الاتحاد الأوروبي منقسم بشأن انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي
لم يتمكن وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في اجتماعهم الذي عقدوه أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي في بروكسل من التغلب على الكثير من القضايا الخلافية العالقة واهمها تلك المتعلقة بتحديد موعد لبدء المفاضات الخاصة بامكانية انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي. ولم تكن تللك القضية موضع خلاف بين الاوروبيين والاتراك فحسب، وانما ايضا بين الاوروبيين انفسهم. فبينما تطالب انقرة بان يكون الموعد في النصف الاول من العام 2005، اعتبرت فرنسا على لسان وزير خارجيتها ميشيل بارنير بأن الموعد لن يكون قبل نهاية العام الجديد. ألمانيا من جهتها لم تذكر موعدا محددا لبدء تلك المفاوضات، الا انها اكدت حسب وزير خارجيتها يوشكا فيشر بأن الموعد يجب أن يكون على اية حال خلال العام القادم. وأضاف بأن الهدف الوحيد من تلك المفاوضات يجب ان يكون منح تركيا العضوية الكاملة في الاتحاد الاوروبي. واعتبر فيشر ان اقتراح الحزب المسيحي الديمقراطي بمنح تركيا صفة "الشريك المميز" يمكن ان يفسر من قبل الاتراك بالرفض، مؤكدا على ضرورة عدم اعطاء المجال لتسرب اليأس الى نفوس الشعب التركي. وأشار الوزير الالماني ان بدء المحادثات لا يعني بأي حال من الاحوال الانضمام التلقائي لتركيا للاتحاد الاوروبي. "هذا الامر سيكون بعد 10 الى 15 عاما، ما يتم الآن القرار بشأنه هو منح الاتراك املا وتصورا بأن يكونوا جزءا من اوروبا، الامر الذي يساعد بالتأكيد على تطوير البلاد ومن مصلحتنا بالطبع ان يكون هناك تركيا ديمقراطية ومتطورة."
الكيل بمكيالين
أما في تركيا فهناك الكثير من الأصوات التي تتحدث عن لعبة دبلوماسية من قبل الاتحاد الأوروبي بما يتعلق بالتعامل مع بلادهم. فحسب وجهة نظرهم يستخدم الاوروبيون مع بلادهم أسلوب المماطلة ويتركونها تنتظرإلى أجل غير مسمى ربما بعد أربعين عاما او أكثر. وحسب رأي الكثيرمن تعليقات الصحف التركية فإن الاتحاد الأوروبي يكيل من خلال هذه السياسة بمكيالين وبذلك فهو يغامرعلى المدى البعيد بثقة الأتراك. ولهذا قد ينقلب السحر على الساحر ويفقد الشعب التركي مع الوقت حماسهم ورغبتهم الشديدتين بان يصبحوا عضوا كامل الحقوق في الاتحاد الاوروبي. وزد على ذلك أنه ينظر بعين الشك إلى معايير الاستقرار والتنمية الاقتصادية للمرشحين الآخرين للالتحاق ـ الأضعف على سبيل الافتراض ـ مثل رومانيا وبلغاريا الذين كانوا قد تلقوا الضوء الأخضر من بروكسل للانضمام للاتحاد في عام 2007. ويعتقد الأتراك أنه بإمكانهم مجاراتهم في أي حال من الأحوال.
عائق الانضمام الحقيقي
وإذا لم تكن العوامل الاقتصادية والسياسية هي العائق الحقيقي أمام الاندماج الأوروبي لتركيا، فما هو سبب عدم تحقق أمنية الالتحاق؟ هذا السؤال طرحه عدد من الصحافيين الأتراك وفي أذهانهم الإجابة: الأوروبيون يعارضون عضوية تركية في الاتحاد الأوروبي لأنهم يعتقدون أنه لا مكان لبلد مسلم في جماعة ذات قيم مسيحية غربية. وللأسف يقر الكثير من الساسة وأرباب الأقلام والخبراء في شؤون الشرق الأوسط الأوروبيين أنهم على صواب في هذه النقطة. "الشبح المرعب للأتراك أمام بروكسل" يتجول في أوروبا. وحتى رئيس هيئة الإصلاح الدستوري للاتحاد الأوروبي فاليري جيسكارد ديستان يعتقد أن التحاق تركيا بالاتحاد الأوروبي "سيكون نهاية الاتحاد الأوروبي". خلاصة هذه الأقوال هي أن البلد الواقع على مضيق البوسفور ليس بلدا أوروبيا.