"الإعلام الأردني يضخم تأثير الحراك الشعبي على التجارة في عمان"

يشكو تجار مركز عمان الاقتصادي والتجاري القديم من ركود اقتصادي يقولون إن سببه المظاهرات والمسيرات المتواصلة منذ بداية عام 2011 في هذه المنطقة، لكن اقتصاديين محليين يؤكدون أن "التأثير ليس بحجم الشكوى".

ويقول عبد المجيد بيدس أحد تجار وسط عمان لدويتشه فيله إن التجار يعانون منذ عدة أشهر من كثرة المظاهرات التي أصبحت عبئا كبيرا على الوسط التجاري الذي تضرر بشكل كبير، ويؤكد أن الأمن يغلق الشارع من الصباح ولغاية العصر، وبالتالي فان أرزاقهم تعطلت لأن يوم الجمعة يشهد إقبالا كبيرا على التسوق من قبل الأردنيين والعمالة الوافدة على السواء.

"المظاهرات تحاربنا في قوت أولادنا"

ويضيف بيدس أن المسيرات والمظاهرات ساهمت بشكل كبير في تردي أوضاع التجار المالية، وفرضت عليهم التزامات مالية كبيرة، ويقول إن "المظاهرات والمسيرات تحاربنا في قوت أولادنا"، ويطالب الحكومة الأردنية بتخصيص مكان للمعتصمين والمتظاهرين بعيدا عن محلاتهم التجارية.

من جهته يخشى أحد تجار الأقمشة الذي طلب من دويتشه فيله عدم ذكر إسمه من أن يتعرض محله الكبير للأذى أو التكسير، ويضيف أن المبيعات في يوم الجمعة تنخفض بشكل واضح عن باقي أيام الأسبوع، لكنه يؤكد في الوقت نفسه أنه يوافق على كل حراك مطالب بإصلاحات ولكن بعيدا وسط عمان التجاري.

لكن عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية وأحد منظمي الحراك الشعبي في الأردن الدكتور فاخر دعاس يقول في حوار مع دويتشه فيله إن من حق أي شخص أن يطرح وجهة نظره، لكنه يتساءل "هل الركود الاقتصادي الذي يعانيه الأردن ناتج عن مسيرة تنظم لمدة لا تزيد عن ساعة أسبوعياً وفي مسافة لا تتجاوز الألف متر؟". ويعزو دعاس سبب الركود الاقتصادي إلى "سياسات مالية خاطئة متراكمة انتهجتها الحكومات المتعاقبة"، ويضيف أنه من الطبيعي قيام من يشكو من الركود بالتوجه نحو السبب الرئيسي لهذا الركود، والمشاركة في المسيرات "الهادفة لوقف السياسات الاقتصادية الحكومية التي أوصلت مستوى المديونية وعجز الموازنة إلى أرقام قياسية".

"الجامع الحسيني أصبح رمزاً للحراك"

ويتهم الناشط السياسي فاخر دعاس الإعلام الحكومي ب "تضخيم حجم انزعاج بعض التجار من مسيرات الجمعة في محاولة يائسة لضرب الحراك"، ويقول إن "الطريقة الأمنية بالتعاطي مع مسيرة الجمعة تساهم بشكل كبير في تعطيل النشاط التجاري في تلك المنطقة، حيث تعمد الأجهزة الأمنية إلى إغلاق كافة منافذ وسط البلد دون أي مبرر".

ويشير دعاس إلى وجود فئة متضررة بشكل أو بآخر من إغلاق وسط البلد من قبل الأجهزة الأمنية لمدة تزيد عن الأربع ساعات، فيما لا تتجاوز المسيرة ساعة واحدة من الوقت، لكنه يؤكد الاستمرار في الحراك والاعتصام في كافة الأماكن المرتبطة بعناوين المسيرات قائلا إن "الجامع الحسيني الكبير أصبح رمزاً للحراك شبيهاً برمزية ميدان التحرير في القاهرة". ويعتبر فاخر دعاس أن "من الضروري الاستمرار في إقامة الفعاليات الأسبوعية انطلاقا منه كونه يقع وسط عمان، ودأبت القوى على إخراج مسيرات الحراك منه أسبوعياً.

لكن المحلل الاقتصادي عصام قضماني يرى في حوار مع دويتشه فيله أن يوم الجمعة وقت مناسب للتواجد في وسط عمان لدى كثير من الناس الذين يحبون التسوق في أيام الجمعة، وبالتالي فانهم حرموا من الاستمتاع بأجواء وسط عمان لأنهم أصبحوا يفكرون مليا قبل الذهاب إلى هناك لسببين الأول وجود المظاهرات والثاني اختناق حركة المرور.

"لا يجوز انحراف المسيرات باتجاه معطل لمصالح الناس"

ويضيف قضماني أن فكرة تخصيص مكان أو ساحة معينة للاعتصام والتظاهر التي طرحت منذ فترة لم تنفذ حتى الآن، ويشير إلى أن الدول المتقدمة رغم أنها تشهد احتجاجات في الشارع إلا أن الأمن هو الذي يحدد مسار تلك المظاهرات والاحتجاجات بحيث لا تؤثر على الآخرين وتعطل السير، ويشير في هذا الصدد إلى المظاهرات الضخمة التي شهدتها مؤخرا العاصمة البريطانية لندن للاحتجاج على قانون التقاعد الجديد، ويقول إن "الأمن البريطاني وزع منشورات لتحديد مسار هذه المظاهرات في الشوارع تحت مظلة القانون وهذا مظهر حضاري".

ويؤكد عصام قضماني أن لا أحد ضد المسيرات التي تنادي بمطالب محقة، "ولكن لا يجوز انحراف المسيرات باتجاه معطل لمصالح الناس" ويشير إلى أن ألباعة المتجولين اشتبكوا في فترة من الفترات مع المتظاهرين لان التظاهرات تنطلق من الجامع الحسيني الكبير وهو محاط بعدد كبير من هؤلاء الباعة "الذين شعروا بان مصالحهم تعطلت في يوم الجمعة ولكن الآن المسيرات تسير بوسط عمان دون تدخل من احد".

"محلات التجار لم تتعرض لأي اعتداء"

من جانبه يقول مدير تحرير جريدة الدستور الأردنية الخبير الاقتصادي خالد الزبيدي في حوار مع دويتشه فيله إن "مدة الاعتصام أو المظاهرة في منطقة وسط المدينة لا تستمر أكثر من ساعة واحدة ، وهي في يوم جمعة وهو يوم عطلة لا يشهد نشاطا اقتصاديا تجاريا كبيرا، وبالتالي فان التأثير محدود"، ويضيف أن من حق الناس التعبير عن الرأي خاصة وان محلات التجار لم تتعرض لأي اعتداء أثناء المظاهرات.

ويصف الزبيدي ما يقوله بعض التجار بان المسيرات والمظاهرات تفقد يوم الجمعة والصلاة في الجامع الحسيني الكبير بوسط عمان معناه الديني بالحجج والكلام غير المنطقي، لكنه يستبعد في الوقت ذاته أن تكون جهات حكومية وراء تحريض التجار على إبداء التذمر لكبح الحراك لأنه محدود ولم يستقطب أعدادا كبيرة.

محمد خير العناسوة – عمان

مراجعة: محمد المزياني