الإرهاب في الدول المحتلة وحرب الإبادة في الشرق
دعا هتلر هجوم ألمانيا على الاتحاد السوفييتي "عملية بارباروسا" التي انطلقت في الثاني والعشرين من حزيران/يونيو 1941 دون الإعلان عنها رسمياً. تعتبر عملية بارباروسا أكبر عملية عسكرية يقوم بها الجيش الألماني في يوم واحد وذلك بمشاركة ثلاثة ملايين جندي. كان هتلر يحلم بهذا اليوم منذ عقدين من الزمن. أما هدفه من الهجوم فكان تحويل منطقة أوروبا الشرقية حتى جبال الأورال إلى مملكة جرمانية كبيرة. وفي هذا الوقت أمر هتلر رسمياً بنشر تصوراته عن التآمر اليهودي الشيوعي طالباً وجوب مكافحته. كان أسرى الحرب هم أول من ذاق مرارة النظام النازي. فقد سقط الملايين من جنود الجيش الأحمر أسرى في أيدي الجيش الألماني في الأشهر الأولى من الحرب على الاتحاد السوفييتي وذلك بسبب الهجوم الألماني المفاجئ، وترك الجيش الألماني مئات الآلاف من هؤلاء الأسرى يموتون جوعاً عن قصد وذلك عام 1942.
وكتب نقيب ألماني في مذكراته عن الأوضاع في معسكرات الجنود الأسرى ما يلي:
"قال الطبيب إن المجاعة لم تعد تطاق وأن بعض الأسرى قتلوا زملاء لهم حتى يأكلوا لحمهم، وأصبح براز البشر من الأكلات اللذيذة لدى الأسرى، وبسبب هذا الوضع الذي لا يمكن تحمله طلب الطبيب تطبيق الحل الوحيد الممكن: قتل الأسرى لتخليصهم من عذابهم." لقي أكثر من ثلاثة ملايين أسير حرب سوفييتي من أصل خمسة ملايين مصرعهم أثناء الحرب وأغلبهم ماتوا جوعاً ومرضاً لكثرة انتشار الأوبئة.
إعدامات بالجملة خلف الجبهةإن الإعدامات الجماعية خلف الجبهة والتي تمت على أساس منظّم قامت بها فرق الSS العسكرية التابعة لهاينريش هيملر. فمنذ اليوم الأول بدأت فرق الأمن النازية حملة مطاردة ضد اليهود والمعارضين والجنود الفارين وكل من أثيرت حوله الشبهة.
ففي التاسع والعشرين والثلاثين من أيلول / سبتمبر 1941 قتل أكثر من 30 ألف يهودي رمياً بالرصاص في بابي يار بالقرب من كييف. ويقدر الخبراء أن فرق الأمن الأربع التابعة للـ س س SS تتحمل مسؤولية مقتل مليون شخص.
في وثائق محاكم مجرمي الحرب في نورنبيرغ عُثر على تقرير لشاهد عيان عن مجزرة في بلدة دوبنو الأوكرانية قتل فيها خمسة آلاف يهودي كتب فيه ما يلي: "صعدت إلى إحدى التلال ورأيت هناك قبراً ضخماً كان فيه الناس العراة مصفوفين فوق بعضهم البعض بشكل لم تكن فيه إلا رؤوسهم واضحة للعيان. وكان بعض الأشخاص الذين قتلوا رمياً بالرصاص لا يزالون يتحركون وكان المعتقلون ينزلون على درج محفور في حائط المدفن الطيني حتى يصلوا إلى القتلى المستلقين هناك ويأمرهم الحارس الألماني بالتوقف. وكانوا يستلقون بجانب الأشخاص المقتولين ويهمسون أحياناً في آذانهم بأصوات منخفضة وبعد ذلك سمعت صوتاً لطلقات نارية كثيرة."
حرب إجراميةلم يكن أحد يتصور أنه قادر على حماية نفسه من الأفعال الإجرامية للمحتلين، وحتى بعد فشل الهجوم على الاتحاد السوفييتي في 1943 وبدء الألمان بالانسحاب. فقد قال رئيس قوات الـ س س SS هيملر في الثامن عشر من تشرن الأول /أكتوبر 1943 في خطابه في بوزين: "لا يثير اهتمامي سقوط عشرة آلاف امرأة روسية أثناء حفر خندق للجيش الألماني وإنما ما يثير اهتمامي هو إن كان الخندق قد أصبح جاهزاً للاستخدام." ويتابع قائلاً: لن نكون قساة القلب إلا إذا اضطررنا إلى ذلك، نحن الألمان الوحيدون في العالم الذين يتعاملون برفق مع الحيوانات سنعرف كيف نتعامل مع الحيوانات البشرية أيضاً." إن قوات الSS النازية والفرق الأمنية والجيش الألماني عقدت تحالفاً بشعاً بحق البشرية وهكذا ورط الجيش الألماني نفسه في حرب هتلر الإجرامية ليصبح شريكاً في العمليات الوحشية.
بيرغيت غورتس/ بقلم سمير مطر