكويت، وتأتي غداة موافقة الدول المقاطعة لقطر (السعودية، الإمارات، البحرين، مصر) على طلب الكويت تمديد المهلة الممنوحة للدوحة للرد على مطالبها 48 ساعة. ومن المقرر، أن يصل الوزير الألماني الأربعاء إلى الكويت التي تعمل كوسيط لحل الأزمة الخليجية.
وقال الوزير الألماني، في تصريحات للصحفيين، إنه يعتزم أن يبقى محايداً في جهوده لحل تلك الأزمة، موضحاً: "لن ننحاز لأي جانب. الصراع في الخليج لا يؤثر فقط على الأطراف المعنية مباشرة، بل أيضاً على مصالحنا".
وبعد وصوله السعودية قال غابرييل إن أفضل سبيل لحل الخلاف بين قطر وأربع دول عربية سيكون باتفاق في أنحاء المنطقة على منع تمويل "الإرهاب"، وأضاف في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السعودي عادل الجبير أنه ليس لديه انطباع بأن الدول العربية تشكك في سيادة قطر.
وعن الوساطة الألمانية يرى العقيلي أن النفوذ الأكبر في المنطقة هو للولايات المتحدة والتي توفر غطاء أمنياً إقليمياً في الخليج ولها علاقات تاريخية مع دول الخليج، وحركة الأحداث ربما تسبق تحركات وزير الخارجية الألماني.
لكن في العموم فإن الألمان أصدقاء لدول الخليج وشركاء لهم والنوايا الطيبة الألمانية ستقابل بالترحيب لدى السعودية. ويؤكد الخبير السعودي أن الولايات المتحدة ومن المتوقع أن تضغط على كافة الأطراف للقبول بحلول وسط والمتوقع أكثر الضغط على قطر، خاصة أنه كان هناك تصلب في السياسة الخارجية القطرية وخطابها السياسي، وإذا لم تتفهم واشنطن عدم التجاوب القطري فبإمكانها أن تكون قوة دفع لتلاقي جميع الأطراف.
كتب: علاء جمعة